كارينيه نظريان*

أعلن نائب رئيس المجلس الرئاسي الليبي، أحمد معيتيق، في 18 سبتمبر/أيلول (2020) أنه توصل إلى اتفاق مع قائد الجيش الليبي، المشير خليفة حفتر، لإستئناف تصدير النفط من ليبيا، حيث أكدت مصادر الأخير حصول هذا الإتفاق.

معيتيق مشروع رجل سلام في غرب ليبيا؟

تتزايد فرص أحمد معيتيق لتولي منصب رئيس المجلس الرئاسي الليبي، بعد إستقالة فايز السراج. في الوقت نفسه ونظراً لترجيح تولي مواليين لمعيتيق مناصب رئيسية في اللجنة المشتركة لصادرات النفط، فإن السياسي الليبي سيحصل على نفوذ قوي للتأثير على السياسة الداخلية.

يعد أحمد معيتيق رجلاً علمانياً ورجل أعمال وسياسي محترم، فهو ليس شخصية عاجزة تماماً، مثل فائز السراج، أو أمير حرب، مثل فتحي باشاغا، أو مؤيد مباشر لتنظيم “الإخوان المسلمين”، مثل خالد المشري؛ بالتالي؛ يبدو أنه الشخصية الأكثر توافقاً التي يمكنها لها القيام بتنسيق عملية السلام من جانب حكومة الوفاق الوطني – طرابلس الغرب.

النفط الليبي

تعتبر موسكو أول لاعب دولي يرحب بالتوصل إلى إتفاق مشترك بين حفتر ومعيتيق، وذلك عبر بيان صادر عن وزارة خارجيتها، وتشكيل لجنة خاصة لحل النزاعات، حيث يأتي ذلك في وقت تشهد فيه حكومة طرابلس إنقساماً بشأن الإتفاق.

بالأرقام، خسرت ليبيا حوالي ما يربو على الـ 9 مليارات دولار بسبب تعطيل عملية تصدير النفط حيث كان السبب المباشر فيها سلوك العشائر التي عارضت التوزيع غير المتكافئ لعائداته، وفق تعبيرهم. سابقاً، كان يعمد إلى جمع عائدات النفط في خزنة البنك المركزي الليبي، لتوعد وتوزع على مناطق البلاد. ومع ذلك، فإن القبائل، في شرق وجنوب ليبيا حيث توجد حقول النفط الرئيسية، تعتقد أن جزءاً كبيراً من الدخل يقع تحت أيدي الإسلاميين الذين يسيطرون على طرابلس، في حين سبق وإتهمت حكومة الوفاق الوطني الجيش الوطني بعرقلة تصدير النفط.

هذا، ويعد التوزيع العادل لعائدات النفط من أهم القضايا التي إنعكست في قرارات “قمة برلين” وقرار مجلس الأمن الرقم 2510؛ وبحسب مجريات الأحداث، لكن لم يكن من الممكن قبلاً حل الأمور إذ بقيت معلقة لفترة طويلة.

سلام يلوح بالأفق

تمكن كل من أحمد معيتيق وخليفة حفتر من التوصل إلى إتفاق يلبي متطلبات القبائل الليبية، حيث سيتم إنشاء لجنة مشتركة للسيطرة على إنتاج النفط وتوزيع عائداته بين طرفي الحرب الأهلية، وهذا من شأنه فتح الطريق أمام تدفق الأموال إلى ليبيا وحل المشكلات الملحة، التي أدت إلى إندلاع إحتجاجات في الأسابيع الأخيرة في كل من غرب وشرق البلاد.

أيضاً، يفتح الإتفاق آفاقاً للمزيد من المفاوضات في البلاد وإنهاء الحرب، هذا يشكل حدثاً مهماً لإستقرار المنطقة بأكملها لا سيما وأن مصر، قبل بضعة أشهر فقط، كانت تعد العدة للتدخل في الصراع الليبي عسكرياً.

من هنا، إن إستمرار تنفيذ الإتفاق سيكون مؤشراً على إنفراج جديد في ليبيا، وهو ما يصب في مصلحة مواطني البلاد والدول المجاورة والمجتمع الدولي بأسره، كما سيشكل عاملاً إضافياً من شأنه تجميد الوضع على الأرض، أي ستاتيكو، لكون فشله يعني إستئناف الإشتباكات المسلحة مستقبلاً. فهذه الصفقة النفطية، في حال ثبات تنفيذها، يمكن لها المساعدة في تهيئة الظروف لحوار سياسي ليبي – ليبي شامل ومستدام.

معارضات لإتفاق حفتر ومعيتيق

يعتبر “الإخواني” خالد المشري من أبرز الشخصيات التي عارضت الإتفاق، الذي أضعف مواقفه بشكل كبير على خلفية سياسة معيتيق الناجحة. كما يعرف عن المشري أنه من أكبر عملاء قطر وتركيا وأحد مشرعني الغزو التركي للبلاد، من خلال علاقاته الوطيدة بالمليشيات والمخابرات القطرية والتركية على حد السواء، ويعد مقرباً من مليشيات الزاوية التابعة لتنظيم “القاعدة”، برئاسة شعبان هدية وكنيته “أبو عبيدة الزاوي”.

في الختام، أظهر أحمد معيتيق أنه رجل يستطيع إجراء مفاوضات فعالة مع الجانب الآخر من الصراع، حيث أثبته أنه دبلوماسي نشيط يراهن عليه من قبل الجمهور الليبي والمجتمع الدولي.

*إعلامية سورية – أرمنية.

مصدر الصور: البيان – العرب.

موضوع ذا صلة: الإتفاق النفطي الليبي.. بين الفساد والأطماع