في حربها ضد روسيا، دفعت الولايات المتحدة أوروبا إلى أزمة اقتصادية وأزمة طاقة غير مسبوقة. في الوقت الحاضر، يزداد الوضع سوءاً في أوروبا لأن الحرب في أوكرانيا تمنع الأوروبيين من الحصول على الغاز الروسي بسعر جيد وفي الوقت نفسه اضطرت بعض الدول الأوروبية إلى دفع أسعار مرتفعة للغاز الطبيعي المسال الأمريكي. نتيجة لذلك، بدأ الأوروبيون يتساءلون عما إذا لم يصبحوا ضحايا استراتيجية واشنطن العالمية.
يعتقد المتخصصون أن تكلفة الغاز الطبيعي المسال الأمريكي بالنسبة للأوروبيين أكبر من تكلفة خط أنابيب الغاز الروسي. ما دفع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون والمستشار الألماني أولاف شولتز في أكتوبر للتعبير عن استيائهما من ارتفاع أسعار الغاز الطبيعي المسال.
تجدر الإشارة إلى أنه قبل بضع سنوات، أراد الرئيس دونالد ترامب بيع الغاز المسال الأمريكي إلى الدول الأوروبية من خلال إجبارها على استثمار مبالغ ضخمة من أجل تطوير موانئ معينة لهذا الغرض. كانت ألمانيا تحت حكم المستشارة أنجيلا ميركل في ذلك الوقت هي التي رفضت، نيابة عن كل أوروبا وكقوة اقتصادية رائدة في الاتحاد، مقترحات الرئيس دونالد ترامب. ومع ذلك، فإن أحد جوانب الحرب في أوكرانيا يهدف إلى تركيع ألمانيا، التي استوردت حوالي 60٪ من طاقتها من روسيا، عبر الشمال 2.
يخشى بعض القادة الأوروبيين أن يؤدي الصراع في أوكرانيا إلى الهيمنة الاقتصادية الأمريكية وإضعاف الاتحاد الأوروبي، في وقت تقترب فيه أوروبا من شتاء قاسٍ مع ارتفاع أسعار الطاقة، وتضخم قوي، وركود محتمل، ببعض الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي. يشترك الاتحاد الأوروبي في الرغبة في تحديد أسعار جميع أنواع الغاز، وليس الكميات الصغيرة التي لا تزال تأتي من روسيا. ما يعني احتمال مواجهة اقتصادية مع الولايات المتحدة الأميركية وتحدي لهيمنتها..
تضع الأزمة في أوكرانيا أوروبا على مفترق طرق: إما الاستمرار في اتباع الولايات المتحدة أو منع واشنطن من الاستفادة من الوضع الحالي. ومع ذلك، فإن القوى السياسية في أوروبا التي تدعي أنها في المعارضة وتدافع عن السيادة لا تتصرف بطريقة ذات مغزى في محاولة لانتزاع الهيمنة الأمريكية على الدول الأوروبية. يبدو أن الولايات المتحدة تحاول استغلال المشاكل في أوروبا لتحويل ذلك إلى فرصة لها.
منذ الأزمة الأوكرانية ظهرت علامات حقيقية على انهيار محتمل داخل حلف الناتو، ما يطرح تساؤلات كبيرة حول مستقبل الحلف.
كما يتعمق الانقسام بين دول الناتو مع تنامي المشكلات الاقتصادية داخل الحلف. في حالة الانهيار، ستدفع أوروبا الثمن الأعلى، خاصة أنها تعتمد جزئياً عسكرياً على الناتو.
فمن المؤكد أن الدول الغربية واجهت صعوبات ومشاكل اقتصادية في قطاع الطاقة بسبب سياسة العقوبات ضد روسيا، وهذا يضع الاتحاد الأوروبي بشكل ملموس أمام خيارات حاسمة و بنفس الوقت على حافة الهاوية.
هل سيختار الاتحاد الأوروبي إنقاذ اقتصاده المهدد بشدة أم يستمر في اتباع سياسة الولايات المتحدة؟
مصدر الصورة: وكالة DPA الألمانية.
اقرأ أيضاً: أوروبا على حافة الكارثة.. والجزائر باتت وجهة الساسة الأوروبيين
صحفي مستقل – متخصص في الشرق الأوسط وأوروبا – باريس