إعداد: مركز سيتا

بعد آمال عديدة وتحليلات أكدت وضع ليبيا على سكة الحول السياسية، عادت التدخلات الأجنبية لتعيق الجهود الرامية للإنفتاح على أي تسوية سياسية مقبلة للبلاد، على الرغم من أن الخطاب الغربي رحب بها، لكن مع غياب آليات التنفيذ، لن تبصر البلاد مشروع حل على المديين القريب أو البعيد.

إزدواجية المعايير

تحدثت الولايات المتحدة الأمريكية مراراً حول تسخير كل جهودها لإنجاح التسويات السياسية في ليبيا هذا ما أكده ديفيد هيل نائب وزير الخارجية الأمريكية للشؤون السياسية في الخامس من أكتوبر/ تشرين الأول الجاري، حول المشاورات الوزارية بشأن ليبيا في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، حيث ذكر أن الولايات المتحدة ستعمل مع الأطراف الداخلية والخارجية للصراع في ليبيا لتسويته. في الوقت نفسه، هناك عدد من الحقائق التي تشير إلى أن واشنطن كانت مشغولة في ليبيا لفترة طويلة وعلى مستوى يصعب افتراض أنه يهدف إلى تسوية سياسية حسب زعمهم.

وكشفت وزارة العدل الأمريكية عبر وثائق رسمية نقلتها مواقع أمريكية رسمية، أن هناك مسؤولين بارزين من الإدارة الأمريكية مهمتهم التأثير على الرأي العام في الداخل الأمريكي، وعرضت الوثائق صفاً من المنظمات المسؤولة عن هذا الملف نيابة عن حكومة الوفاق الوطني الليبية التي يسيطر عليها فائز السراج، كما بينت الأخبار المستجدة في هذا الخصوص عدداً من الإتصالات والصلات عبر منظمات أمريكية عديدة منها شركة “ميركوري” مهمتها دعم وتبييض صفحة أنشطة حكومة الوفاق، في وسائل الإعلام الأمريكية.

فضح المستور

لم يقتصر الأمر على ذلك فقط، بل تعداه لأن يتكشف أن هناك شخصيات أمريكية بارزة ضالعة في تلك النشاطات، من بينهم عضو مجلس الشيوخ السابق عن ولاية لويزيانا ديفيد فيتر حيث كانت مهمته التخطيط الاستراتيجي والضغط والتواصل مع المسؤولين الأمريكيين والعلاقات العامة.

ويضاف إلى فيتر، كل من كريس كونز، وليندسي جراهام، وكريس مورفي، وماركو روبيو، وتيد ليو، وآن واغنر، وتوم مالينوفسكي. بالإضافة إلى ذلك، تضم القائمة العديد من الموظفين المحترفين في لجان مجلس النواب ومجلس الشيوخ الأمريكي بالإضافة إلى ستيفاني ويليامز المبعوث الخاص للأمم المتحدة بالإنابة إلى ليبيا، وروبرت أوبراين، الذي شغل منصب رئيس الولايات المتحدة للأمن القومي.

هذه الوثائق كشفت توجيه الإتهام إلى الجنرال خليفة حفتر وكيفية توريط روسيا وذلك حماية للمصالح الأمريكية، ووفقاً للتسريبات فإن مهام المسؤولين الأمريكيين، أن وقعت منظمة مثل جوثام، العلاقات الحكومية والاتصالات عقداً مع حكومة الوفاق الوطني الليبية. ومن مهام هؤلاء الأمريكيين إجراء مقابلات مع رئيس وزراء حكومة الوفاق الوطني فائز السراج في صحيفة واشنطن بوست، ومناقشة الخيارات التشريعية لليبيا في وزارة الخارجية الأمريكية، والبحث في الخيارات التشريعية والدبلوماسية شخصياً مع إليوت إنغل، رئيس الخارجية الأمريكية.

هل ينجح إتفاق جنيف؟

وقّع طرفا النزاع الليبي على “اتفاق دائم لوقف إطلاق النار”، إضافة إلى تحديد موعد رحيل كل المرتزقة والمقاتلين الأجانب في غضون ثلاثة أشهر من توقيع إتفاق وقف إطلاق النار، يأتي ذلك بعد محادثات استمرت خمسة أيام في الأمم المتحدة، وقالت بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا على صفحتها في فيسبوك: “تتوج محادثات اللجنة العسكرية المشتركة 5+5 في جنيف اليوم بإنجاز تاريخي حيث توصل الفرقاء الليبيون إلى اتفاق دائم لوقف إطلاق النار في جميع أنحاء ليبيا. ويمثل هذا الإنجاز نقطة تحول هامة نحو تحقيق السلام والاستقرار في ليبيا”، هذا من جهة.

من جهة أخرى، قال الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، إن اتفاق وقف إطلاق النار في ليبيا الذي تم الاتفاق عليه، اليوم الجمعة، “خطوة أساسية نحو السلام والاستقرار” في الدولة، لكن هناك الكثير من العمل الشاق في الانتظار، كما رحبت السفارة الأميركية في ليبيا بالاتفاق، وأكدت أنه “يمثل خطوة كبيرة إلى الأمام نحو تحقيق المصالح المشتركة لجميع الليبيين في خفض التصعيد والاستقرار ورحيل المقاتلين الأجانب”.

دعم الإسلاميين

هذه الوثائق كشفت وضعاً كان واضحاً لكن لم يكن ليطفو على سطح المشهد الليبي لولا أن وثقته تلك التسريبات، فلقد تم الكشف عن دور منظمة جوثام عن ترتيب مقابلات في صحيفة واشنطن تايمز مع وزير داخلية حكومة الوفاق الوطني فتحي باشاغا، المعروف بصلاته بالمسلحين وتنظيم الإخوان المسلمين، وفي الصفقة المبرمة، تحتوي أرشيفات وزارة العدل الأمريكية على الكثير من الوثائق التي تكشف عن أنشطة غامضة، من بينها بيان صحفي يتكون من بيان صادر عن منظمة جوثام الممثلة لحكومة الوفاق الوطني في الولايات المتحدة تعرب عن امتنانها لدونالد ترامب لإغتيال الجنرال الإيراني قاسم سليماني، كما أن التقارير كشفت عن تعامل هؤلاء مع الدول الداعمة للتنظيمات الإسلامية.

فعلى سبيل المثال، مثّل ستيفن هيلتون مصالح كل من حكومة الوفاق الوطني والولايات المتحدة لا سيما مجلس الأعمال التركي، وكذلك السفارة التركية. وينطبق الشيء نفسه على عاملة أخرى في الشؤون العامة في ميركوري – سهيلة تايلا وهي مواطنة تركية وديفيد فيتر، الذي سبق ذكره، يشارك بالمصادفة نفس قائمة العملاء، وأيضاً كاثرين لويس وكايلي أوترباخر من موظفي الشؤون العامة في ميركوري والذين يتفاعلون في وقت واحد مع سفارة قطر، والجدير بالذكر أن هذه النشاطات منسقة مع وسائل إعلام قوية مثل أسوشيتد برس، بلومبرغ، الجزيرة، الغارديان، بي بي سي نيوز، رويترز، واشنطن بوست، ديلي سيغنال، فوكس نيوز، فرانس 24، إن بي سي نيوز، وكالة فرانس برس، التايم، وول ستريت جورنال، فوربس، ذا صن، إندبندنت، تلغراف، والعديد من الوسائل الأخرى، التي ستبقى هي الأقوى على المستوى العالمي وتبقى هي الشفافة والموثوق بها وبكل الأخبار التي تستعرضها.

أخيراً، إن الأزمة الليبية وإن حققت تحسناً كبيراً في الوضع الإقتصادي الليبي، لكن الوضع السياسي لا يراد له أن يبصر النور، فلقد أرسلت أنقرة مؤخراً العديد من شحنات الأسلحة المتطورة منها دبابات “إم 60” وسفن حربية، وهذا يؤكد أن فصولاً جديدة للأزمة الليبية ستبصر النور قريباً بمساعٍ إقليمية ودولية، وكله تحت إشراف ومرأى من الولايات المتحدة الأمريكية، وعبر قوات أفريكوم المزروعة في القارة الأفريقية لمتابعة كل التطورات والتدخل حين اللزوم.

مصدر الأخبار: سيتا + وكالات.

مصدر الصور: سكاي نيوز عربية + العربية

موضوع ذا صلة: ليبيا.. تبادل الأدوار وكشف الأوراق