إعداد: يارا انبيعة

فضيحة كونية كبرى، بحق كل المواثيق الدولية، هدفها إعادة انتاج اتفاق نووي جديد، من خلال الضغط على إيران من أجل تحميل هذا الملف شروطا جديدة، كفك حلف المقاومة بمواجهة كيان الإحتلال الإسرائيلي، وهو ماعمل عليه كيان الإحتلال خلال العامين الماضيين.

قرر جاء على لسان الرئيس الأميركي، دونالد ترمب الثلاثاء 8مايو/ أيار2018، والذي يقضي بالانسحاب من الاتفاق النووي الإيراني.

النووي الإيراني كارثي

نعت الرئيس الأميركي الاتفاق النووي بـ”الكارثي”، وقال في كلمة متلفزة ألقاها في البيت الأبيض: أعلن اليوم انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي الإيراني، الذي وقع مع القوى الكبرى العام 2015.

وقال إن الاتفاق النووي كان لمصلحة إيران ولم يحقق السلم، وإن إلغاء الاتفاق النووي مع إيران سيجعل أميركا أكثر أمانا، وأضاف ترمب أن النظام الإيراني يشعل الصراعات في الشرق الأوسط، ويدعم المنظمات الإرهابية.

وأردف ترامب أن النظام الإيراني موّل الفوضى واعتدى على جنودنا، وحوّل مواطنيه إلى رهائن، ومستقبل إيران عائد لشعبها، مشيرا إلى أن الشعب الأميركي يقف إلى جانب الشعب الإيراني، وتابع ترامب، حصل ما يكفي من المعاناة والموت والدمار الذي تسببت به إيران، وسنعمل مع حلفائنا للتوصل إلى حلول حقيقية للتهديد الإيراني النووي، لافتا إلى أنه مستعد للتفاوض على اتفاق جديد مع إيران عندما تكون مستعدة.

وأضاف، بعد لحظات، سأوقع أمرا رئاسيا للبدء بإعادة العمل بالعقوبات الأميركية المرتبطة بالبرنامج النووي للنظام الإيراني، سنفرض أكبر قدر من العقوبات الاقتصادية.

ونبه إلى أن كل بلد يساعد إيران في سعيها إلى الأسلحة النووية يمكن أن تفرض عليه الولايات المتحدة أيضا عقوبات شديدة، وقال ترامب: “لدينا اليوم الدليل القاطع على أن الوعد الإيراني كان كذبة”.

وشدد الرئيس الأميركي على أن إيران تستحق حكومة أفضل، وأكد أن مستقبل إيران ملك لشعبها، وأن الإيرانيين يستحقون أمة تحقق أحلامهم وتحترم تاريخهم.

أمريكا فشلت

في كلمة ألقاها من طهران ردا على انسحاب واشنطن من الاتفاق النووي، أكد الرئيس الإيراني حسن روحاني، أن أمريكا فشلت بالالتزام بتعهداتها الدولية في الاتفاق النووي، وِاشار إلى أن الاتفاق لم يكن ثنائيا، بل كان دوليا ومصادق عليه من قبل الأمم المتحدة ومجلس الأمن.

وقال روحاني إن أمريكا لم تلتزم بتعهداتها في الاتفاق، وأشار إلى أن واشنطن كانت دائما تعادي إيران، وشعوب دول المنطقة، مثل أفغانستان والعراق واليمن. وأكد أن طهران اتخذت الإجراءات اللازمة تحسبا لهذه الخطوة الأمريكية، دون أن يكشف عن تفاصيله.

وأضاف أن إيران ستجري مشاورات مع الدول المعنية بالاتفاق النووي، مضيفا أنه سيجري مباحثات مع روسيا والصين قريبا على خلفية انسحاب واشنطن، وأفاد الرئيس الإيراني بأنه ومنذ هذه اللحظة الاتفاق بين إيران و5 دول فقط، مشددا على أن مجلس الأمن صادق على الاتفاق النووي وواشنطن أعلنت رسميا عدم احترام كل الاتفاقيات الدولية.

وقال روحاني إن طهران مستعدة لاستئناف أنشطتها النووية بعد إجراء محادثات مع الأعضاء الأوروبيين الموقعين على الاتفاق، وبخصوص الأوضاع الإقتصادية، أكد روحاني أنه تم وضع خطة لتأمين العملات الصعبة بالبلاد.

سنحافظ على الاتفاق

رغم إعلان الرئيس ترامب الانسحاب، دعت مسؤولة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي، فيدريكا موغيريني، المجتمع الدولي إلى الالتزام بالاتفاق النووي مع إيران، وقالت موغيريني: إنني قلقة بشكل خاص بشأن إعلان فرض عقوبات جديدة.

وقالت معلقة: إن الاتحاد الأوروبي عازم على الحفاظ عليه الاتفاق، سوف نحافظ على هذا الاتفاق النووي بالتعاون مع بقية المجتمع الدولي.

بدوره، دعا الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، الدول الخمس التي شاركت مع الولايات المتحدة فى 2015، فى إبرام الاتفاق النووي مع إيران إلى الوفاء بالتزاماتها تماما، وقال جوتيريش فى بيان: أنا قلق بشدة حيال إعلان انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق واستئناف العمل بالعقوبات الأمريكية.

إبداء ضبط النفس

أعلنت رئيسة وزراء بريطانيا، تيريزا ماي، والمستشارة الألمانية، أنجيلا ميركل، والرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، اتفاقهم على مواصلة تطبيق التزامات دولهم بموجب الصفقة النووية مع إيران.

وقال الزعماء الـ3، في بيان مشترك، “إن فرنسا وألمانيا والمملكة المتحدة تعرب عن قلقها وأسفها من قرار الولايات المتحدة بالانسحاب من الإتفاق النووي، وأكدوا، إننا نشدد بشكل مشترك على التزامنا بخطة العمل الشاملة المشتركة، إن هذا الاتفاق لا يزال مهما بالنسبة لأمننا الجماعي.

واعتبر زعماء بريطانيا وألمانيا وفرنسا، أن العالم أصبح آمنا بشكل أكبر بفضل خطة العمل المشتركة، ودعوا الولايات المتحدة إلى تجنب خطوات قد تمنع الأطراف الأخرى للاتفاق من تطبيق هذه الصفقة.

كما دعا ماي وميركل وماكرون السلطات الإيرانية إلى إبداء ضبط النفس والالتزام بتعهداتها في إطار الاتفاق النووي. 

دمشق تدين

أدانت وزارة الخارجية السورية بشدة قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، مصدر رسمي في وزارة الخارجية قال: تدين الجمهورية العربية السورية بشدة قرار الرئيس الأمريكي بالانسحاب من الاتفاق النووي مع إيران، الأمر الذي يثبت مجددا تنكر الولايات المتحدة وعدم التزامها بالمعاهدات والاتفاقيات الدولية.

وأضاف المصدر، أن سوريا اذ تجدد تضامنها الكامل مع الجمهورية الإسلامية الإيرانية قيادة وحكومة وشعبا فإنها واثقة تماما بقدرة إيران على تجاوز تداعيات الموقف العدواني للإدارة الأمريكية والذي يؤثر في أمن واستقرار المنطقة والعالم.

وأشار المصدر إلى أن ردود الفعل الدولية المنددة والمستنكرة للقرار الأمريكي أظهرت عزلة الولايات المتحدة وخطأ سياساتها التي من شأنها زيادة التوترات في العالم.

إيران التزمت بكامل التعهدات

أدانت روسيا بشدة قرار الرئيس الأمريكي، وأكدت عزمها على مواصلة التعاون الثنائي والحوار السياسي مع الجمهورية الإسلامية، وأعربت وزارة الخارجية الروسية في بيان، عن الأسف العميق لروسيا من القرار.

واعتبرت الخارجية الروسية، أن خطة العمل المشتركة الشاملة تمثل اتفاقا دوليا بالغ الأهمية لا سيما وأنه تمت المصادقة عليه بقرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة رقم 2231 الصادر عام 2015، إنه ليس ملكا للولايات المتحدة فقط ولكنه إنجاز للمجتمع الدولي كله، الذي أكد مرارا على اهتمامه بالحفاظ عليه وتطبيقه الصارم والمستدام في مصلحة تعزيز السلم والأمن دوليا وإقليميا، وكذلك تعزيز نظام منع انتشار الأسلحة النووية”.

وشددت الوزارة على قلق روسيا من أن الولايات المتحدة تتصرف من جديد خلافا لرأي أغلبية الدول وخدمة لمصالحها الأنانية الضيقة فقط، منتهكة بشكل سافر قواعد القانون الدولي، وأكدت أن لا أساس لتقويض خطة العمل المشتركة، التي أثبتت فاعليتها الكاملة وتتعامل بشكل فعال مع جميع الأهداف الموضوعة أمامها.

وأشارت إلى أن، إيران تلتزم بصورة صارمة بكل التعهدات التي تحملتها، الأمر الذي تؤكده دوريا الوكالة الدولية للطاقة الذرية، وأضافت: إننا نؤيد هذا التقدير تأييدا كاملا ونرحب به.

مؤيدون عرب

خليجيا، أعلنت دول الخليج تأييدها الخطوات التي أعلنها الرئيس الأميركي لجهة انسحاب بلاده من الاتفاق النووي الإيراني.
وأعلنت وزارة الخارجية السعودية على حسابها على موقع “تويتر” تأييدها لإعادة فرض العقوبات الاقتصادية على إيران التي كانت علقت بموجب الاتفاق النووي، واتهمت الرياض طهران بأنها استغلت العائد الاقتصادي من رفع العقوبات عليها واستخدمته للاستمرار في أنشطتها المزعزعة لاستقرار المنطقة وخصوصا من خلال تطوير صواريخها البالستية ودعهما الجماعات الإرهابية بما في ذلك حزب الله وميليشيا الحوثي في لبنان واليمن.
من جهتها، أعلنت مملكة البحرين تأييدها قرار ترامب، وأكدت وزارة الخارجية البحرينية في بيان دعمها التام لهذا القرار الذي يعكس التزام الولايات المتحدة بالتصدي للسياسات الإيرانية ومحاولاتها المستمرة لتصدير الإرهاب في المنطقة دون أدنى التزام بالقوانين والأعراف الدولية، وأشارت إلى أن هذا الاتفاق (النووي) قد حمل العديد من النواقص وأهمها عدم التطرق إلى برنامج إيران للصواريخ الباليستية وتهديدها لأمن واستقرار المنطقة من خلال التدخل في شؤون دولها الداخلية ودعم الميلشيات الإرهابية التابعة لإيران في هذه الدول.
وفي أبو ظبي، أعلنت الامارات تأييدها قرار ترامب للأسباب التي أوردها في كلمته الليلة والتي لا تضمن عدم حصول إيران على السلاح النووي في المستقبل،  كما رحبت باستراتيجيته في هذا الخصوص، ودعت وزارة الخارجية والتعاون الدولي في بيان المجتمع الدولي والدول المشاركة في الاتفاق النووي إلى الاستجابة لموقف الرئيس ترامب لإخلاء منطقة الشرق الأوسط من الأسلحة النووية وغيرها من أسلحة الدمار الشامل وذلك من أجل الحفاظ على الأمن والاستقرار الدولي.

اليمن لم يغب عن التصريحات،حيث رحبت الحكومة اليمنية بقرار الرئيس الأمريكي، وقالت وزارة الخارجية في بيان صحافي، “ترحب الجمهورية اليمنية وتؤيد قرار الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، بإنهاء مشاركة الولايات المتحدة في خطة العمل المشتركة الشاملة مع إيران، وأوضحت الخارجية أن اليمن يدرك بأن الاتفاق النووي مع إيران قد فشل في حماية المصالح الحيوية ليس فقط للولايات المتحدة الأمريكية ولكن أيضا لحلفائها وشركائها في الشرق الأوسط، بما في ذلك اليمن، فقد استغل النظام الإيراني الفوائد التي حصل علينا من الاتفاق النووي، وعمل على تصدير العنف والإرهاب إلى جيرانه في المنطقة وذلك في إطار أجندته وأطماعه التوسعية الخبيثة في المنطقة.

 

تغيير الأسلوب الإيراني

فيما صرح الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط، في افتتاح أعمال المؤتمر العالم للمنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم في تونس، تعليقا على انسحاب الولايات المتحدة، إن هناك حاجة لمراجعة اتفاق خطة العمل المشتركة التي أبرمتها قوى دولية مع إيران لمراقبة أدائها النووي.

وأضاف أن الاتفاق الذي أبرم في 2015 كان يتناول بشكل حصري الشق النووي في الأداء الإيراني، ولطالما قلنا إن هذا العنصر على أهميته ليس العنصر الوحيد الذي يجب متابعته مع إيران، وأكد أبو الغيط أن إيران تنفذ سياسات في المنطقة تفضي إلى عدم الاستقرار، وهي حتى بدون البعد النووي تتبع سياسات نعترض عليها، لأنها تستند إلى الإمساك بأوراق عربية في مواجهتها مع الغرب.

وأوضح أن قرارات القمم العربية الأخيرة في الأردن والسعودية كشفت عن ضيق عربي شديد إزاء الأسلوب الإيراني في المنطقة العربية ورغبة في تغييره، وقال أبو الغيط: إن إيران تحتاج إلى إعادة نظر جادة في هذا النهج، إذا كانت ترغب بالفعل في إقامة علاقات حسن جوار حقيقية مع الدول العربية.

خطأ جسيم

أعرب الرئيس الأمريكي السابق، باراك أوباما، عن قلقه من انسحاب الولايات المتحدة من الصفقة المشتركة حول الملف النووي الإيراني، وقال: خطة العمل المشتركة كانت مثالا لما يمكن أن تتوصل له الدبلوماسية، ونظام المراقبة والتصديق هو ما يجب على الولايات المتحدة العمل عليه.

وتابع أوباما، في الوقت الذي نقلق فيه جميعا بشأن نجاح الدبلوماسية مع كوريا الشمالية، إن الانسحاب من خطة العمل المشتركة يهدد بفقدان الصفقة مع إيران والتي تماثل ما نتطلع إليه مع كوريا الشمالية، وأوضح أوباما، اعتقد أن قرار تعريض الاتفاق للخطر دون أي انتهاك من جانب إيران هو خطأ جسيم.

مصممون على المنع

كتب “نتنياهو” عبر حسابه الرسمي “تويتر”، سلسلة من التغريدات، قائلا “الرئيس ترامب اتخذ اليوم قراراً شجاعاً وقراراً صائباً، فلو بقيت الاتفاقية النووية مع إيران على حالها، لسمحت لإيران فى غضون سنوات معدودة بتخصيب ما يكفي من اليورانيوم لإنتاج ترسانة كاملة من القنابل النووية.

وتابع، منذ بضعة أشهر إيران تعمل على نقل أسلحة فتاكة إلى قواتها فى سوريا بغرض الاعتداء على إسرائيل والمساس بها، إن إيران تصرح علنيةً أنها تبتغى الاتخاذ من سوريا قاعدةً أماميةً تشن منها هجمات علينا، إننا مصممون على منع الجيش الإيراني من التموضع في سوريا ضدنا وسنرد بقوة على أى اعتداء على أراضينا، إن الجيش جاهز فكل من يختبرنا سيشاهد مدى قوتنا.

وأشار إلى أن ذلك ما تفعله إيران دون امتلاكها للأسلحة النووية، فأدعوكم إلى أن تتخيلوا ماذا ستفعله إيران لو امتلكت تلك الأسلحة بالإضافة إلى المليارات من الدولارات التى ستحصل عليها جراء رفع العقوبات من أجل تمويل إرهابها وعدوانها، وهذا الذي كان سيحدث بصورة مؤكدة لو بقيت هذه الاتفاقية على حالها.

 

نزاعات جديدة

أما اسطنبول، فقد حذرت تركيا من أن قرار ترامب الانسحاب من الاتفاق النووي الإيراني يهدد باندلاع نزاعات جديدة، الرئيس التركي رجب طيب أردوغان قال لشبكة سي أن أن الأمريكية إن الولايات المتحدة ستكون الخاسر من قرار الرئيس دونالد ترامب الانسحاب من الاتفاق النووي مع إيران، وأضاف، إن الولايات المتحدة لم تف بالاتفاق الذي توصلت إليه.

وكتب المتحدث باسم الرئاسة التركية ابراهيم كالين على تويتر، أن الانسحاب الأحادي للولايات المتحدة من الاتفاق حول النووي هو قرار سيتسبب بعدم الاستقرار.

تراجع اقتصادي

وبعد إلقاء ترامب كلمة من البيت الأبيض أعلن فيها أن واشنطن قررت الانسحاب من الاتفاق، تراجعت أسعار النفط 1.67 دولارا، وبعدها، ارتفع خام برنت بأكثر من 0.25 بالمئة عند 75.65 دولار، كما قلص النفط الأميركي الخفيف الخسائر إلى أقل من 0.4 بالمئة عند مستويات 69.68 دولار.

وكانت أسعار النفط قد تراجعت عن أعلى مستوى لها في 3 أعوام ونصف العام، وقطاع النفط الإيراني سيكون أكبر متضرر من إعادة فرض العقوبات، لا سيما أنه أبرز مصدر للدخل في البلاد، وكانت إيران بحاجة إلى دعم من شركات غربية لتطوير هذا القطاع المنهك.

وكان محللون في باركليز ريسيرتش قالوا: إن الانسحاب من الاتفاق وإعادة فرض العقوبات سيؤدي إلى انخفاض كبير في مبيعات النفط الإيرانية خلال ستة أشهر، كما ذكر محللون في (آر.بي.سي كابيتال ماركتس) أن صادرات إيران قد تنخفض بواقع 200 ألف إلى 300 ألف برميل نتيجة لذلك، بيد أن مسؤولين إيرانيين قالوا إن صناعة بلادهم النفطية ستواصل التطور.

مصدر الأخبار: وكالات

مصدر الصور: بي بي سي_ الحياة.