د. فرزين نديمي**

في 16 ديسمبر/كانون الأول 2020، ألقى آية الله علي خامنئي كلمة أمام لجنة تم تشكيلها لإحياء ذكرى مقتل قائد فيلق القدق الإيراني، اللواء قاسم سليماني، الذي لقي حتفه في ضربة عسكرية أمريكية في بغداد قبل نحو عام. وبحضور عائلة سليماني، وضع المرشد الأعلى إستراتيجية النظام للإنتقام من الهجوم، وصنف مدى خطورة العواقب المختلفة التي قد تعاني منها أمريكا بسبب “غطرستها” في المنطقة. ومع ذلك، فقد فصَّل بعناية هذه النقاط الجيو – سياسية عن الإنتقام المحدد الذي ستتخذه إيران كما وعد عن مقتل الجنرال الراحل.

وفقاً لخامنئي، إن مظاهرة جنازة “المليون رجل”، التي أقيمت لسليماني، والضربة الصاروخية الإنتقامية اللاحقة على المنشآت العسكرية الأمريكية في “قاعدة عين الأسد” الجوية كانتا بمثابة “صفعات قاسية” على وجه العدو. ومع ذلك، فمن وجهة نظره، ستتمثل الصفعة الأكثر قسوة في “التغلب على العظمة الجوفاء للإمبريالية” بإستخدام “القوة الناعمة”، وهي مهمة غير حركية أوكلها إلى فئة الشباب والنخبة العلمية في إيران. وبالنسبة إلى الخطوة التالية على سلم الصفعات التصعيدية، فقد توقع طرد جميع الأمريكيين من المنطقة، الأمر الذي قال إنه يتطلب جهداً ومقاومة كاملين من الشرق الأوسط بأكمله. غير أنه لم يحدد أي جدول زمني لتحقيق هذه الأهداف النبيلة.

كما وعد خامنئي صراحة بـ “الإنتقام” من أولئك الذين أمروا بقتل سليماني ونفذوه. وعند تحديد المسؤولين الأمريكيين المسؤولين عن إتخاذ القرارات الحركية في المنطقة، عادة ما ينسب المسؤولون الإيرانيون هذه القرارات إلى الرئيس، وموظفي الأمن القومي التابعين له، ووزارة الدفاع – البنتاغون، والقيادة المركزية الأمريكية. وبغض النظر عن الجهة التي سيلقى عليها اللوم بنهاية المطاف في هذه القضية، أعلن خامنئي أن إنتقام إيران سيأتي “في أي زمان ممكن.. كلما سنحت الفرصة. نحن ننتظر الوقت المناسب”.

وعلى الرغم من قساوة لهجته، إلا أن هذا الخطاب بالذات لم ينص صراحة على إستخدام إيران لمجموعاتها الوكيلة أو وسائل أخرى لتصعيد الوضع وإرغام الولايات المتحدة على الخروج من الشرق الأوسط. على العكس من ذلك، شدد خامنئي على “صفعة” القوة الناعمة ربما كأكثر رد مناسب في الوقت الحالي. كما دعا إلى تحقيق تقدم تكنولوجي وعلمي وعسكري متسارع لتعزيز قوة الردع الإيرانية ضد العدو، الأمر الذي يشير أيضاً إلى أن الوقت الحالي قد لا يكون أفضل وقت لمواجهة أوسع.

وفيما يتعلق بالمفاوضات المحتملة مع إدارة جو بايدن المقبلة، أمر خامنئي ضمناً بالإستمرار في السياسة الخارجية الإيرانية، وهي رسالة تحذير واضحة للرئيس الإيراني حسن روحاني وشخصيات أخرى دعت بشكل متزايد إلى إجراء محادثات سريعة مع القيادة الأمريكية الجديدة. وكجزء من هذا التحذير، حث خامنئي المسؤولين الإيرانيين على عدم تعليق آمالهم على أي تغيير مهم في واشنطن وعدم الثقة بأي من “أعداء” إيران. وتم تطبيق التسمية الأخيرة على كل من أمريكا و”الدول الأوروبية الثلاث تعاملت مع إيران بمنتهى اللؤم والنفاق … تجاه الأمة الإيرانية”، أي بريطانيا وفرنسا وألمانيا. وكانت هذه التصريحات معبرة بشكل خاص، لأنها صدرت في اليوم نفسه الذي أعرب فيه الرئيس روحاني عن يقينه من عودة إدارة بايدن إلى الإتفاق النووي وإنهاء العقوبات.

وعلى الرغم من أن خامنئي أوصى بشدة بعدم إجراء مفاوضات مع الولايات المتحدة في هذه المرحلة، إلا أنه حدد بعض القواعد الأساسية الضمنية للمحادثات المستقبلية المحتملة. ومن خلال إنتقاد الإنشقاقات الداخلية في إيران والدعوة إلى تكوين صوت موحد بين الفصائل المختلفة، كان يقول بشكل خاص إنه حالما يتخذ النظام قراراً بشأن المسار المتبع في المسألة النووية، فسيتعين على الجميع إتباع مساره ودعمه. ومع ذلك، فمن المرجح أن تشهد المرحلة التي تسبق الإنتخابات الرئاسية الإيرانية، في مايو/أيار (2021)، قدراً كبيراً من الرسائل المتباينة والمربكة في كثير من الأحيان حول موضوع المفاوضات والعقوبات.

*العنوان الأساسي: “خامنئي يعرض إطار عملٍ للانتقام على مقتل سليماني وإعادة الدخول في المحادثات”

**باحث زميل مشارك في معهد واشنطن ومتخصص في شؤون الأمن والدفاع المتعلقة بإيران ومنطقة الخليج.

المصدر: معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى.

مصدر الصورة: ميدل إيست أونلاين.

موضوع ذا صلة: طائرات أمريكية إلى قاعدة الظفرة.. هل يُنهي ترامب ولايته بقصف إيران؟