تيم آلبر

برز المخلل الكوري “كيمتشي” كطعام مستحدث جذب انتباه الطهاة والذواقة في جميع أنحاء العالم في السنوات الأخيرة. هذا ليس فقط لأن “كيمتشي” صحي، ولكن أيضاً بفضل طعمه الحار الفريد.

أن ما يسميه معظم الأجانب حول العالم “كيمتشي” هو مخلل الملفوف، حيث يصنّع من الملفوف المملح والفجل والثوم ومسحوق الفلفل الأحمر ومكونات أخرى. ويحتوي “كيمتشي” على الكثير من مضادات الأكسدة والمواد الكيميائية النباتية المفيدة كمضادات للسرطان ويحتوي أيضاً على حمض اللاكتيك المفيد لجسمنا. لهذا السبب، يحظى “كيمتشي” بتقدير كبير في صناعة الأغذية الصحية سريعة النمو.

في البلدان الأجنبية يشتري، معظم الناس “كيمتشي” من المتاجر أو يصنعون بعضه في المنزل، لكن الطريقة التقليدية لتحضير “كيمتشي” في كوريا الجنوبية مختلفة تماماً. وطريقة تخليل وتحضير “كيمتشي” تسمى “كيمجانغ”، وتعني “ثقافة صنع كيمتشي ومشاركته”. أيضاً، تم إدراجه على قائمة التراث الثقافي غير المادي لليونسكو العام 2013.

غالباً، ما يتم تشجيع أي شخص مهتم بـ “كيمتشي” على الأقل على زيارة كوريا الجنوبية في نوفمبر/تشرين الثاني. بالطبع، سيكون ذلك ممكنًا بعد انتهاء أزمة “كورونا”، أو “كوفيد – 19″، لكن نوفمبر هو “موسم تخليل الكمتشي” الكوري.

في هذا الوقت، من السهل رؤية شاحنات مليئة بالكرنب والفجل الطازج وهي تتجه إلى الأسواق ومحلات البقالة وحتى المنازل.

حدث سنوي خاص

تزداد مبيعات مكونات “كيمتشي” مع قرب موسم تخليله، وذلك لأن عملية تخليله تقام مرة واحدة في العام. حيث جرت العادة على إعداد كمية كبيرة منه التي تكفي موسم الشتاء الذي يصعب فيه وجود نبات الملفوف. يستمر الحدث السنوي لـ “كيمجانغ” أو تخليل الملفوف لعدة أيام، ويحتاج إلى مشاركة ليس فقط كل أفراد العائلة ولكن أيضا مشاركة الجيران لكونه حدثاً كبيراً.

تبدأ عملية “كيمجانغ” بنقع الملفوف مقسم إلى نصفين أو أربعة أنصاف في يوم واحد، لمنع الملفوف من التلف لاحقاً. وبذلك، تزداد لذة طعم “كيمتشي” مع مرور الوقت خلال هذه العملية.

ثم يتم تصفية الكرنب المملح وإضافة الزنجبيل والثوم والفجل ومسحوق الفلفل الأحمر والجزر لتحضير صلصة “كيمتشي” الحمراء. كما يتم إضافة الأنشوجة المملحة أو الجمبري المملح أو كليهما لإضافة نكهة. في الآونة الأخيرة، تكتسب طريقة “كيمجانغ” شعبية لدى النباتيين أيضاً.

بالإضافة إلى هذه الطريقة، كثير من الناس لديهم وصفاتهم الخاصة بهم لصنع “كيمتشي” الملفوف. وبعض الناس يطحنون الكمثرى لإضافة طعم حلو، أو يضيفون البصل الأخضر لإضافة مضادات الأكسدة والتوابل. لا ينبغي الخلط بين البصل الأخضر والكراث الغربي الكبير. أيضاً، يمكن استخدام الثوم الأخضر والبصل الأصفر (البصل الإسباني).

تعد طرق صنع حساء “كيمتشي” فريدة ومتنوعة مثل عدد الكوريين، لكن هناك شيء واحد مشترك بينها. تتم عملية تقطيع المكونات وخلطها يدوياً، وهذا العمل الشاق يستمر لفترة طويلة. الطريقة التقليدية لصنع “كيمتشي” تعني عدم استخدام الخلاط أو المكونات المعدة مسبقاً في السوبر ماركت.

بعد الإنتهاء من هذه العملية، يستمر العمل على إضافة كمية كافية من “كيمتشي” بسخاء إلى كل ورقة ملفوف. عندما تضع كل “كيمتشي” المحشو بين أوراق الملفوف، لف الملفوف بالأوراق الخارجية له، كما لو كنت تلف عبوة. قديماً، كان الناس يخزنون “كيمتشي” بكمية كبيرة عن طريق حفر الأرض ودفن قدرٍ كبير يحتوي على “كيمتشي”. ومع ذلك، نظراً لأن العديد من الأشخاص يعيشون في شقق هذه الأيام، يتم تقسيمه في حاويات وتخزينه في ثلاجة “كيمتشي”.

طعم الترابط

“كيمتشي” هو طعام يمكن العثور عليه في أي مكان في كوريا. هناك أشخاص يأكلونه مع كل وجبة. لذلك، يبذل الكثير من الجهد في عملية “كيمجانغ”. ففي كوريا، تصنع عائلة مكونة من أربعة أفراد حوالي 50 قطعة من “كيمتشي” الملفوف وتقطعه لتسهيل تناوله في كل وجبة.

لقد عملت كصحفي مختص في طعام في كوريا لسنوات عديدة، ولحسن الحظ قابلت خبراء مشهورين مختصين بإعداد “كيمتشي” والذين تم الاعتراف بهم من قبل الأوساط الأكاديمية والحكومية.

قام خبراء إعداد “كيمتشي” برفع قيمته إلى حالة من العلم والفن الدقيق. على الرغم من احترامي للخبراء المختصين بها، إلا أنه يبعد كل البعد عن العلم أو الفن. وبدلاً من ذلك، فإن “كيمتشي” يتعلق أمره بالوعي الإجتماعي.

المشاركة والتعاون

لا يعني تتبيل جميع أوراق الملفوف حتى النهاية أن عملية تخليل “كيمتشي” قد انتهت. فإن الخطوة التالية هي مشاركة، حيث قد ذُكر بدقة على قائمة التراث الثقافي غير المادي لليونسكو، لعام 2013. ويمكننا أن نرى أن الكوريين يتقاسمون “كيمتشي” مع عائلتهم وجيرانهم وأصدقائهم وزمائلهم، تماماً كما كانوا يفعلون في الماضي، حيث كانوا يعيشون في قرية ومعاً ويتشاركون “كيمتشي” مع جميع جيرانهم.

كل عام، تمتلئ ثلاجتي بـ “كيمتشي” الطازج من أمهات أصدقائي أو جداتهم. عندما أتلقى “كيمتشي” كهدية، أشعر دائماً بالحب. يبدو الأمر وكأنك جزء من هذا المجتمع.

وتقوم الشركات الكبيرة والصغيرة وموظفو مجلس المدينة وجمعيات الإسكان بإنشاء خيام كبيرة وعقد فعاليات إعداد “كيمتشي” لتوزيعها على الجيران المحتاجين.

الآن، أتناول “كيمتشي” الذي يناسب الأذواق الكورية في لندن. ومع ذلك، فإن أهم عنصر فيها وهو “الشعور بالإنتماء”، مفقود دائماً. يمكن لأي شخص صنع “كيمتشي” بمفرده، لكن “كيمتشي” تجربة اجتماعية فريدة لا يمكن القيام بها بمفردنا.

المصدر: شبكة كوريا الجنوبية.

مصدر الصورة: عالم كوريا – Chowhound.

موضوع ذا صلة: قطاع الألبان الياباني.. تحويل الجائحة إلى فرصة