إعداد: مركز سيتا

مناورات عسكرية إيرانية خاصة، في أجواءٍ خاصة، جرت وسط جو مشحون بالتوتر مع الولايات المتحدة في منطقة الخليج، إن من النادر أن تُجرى مناورات خاصة بالطائرات المسيرة. لكن وبالنظر إلى الأهمية التي بدأ يكتسيها هذا السلاح في الحروب الحديثة، فإن إجراء هذه المناورات لا يخلو من دلالات.

إستعراض “القوة”

إن القوات الإيرانية بمناوراتها هذه تجرب طائرات مسيرة محلية الصنع، من أنواع مختلفة، منها ما يستخدم للهجوم، ومنها ما يستخدم لإعتراض قذائف العدو، ومنها ما يخصص لمهمات إستطلاعية، إذ يبدو من حجم هذه المناورات أن الجيش الإيراني يريد إرسال رسلة أو تحذير ما إلى من يهمه الأمر مفادها أن هذا السلاح الصغير والمؤثر بات يشكل قوة ردع لا يستهان بها، خصوصاً وأن العديد من الهجمات التي نفذت في المنطقة كانت تشير إلى “إصبع” إيران فيها وتحميلها المسؤوليتين المباشرة وغير المباشرة عنها.

وبالتزامن مع هذه المناورات، استبعد المتحدث بإسم الحكومة الإيرانية، علي ربيعي، أن تُقدم الولايات المتحدة على مغامرة في المنطقة، قائلاً “إن واشنطن تدرك مدى قوة الردع الإيرانية”.

إستعداد عسكري

يأتي تنفيذ المناورات الإيرانية هذه، بعد أن كشفت قناة “سي.أن.أن” الأمريكية أن الرئيس المنتهية ولايته، دونالد ترامب، هو من وجه رئيس دفاعه بالوكالة، كريستوفر ميلر، للإبقاء على حاملة الطائرات “نيميتز” بموقعها في منطقة عمليات المنطقة الوسطى، وكما ذكرت القناة أيضاً، نقلاً عن مسؤول في وزارة الدفاع – البنتاغون، أن قرار ميلر خفض التصعيد فاجأ كبار القادة، وأن القيادة الوسطى أرادت إبقاء حاملة الطائرات في المنطقة، بسبب التهديدات الإيرانية.

إلى ذلك، تأتي المناورة أيضاً في سياق الإستعدادات العسكرية الإيرانية لمواجهة أي عمل أمني محتمل قد تقوم به الولايات المتحدة خلال الفترة المتبقية لولاية الرئيس ترامب.

الرسائل والدلالات

لا شك بأن المناورات الإيرانية تحمل رسائل بالغة الأهمية، وليس رسائل أمن وسلام فقط بل ردع أيضاً. لقد حذرت الخارجية الإيرانية، دولاً في الخليج، من الإنخراط في أية حرب محتملة، كما توجهت بالقول أيضاً إلى إسرائيل التي “تلعب بالنار”، حيث أكد المسؤولون الإيرانيون أنهم سيردون مباشرة على أي هجوم ودون إنذار مسبق، وأن الرد لن يفرق بين القواعد الأمريكية أو بين دول تحتضنها.

في هذا الشأن، كشف فيلق القدس عما يقول إنه مخطط إسرائيلي – سعودي، لزج الرئيس ترامب في شباك الحرب من أجل عرقلة عهد الرئيس الجديد المنتخب، جو بايدن، كما حذرت قيادة الفيلق الرئيس “الراحل” عن الحكم من الإنزلاق إلى الحرب في آخر أيام ولايته.

في المقابل، إنتقدت البحرية الأميركية التدريبات الإيرانية، التي حاكت مهاجمة مجسم لحاملة طائرات في مياه الخليج، ووصفت واشنطن هذه الخطوة بـ “المتهورة وغير المسؤولة”، مؤكدة في الوقت ذاته أن التدريبات لم تعرقل حركة الملاحة في تلك المنطقة الإستراتيجية.

وفي سياقٍ متصل، تتهم الإدارة الأميركية طهران بتصعيد الأمور في الذكرى الأولى لإغتيال قائد “فيلق القدس” السابق، الجنرال قاسم سليماني، بعد توجيه ضربة جوية أميركية لموكبه في بغداد،3 يناير/كانون الثاني 2020.

بموازاة كل ذلك، تشير بعض التقارير إلى عدم إستبعاد مسألة قيام الولايات المتحدة، خلال الفترة المتبقية لولاية الرئيس ترامب، بتوجيه ضربات على مواقع نووية أو عسكرية إيرانية.

تصعيد نووي

بلغت حمى التصعيد في المنطقة برنامج طهران النووي، حيث إعادة إيران عملية إنتاج اليورانيوم المخصب بنسبة 20%، وأعلنت أنها ستواصل العمل لتنفيذ التشريع البرلماني الهادف إلى تسريع وتيرة البرنامج النووي. في هذا الخصوص، قال رئيس منظمة الطاقة الذرية الإيرانية، علي أكبر صالحي، إن بلاده تنتج شهرياً نحو 9 كلغ من اليورانيوم المخصب بنسبة 20%، وتعمل على تأمين المواد الأولية لإنتاجها في جهاز طرد مركزي من الجيل السادس بغضون عام.

إن مسألة التخصيب هذه، تشكل تحدياً إيرانياً مباشراً للولايات المتحدة. ورغم ذلك، تتباين التقديرات الخاصة بالفترة التي تحتاجها طهران لإمتلاك المواد اللازمة لصنع السلاح النووي، إذ يقول كثيرون من الدبلوماسيين والخبراء النوويين إن نقطة البداية التي كانت عاماً واحداً بموجب الإتفاق، هو تقدير متحفظ وإن إيران تحتاج وقتاً أطول، وتعتقد وكالة المخابرات الأمريكية والوكالة الدولية للطاقة الذرية أن إيران إمتلكت في فترة من الفترات برنامجاً للسلاح النووي لكنها عادت وأوقفته، بالإضافة إلى وجود أدلة تشير إلى أن إيران حصلت على تصميم لقنبلة نووية ونفذت أعمالاً مختلفة تتصل بتصنيعها.

بالنسبة لعمليات التفتيش، لا تزال إيران تتيح للوكالة الدولية تفتيش منشآتها النووية المعلنة وتسمح لمفتشيها بزيارات مفاجئة في أماكن أخرى. وفي العام 2020، سوت إيران مع الوكالة الدولية خلافاً إستمر عدة أشهر على السماح بدخول موقعين سابقين حامت حولهما الشبهات.

أخيراً، يبقى التصعيد هو السمة الغالبة على منطقة مياه الخليج، مع سعي كل طرف إلى إظهار صلابة موقفه، والتأكيد أيضاً على أن كل طرف لن يكون البادئ في الحرب، حيث تضغط إيران نووياً وعسكرياً وترفع منسوب التصعيد. وفي غمرة بحثها عن تطبيقٍ كامل للإتفاق النووي بعد إستلام الإدارة الأميركية الجديدة، تتجهز للحرب وإن لم تُردها.

مصدر الأخبار: سيتا + وكالات.

مصدر الصور: العربي الجديد.

موضوع ذا صلة: المناورات البحرية المشتركة: رسائل متعددة