تعريب وتعليق: مركز سيتا

في مقال له بصحيفة “الواشنطن بوست”، يقول الكاتب وليام بيسيك، المتخصص في الشأنين الياباني والآسيوي، أنه ومع مغادرة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب للحكم، بدأت المقارنة بينه وبين الرئيس الراحل ريتشارد نيكسون حيث يتم التركيز على مسائل عديدة ومنها “الجرائم المزعومة والمساءلة والبارانويا المتأخرة”، أي مرض فقد الثقة. لكن المقارنة هنا تتعلق بصعود الإقتصاد الآسيوي.

هنا، يعود بيسيك إلى وزير الخزانة في حقبة الرئيس نيكسون، جون كونالي، الذي أخبر وزراء المالية في المجموعة الأوروبية، حينها، أن “الدولار هو عملتنا، لكنه مشكلتكم”، وهو ما يبدو أكثر واقعية حالياً مما كان عليه في العام 1971 وذلك بفضل الرئيس ترامب حيث فقد الدولار حوالي 10% من قيمته أمام الين الياباني. من هنا، يعتبر بيسيك أن أولى التحديات التي ستواجه الرئيس الجديد هي “تجنب حساب الدولار بالكامل”.

لكن بيسيك يخفف من هذا الأمر عبر “نبأ سار” هو أن جانيت يلين، رئيسة مجلس الإحتياطي الفيدرالي السابقة، ستتعامل مع المسألة من خلال العمل على “إستعادة الثقة مع كبار الممولين الأمريكيين، ومعظمهم في آسيا” خصوصاً وأن علاقة الرئيس ترامب مع البنوك الآسيوية، التي تمتلك أكر من 3.5 تريليون دولار من سندات الخزينة، لم تكن جيدة.

ويشير الكاتب أن الدول الآسيوية بقيت “مرتبطة لفترة طويلة بالدولار بسبب قلة البدائل.” فهل يكون الحل هو اليورو، التي ترزح دوله تحت أزمات إقتصادية، أو الجنيه الإسترليني، الذي سيتأثر حكماً بخروج بريطانيا بعد بدء سريان “البريكست”، أو الين الياباني، الذي تعاني بلاده من تزايد في نسب كبار السن ناهيك عن أنها تمتلك أحد أكبر الديون الحكومية في العالم؟

برأيه، إن الدولار اليوم “يتحسس رأسه” في وقت يرتفع فيه الإقتصادي الصيني، حيث أن الحرب التجارية، التي أطلقها الرئيس السابق، قد تنتهي بتحقيق أحلام الصين بجعل اليوان “عملة عظيمة” مرة أخرى خصوصاً وأن بكين حريصة على إنهاء هيمنة الدولار، التي تمنح واشنطن قوة دفع إقتصادية هائلة إضافة إلى تكاليف الإقتراض المنخفضة للغاية، كما أنها تريد “جذب المزيد من رأس المال الأجنبي لتسريع تنميتها الإقتصادية”. هنا، يعطي بيسيك مثالاً على شركة “أرامكو” النفطية، الشركة السعودية الحكومية، التي قد تقوم بطرح سندات باليوان خصوصاً وأن الصين تعتبر من أكبر المستوردين.

لقد حوّل الرئيس ترامب بلاده إلى “شريك غير جدي”، خصوصاً بعد إنسحابه من العديد من الإتفاقيات الدولية، وأبرزها “الشراكة عبر المحيط الهادئ” و”إتفاقية باريس للمناخ” و”الإتفاق النووي الإيراني” وغيرها، بالإضافة إلى “محاولاته الجبانة” لإبتزاز اليابان وكوريا الجنوبية ودول أخرى تستضيف قواعد عسكرية أمريكية.

برأي الكاتب، يعود السبب الكبير في هذا التراجع الأمريكي يعود إلى عوامل عدة أبرزها “سوء الإدارة المالية”، والإخفاق في إحتواء فيروس “كوفيد – 19″، و”الديون الحكومية” التي وصلت حدود الـ 28 تريليون دولار.

بالنسبة للقطاع التقني، يقول بيسيك إن الجهود المضنية التي قام بها الرئيس ترامب لـ “خنق” عمالقة التكنولوجيا الصينيين، سواء كانت جديرة بالتقدير أم لا، إنعكست على مقومات السوق الحرة لواشنطن بشكل سيئ، فلقد أضطر في أيام رئاسيته الأخيرة إلى التراجع عن خططه لإضافة عمالقة التكنولوجيا الصينيين، مثل “علي بابا” و”بايدو” و”تينسنت”، إلى القائمة السوداء ويرجع السبب، برأي الكاتب، إلى “التوبيخ القاسي” الذي تعرض له من مانحي “وول ستريت” الذين سيمنعون عن الإستثمار في الكيانات الثلاثة السابقة، التي يبلغ إجمالي قيمتها السوقية 1.4 تريليون دولار.

فيما يخص الرئيس بايدن، يرى الكاتب إلى أن على فريقه “التصرف بسرعة لإستعادة الثقة بالمؤسسات الأمريكية”، معتبراً أنه بمجرد وجود يلين “سيكون بداية رائعة” بعد الفوضى التي خلفها ستيفن منوتشين، وكذلك الحال بالنسبة لأنطوني بلينكين عند وصوله إلى وزارة الخارجية لإزالة “التخريب الجيو – سياسي الذي قام به مايك بومبيو في اللحظة الأخيرة”، كما أن على الرئيس الجديد بناء قوة إقتصادية داخل البيت الأمريكي، ووقف الحرب التجارية التي لم تقدم شيئاً “لتحسين البنية التحتية المتهالكة أو نظام التعليم”.

بالعودة إلى الناحية الإقتصادية، يؤكد بيسيك مجدداً على خطوة طمأنة المصارف الآسيوية جاعلاً من “أولوية عاجلة” وبأن كلا من “بايدن والدولار لن يكونا مشكلتهم”. أيضاً، عليه القيام بطباعة أوراق مالية جديدة كونها ستسمح له بالإقتراض ضمن أسعار منخفضة جداً، إذ سيحتاج الرئيس لهذا الأمر من أجل تمويل عملية “تنظيف المخلفات” التي تركها الرئيس ترامب.

ويؤكد الكاتب أن التباطؤ في التصرف بهاتين الخطوتين المهمتين يعني أن اليوان سيكون عملة المستقبل، وأن التجار في وول ستريت وكابيتول هيل يستفيدون من “لغة الماندرين” على طريقتهم الخاصة. ويختم الكاتب بالقول “الإرث الإقتصادي” للرئيس ترامب قد يتسببفي “تدمير الدولار” بطرق جعلت الصين لملء الفراغ. “يا السخرية”.

المصدر: واشنطن بوست.

مصدر الصور: الحرة – قناة الغد.

موضوع ذا صلة: لن يتمكن بايدن من النهوض بأمريكا بدون العالم