في ظل ما تعيشه ليبيا من حالة إنقسام سياسي طال أمدها، تسعى بعض الأطراف الوطنية الى حلحلة الوضع وبذل الجهود لإقامة قاعدة دستورية تجري على أساسها الإنتخابات. إلا أن هناك أطراف أخرى – في المقابل – مدعومة أمريكياً وغربياً، ترفض توحيد البلاد وإنهاء حالة الإنقسام، وتعرقل مسار الحل، تنفيذاً لأجندة واشنطن في البلاد.

فمنذ العام 2011، وعملاء الولايات المتحدة الأمريكية في البلاد، يعملون على تمزيقها وتشتيتها، حيث أن حالة إنعدام الأمن وسوء الأوضاع المعيشية التي يواجهها الليبيون، سببها المباشر تحكم شخصيات كالصدّيق عمر الكبير، محافظ المصرف المركزي، ومصطفى صنع الله، رئيس المؤسسة الوطنية للنفط لسنوات بموارد الدولة ونفطها.

هذه الشخصيات وغيرها، أشارت وسائل الإعلام مرات عدة بأنها تنفذ سياسات الولايات المتحدة، وهي ثابتة في مكانها رغم تغير الحكومات المؤقتة. وحتى الحكومات المؤقتة ورؤساؤها تقوم بإيصالهم أذرع واشنطن في المنطقة، كعبد الحميد الدبيبة الذي تم تعيينه في ملتقى الحوار الوطني عبر المبعوثة الأممية الأمريكية ستيفاني ويليامز.

يؤكد مراقبون للوضع الليبي بأنه ما زال هناك أمل في تغيير الوضع الحالي بجهود بعض الوطنيين الذين يرفضون الهيمنة الأمريكية ويعملون وفق مصالح الشعب الليبي، فرئيس مجلس النواب عقيلة صالح مثلاً، يعمل ويعقد الاجتماعات مع مختلف الأطراف للتوافق على قاعدة وآلية لإجراء الإنتخابات.

ولبعض المشككين في صدق نية مجلس النواب، يؤكد المحللون بأنه وفي ظل الظرف الحالي الذي تمر به ليبيا يستحيل إجراء انتخابات نزيهة، بسبب هيمنة الميليشيات في المنطقة الغربية من البلاد حيث أن ولاءها للدول الغربية واضح، ناهيك عن انتشار الأتراك وعملائهم ومرتزقتهم.

بالتالي، وإن أجريت الانتخابات الآن ودون وجود قاعدة متينة تُبنى عليها، وفي ظل تحكّم الولايات المتحدة بأدواتها من الميليشيات والمرتزقة، سيتم التلاعب بنتائج الانتخابات مهما كانت، ليتم إيصال رئيس موالٍ لواشنطن يحقق رغباتها في نهب موارد الطاقة الليبية، خصوصاً في ظل الأزمة التي تعيشها في الوقت الحالي جراء أزمة أوكرانيا.

إقرأ أيضاً: “صدارة أولوياتها”.. سر تحول موقف أميركا في ليبيا

يُشار إلى أن صالح اتهم أطرافاً خارجية، لم يحددها، بـ “دعم جهات داخلية لتأجيج الرأي العام”، لصالح حكومة “الوحدةط المؤقتة، التي ترفض التخلي عن السلطة برئاسة عبد الحميد الدبيبة، في العاصمة طرابلس، وقد دافع مجدداً عن دور مجلس النواب، وقال في كلمة مطولة، بمناسبة عيد الأضحى، بأنه سعى – بشكلٍ جاد – إلى تهيئة المناخ المناسب لإجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية، واتخذ إجراءات لإنهاء عملية الانقسام الإداري من خلال توحيد المؤسسات، لكنه اتهم – في المقابل – حكومة الدبيبة، التي وصفها بأنها “منتهية الولاية”، بالإصرار على عرقلة الانتخابات بعدما أخفقت في توحيد المؤسسات.

ويُذكر أنه قد خرجت تظاهرات، أوائل يوليو/تموز 2022، في جميع أنحاء ليبيا بسبب تدهور الظروف المعيشية وانقطاع التيار الكهربائي وللمطالبة بتجديد الطبقة السياسية، من ضمنها الدبيبة وفتحي باشاغا.، حيث يسود البلاد انقسام كبير مع وجود حكومتين متنافستينح الأولى في طرابلس جاءت وفق اتفاق سياسي قبل عام ونصف برئاسة عبد الحميد الدبيبة الرافض تسليم السلطة إلا إلى حكومة منتخبة، والثانية برئاسة فتحي باشاغا عيّنها البرلمان، فبراير/شبط 2022، ومنحها الثقة في مارس/آذار، وتتخذ من سرت في وسط البلاد مقراً مؤقتاً لها بعد منعها من الدخول إلى طرابلس.

وكانت حكومة الدبيبة قد كُلفت بمهمة أساسية هي تنظيم انتخابات تشريعية ورئاسية كانت مقررة في ديسمبر/كانون الأول 2021، غير أن الخلافات بين الفرقاء السياسيين، لا سيما على القانون الانتخابي، وإصرار الدبيبة على الترشّح في مخالفة للاتفاق السياسي، وتهديد الميليشيات وعدم سحب المرتزقة الأجانب من البلاد، أدت إلى تأجيلها إلى أجل غير مسمى.

ونتيجة ما يجري، أي الحكومتين سترضخ لمتطلبات الشعب الليبي إن حصل، سواء بانتخابات أم ستشتعل الثورات من جديد لتكون مدخلاً لمسار غربي تفرضه أي من الهيمنات المصارعة على الساحة الليبية؟ نحن على قناعة راسخة بأن الانتخابات هي السبيل الوحيد لتسوية الخلافات حول الشرعية الديمقراطية لجميع المؤسسات الليبية، وغداً لناظره قريب.

مصدر الصورة: رويترز.

نداء حرب

إعلامية – سوريا