في مقالةٍ نشرها موقع “ناشيونال إنترست”، تساءل البروفيسور غراهام أليسون، أستاذ دراسات الحوكمة في كلية كينيدي بجامعة هارفارد، عن احتمالية خوض الولايات المتحدة حرباً ضد الصين، وفرص كل منهما في الفوز بملف جزيرة تايوان المشتعل، والذي يتجدد الخلاف حوله من حينٍ لآخر.

وقال أليسون أنه عندما سُـئِل الرئيس (الأمريكي) جو بايدن عما إذا كانت أميركا ستدافع عن تايوان ضد هجومٍ صيني، أجاب: “نعم”. ورداً على ذلك، صرحت وزارة الخارجية الصينية بشكلٍ لا لبس فيه أن بكين مستعدة لخوض حرب منعاً لخسارة تايوان؛ وبالتالي، إذا هاجمت الصين تايوان، وأرسلتِ الولايات المتحدة قواتٍ عسكرية للدفاع عنها، فهل يمكن أن تخسر الولايات المتحدة الحرب مع الصين؟

وأشار أليسون إلى النتائج التي توصلت إليها نائبةُ وزير الدفاع الحالية، كاثلين هيكس، وزملاؤها في لجنة مراجعة استراتيجية الدفاع الوطني العام 2018، حيث خلصوا إلى أن ذلك من الممكن أن يحدث. وعلى حد تعبيرهم، فإن أمريكا “قد تكافح من أجل الانتصار، أو ربما تخسر الحرب ضد الصين”.

كما أوضحوا أنه ذا شنّتِ الصين هجوماً عسكرياً على تايوان رداً على أي تحرك استفزازي من جانب هذه الجزيرة القريبة من برِّها الرئيسِ، تماماً مثل قرب كوبا من الولايات المتحدة، فإنها قد تنجح فعلياً في السيطرة عليها قبل أن يتمكن الجيش الأمريكي من تحريكِ ما يكفي من الأصول العسكرية إلى هذه المنطقة المهمة.

فيما أعلن النائب السابق لرئيس هيئة الأركان المشتركة، الأدميرال جيمس وينفيلد، والمدير السابق لوكالة الاستخبارات المركزية، مايكل موريل، العام الماضي (2020) أن الصين لديها القدرة على فرض أمرٍ واقع في تايوان حتى قبل أن تتمكن واشنطن من تحديد كيفية الرد على أيِّ تصعيد محتمل.

وصرح غراهام أليسون أن هناك تقريراً سيصدر قريباً عن مجموعة عمل الصين التابعة لجامعة هارفارد حول التنافس العسكري الكبير، حيث يوثِّق ما حدث في السباق العسكري بين الصين والولايات المتحدة خلال العقود الماضية، كما يلخص أفضل الآراء حول الموقف الحالي للمنافسين كالتالي:

أولاً: لقد انتهى عصر التفوق العسكري الأمريكي. وقد عكس ذلك بوضوح وزير الدفاع السابق، جيم ماتيس، في استراتيجيته للدفاع الوطني العام 2018، حين قال “على مدى عقود تمتعتِ الولايات المتحدة بتفوق وهيمنة لا جدال فيهما في كل المجالات العملياتية”، مضيفاً “كان بإمكاننا عموماً نشر قواتنا حينما نشاء، وتجميعها حيثما نشاء، والعمل بالطريقة التي نريدها. لكن اليوم باتت كل المجالات محل تنافس – جواً، وبراً، وبحراً، وفي الفضاء، وفي الفضاء الإلكتروني أيضاً”.

ثانياً: في العام 2000، كانت أنظمة أسلحة منع الوصول للمنطقة التي يمكن للصين من خلالها منع القوات العسكرية الأمريكية من العمل كما تشاء- مجرد اختصار لجيش التحرير الشعبي الصيني على مخطط العمليات. واليوم، يشمل الامتداد العملياتي لنظام أسلحة منع الوصول الصيني سلسلة الجزر الأولى، بما في ذلك تايوان وجزر ريوكيو اليابانية.

واختتم أليسون مقالته بإشارة إلى أنه سرعان ما وجدت الصين والولايات المتحدة نفسيهما في حالة حرب. وفي حين لم تتخذ الأخيرة أيَّ موقف بشأن تايوان قبل الحرب الكورية، فإن الأسطول السابع تمركز خلال الحرب في المضيق بين الصين وتايوان، ما خلق فعلياً مظلة أمنية أمريكية بحكم الأمر الواقع.

وبالنسبة للصينيين، كان تمركز الأسطول الأمريكي بمثابة بداية السردية الدائمة التي تقول بأنهم خسروا تايوان لجيلٍ كامل. غير أنه في هذا المناخ التنافسي الخطير، يتمثل التحدي الدولي الأكثر إلحاحاً وأهمية بالنسبة للرئيس بايدن وفريقه في صياغة نظام شبيه للقرن الـ 21 من شأنه أن يمدد هذا السلام لنصف قرن آخر.

المصدر: ناشيونال إنترست / تعريب ونشر: كيو بوست.

مصدر الصورة: Asia Times.

موضوع ذا صلة: هل تتحول تايوان إلى “كوبا” الصين؟

غراهام أليسون

أستاذ دراسات الحوكمة في كلية كينيدي، بجامعة هارفارد.