يارا انبيعه
أنهى وزير الخارجية البريطاني بوريس جونسون جولته في المنطقة والتي شملت عدداً من دول الخليج وايران للبحث في عدد من المواضيع، كان ابرزها ايجاد مخرج سياسي للأزمة اليمنية في ظل تعثر الحل العسكري بالاضافة الى العلاقات الثنائية، حيث شملت الجولة كل من مسقط وطهران والرياض وأبوظبي.
بالتزامن مع زيارة وزير الخارجية، قام وزير الدفاع البريطاني غافين وليامسون بجولة على بعض الخليج العربي ايضاً، حيث زار كل من البحرين وقطر.
البداية من مسقط
توجه وزير الخارجية البريطاني إلى سلطنة عمان في زيارة نادرة له، حيث التقى السلطان قابوس بن سعيد في العاصمة مسقط وناقشا سوياً الملف اليمني، بحضور وزير الخارجية العماني يوسف بن علوي بن عبد الله، الذي حيث بحث خلاله الطرفان “العلاقات الثنائية الطيبة بين السلطنة والمملكة المتحدة” وأوجه التعاون المشترك بينهما في العديد من المجالات، إضافة إلى استعراض مستجدات الأحداث والتطورات الجارية على الساحتين الإقليمية والدولية.
وفي بيان مشترك، اكدت بريطانيا وسلطنة عمان على اهمية الحل السياسي للازمة اليمنية، وذكر الوزير جونسون أنه لمس في زيارته لمسقط مشاركتها قلق بلاده “العميق جداً والذي يزداد عمقاً بشأن ما يحدث في اليمن”.
في طهران.. مواقف واشتثمارات
منذ توقيع الاتفاق النووي في عام 2015، تعد هذه الزيارة الأولى لوزير خارجية بريطانية إلى إيران، والتي بدأها جونسون خلال جولته بالعاصمة الإيرانية طهران، حيث التقى فيها وزير خارجيتها محمد جواد ظريف، وحمل الأول رسالة دعم أوروبية لإيران بشأن الحفاظ على الاتفاق النووي الذي يسعى الرئيس الأمريكي دونالد ترامب للتراجع عنه، كما بحثا الملف اليمني وسبل الوصول لحل سياسي عبر المفاوضات.
اما لقاؤه بالرئيس الإيراني حسن روحاني والذي دام نحو ساعة، فقد وصفه الوزير جونسون بـ “المجدي” في إطار سعيه لإطلاق سراح المواطنة البريطانية من أصل إيراني نازانين زاغاري راتكليف.
وخلال لقائه رئيس البرلمان الإيراني علي لاريجاني، قال الوزير جونسون “من الصحيح اننا ارتكبنا أخطاء فيما يتعلق بمسألة تغيير الأنظمة، إلا أننا كنا نهدف الى إيجاد الاستقرار في المنطقة ونعتقد الآن أيضا بأنه ينبغي عودة الأمن والاستقرار إلى المنطقة.”
وحول حالة التوتر القائمة بين إيران والسعودية، اشار جونسون الى ان التوتر بين إيران والسعودية “ليس بمصلحة أي دولة وإنما يؤدي فقط إلى خلق جو من عدم الاستقرار ولا بد من حل القضايا بين البلدين ونحن نعتزم إيصال صوت جهود إيران في مسار إرساء الاستقرار إلى مسامع سائر الدول.”
من جهته، انتقد رئيس البرلمان الإيراني علي لاريجاني، خلال لقائه بجونسون، الدور البريطاني عقب الاتفاق النووي قائلاً: “إن دولا أوروبية بذلت جهوداً أكبر بكثير من جهود بريطانيا”. الى ذلك، توافق الطرفان على عدم جدوى الحل العسكري في اليمن وضرورة العودة للمفاوضات السياسية.
وعن قرار الرئيس الأميركي دونالد ترامب إعتبار القدس عاصمة لإسرائيل، أكد وزير جونسون معارضة بلاده لهذا القرار، وقال خلال استقبال الرئيس الإيراني له إن بريطانيا “تعتقد أن ما قام به (الرئيس دونالد) ترامب تجاه مدينة القدس هو فعل غير مناسب”.
وبشأن قضية مكافحة الإرهاب، اشاد جونسون، بالدور الإيراني بهذا المجال، قائلاً: “لقد قامت إيران بخطوات إيجابية في محاربة الإرهاب بالمنطقة”.
وعبر وزير الخارجية البريطاني عن نية بلاده توسيع علاقاتها مع إيران في كافة المجالات، وقال إن هناك فرص كبيرة للاستثمار في إيران.
وحول هدفه من الزيارة، قال وزير الخارجية البريطاني، إن مهمتي في هذه الزيارة هي رفع مستوى التعاون في مختلف المجالات السياسية والاقتصادية والبرلمانية وإزالة العقبات القائمة أمام تطوير العلاقات وندعو لزيادة زيادات وفود البلدين وأن يزور المزيد من السياح الإيرانيين بريطانيا.
تعاون مشترك
تابع وزير الخاريجة البريطاني بوريس جونسون جولته حيث وصل الى دولة الإمارات فالتقى الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي، وبحث معه العلاقات الثنائية وسبل دعمهما وتنميتهما.
اللقاء تناول أيضاً المستجدات الراهنة وتطورات الأوضاع على الساحتين الإقليمية والدولية، وأهمية التنسيق المشترك لمواجهة الإرهاب والتطرف والعنف، لتحقيق الأمن والاستقرار في المنطقة، كما جرى تبادل وجهات النظر بين الطرفين، حول عدد من القضايا ذات الاهتمام المشترك بين البلدين.
وعقب اللقاء، استقبل الشيخ عبد الله بن زايد، وزير الخارجية والتعاون الدولي الإماراتي، الوزير جونسون، في ديوان عام الوزارة في أبوظبي، وبحثا مستجدات الأوضاع في المنطقة والتطورات الراهنة، كما تبادلا وجهات النظر تجاه عدد من القضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك.
وصرحت مصادر دبلوماسية أن وزراء خارجية بريطانيا بوريس جونسون، والإمارات عبد الله بن زايد، والسعودية عادل الجبير بحثوا في اجتماع مشترك في أبوظبي تطورات الوضع في اليمن.
ويأتي هذا الاجتماع عقب زيارة قام بها وزير الدولة لشؤون الشرق الاوسط اليستير بيرت الى العاصمة السعودية الرياض الذي قال، في مؤتمر صحفي عقد في السفارة البريطانية في الرياض، “إن مقتل أكثر من 2000 شخص في صنعاء خلال الأيام القليلة الماضية يعني أن الأوضاع في تردي”، مبيناً أن المملكة المتحدة “ساندت الذين قاتلوا من أجل الشرعية، والتي دعمت الرئيس هادي”، مبيناً أن “عدم الاستقرار مؤخراً هو نتيجة لاغتيال الرئيس السابق علي عبدالله صالح”.
يذكر أن وزير الخارجية البريطاني كان قد أجرى في وقت سابق إتصالاً هاتفياً مع ولي العهد الأمير محمد بن سلمان لبحث تطورات الأحداث في اليمن والحاجة الملحة للايصال الفوري للمساعدات الإنسانية إلى ميناء الحديدة وفتح مطار صنعاء لرحلات الأمم المتحدة.
صفقات عسكرية بقيمة 6.7 مليار دولار
وقَّع وزير الدفاع البريطاني غافين ويليامسون ونظيره القطري خالد بن محمد العطية اتفاقاً تبيع بموجبه بريطانيا لدولة قطر 24 طائرة حربية من طراز “تايفون” بقيمة 5 مليار جنيه إسترليني (حوالي 6.7 مليار دولار) بحسب بيان شركة “بي أي إي سيستمز” البريطانية للمعدات الدفاعية. وأضافت الشركة إنه من المتوقع أن يبدأ تسليم الطائرات في أواخر العام 2022، وإن التعاقد يتوقف على “شروط التمويل واستلام الشركة الدفعة الأولى وهو ما يتوقع أن يتحقق في موعد لا يتجاوز منتصف عام 2018”.
ويأتي الاتفاق في إطار تنفيذ بنود مذكرة تفاهم وقع عليها الطرفان في سبتمبر/أيلول 2017 بشأن هذه الصفقة. وتضمن الاتفاق النهائي مذكرة تفاهم أخرى تتعلق بشراء دولة قطر طائرات بريطانية من طراز “هوك”.
وقال وزير الدفاع البريطاني إن الصفقة مع قطر هي أكبر صفقة تصدير لطائرات “تايفون” خلال السنوات العشر الأخيرة، وأضاف ان هذه الطائرات العالية الكفاءة ستعزز مهمة الجيش القطري لمواجهة التحديات المشتركة في الشرق الأوسط، وستدعم الاستقرار بالمنطقة، وتوفر الأمن في الداخل.
وتشمل الصفقة أيضاً اتفاقاً مبدئياً لشراء قطر صواريخ “بريمستون” و”ميتيور” و”رافيون” المزودة للطائرات، إضافة إلى حزمة من التدريب والتعاون بين القوات الجوية في البلدين، حيث سيدرب الطيارون البريطانيون نظراءهم القطريين.
يذكر، أن قطر كانت قد وقعت عقوداً بقيمة تتجاوز 10 مليار يورو لشراء طائرات “رافال” القتالية الفرنسية، وشراء خمسين طائرة إيرباص “أي 321″، أثناء زيارة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى الدوحة.
“أمن الخليج هو أمننا”
أعرب وزير الدفاع البريطاني غافين ويليامسون عن اعتزاز بلاده بالعلاقات الوثيقة والتاريخية مع دول الخليج العربي، مشدداً في الوقت ذاته على أهمية بناء الشراكات بين الدول في كافة انحاء العالم، واصفاً إياها بالمهمة والحيوية.
جاء ذلك خلال انعقاد الجلسة العامة الثانية من منتدى حوار المنامة تحت عنوان “الردود السياسية والعسكرية حيال التطرف في الشرق الأوسط” بمشاركة ويليامسون، والدكتور انور قرقاش وزير الدولة للشئون الخارجية بدولة الامارات، ومستشار الامن الوطني العراقي فالح فياض.
خلال المؤتمر، قال الوزير ويليامسون “ان بريطانيا فخورة بعلاقاتها الوثيقة والتاريخية مع كل أصدقائنا في الخليج، ان امن الخليج هو امننا فمن دون خليج آمن فإن العالم سيكون اقل اماناً، لذلك نجدد تأكيدنا على التزامنا بهذا، ونؤمن أيضاً بالدور الذي يؤديه مجلس التعاون الخليجي وهو دور حيوي لا بد ان نستند اليه ونعززه.”
وعن مكافحة الارهاب، قال الوزير ويليامسون “حملتنا ضد إرهابيي داعش علمتنا ضرورة محاربة التطرف على كل الجهات فالأمر لا يتعلق فقط بالقوى العسكرية ولا منع المقاتلين من إجتياز الحدود أو وضع حد لوسائل الدعم المالي التي تستفيد منه تلك القوى المتطرفة، ولكن علينا أيضاً مواجهة الإرهابيين في العالم الافتراضي كما هو تماماً في العالم الحقيقي وأن نتغلغل في قنوات الاتصال الخاصة بهم وان نغلق وسائل التواصل الاجتماعي التي يستخدمونها وأن نعمل مع مزودي خدمة الانترنت لإزالة المضمون الإرهابي وتوقيف مواقعهم.”
وتابع الوزير البريطاني “علينا أن نربح معركة الأفكار والقضاء على فيروس التطرف الذي لا يقف عند الحدود الوطنية ولا يهتم بشأن الأشخاص الذين يصابون بالعدوى.”
مصدر الصور: ايرام نيوز – عيون الخليج – اخبار الخليج – الجزيرة – “تي.ار.تي” عربية