تشمل القوة الإلزامية الحقوقية الخاصية الضرورية للقانون الدولي، لكي يستطيع أن يقوم بدوره الفعال والأساسي في عملية تنظيم العلاقات الدولية، وذلك وفقاً للقانون الموجود، في حين أن المصدر الأساسي لهذه القوة الحقوقية، كان على الدوام مجالاً للاختلاف في وجهات النظر، على اعتبار أنه لا يوجد هناك أية سلطة يمكنها أن تعلو فوق سلطة الدولة.
هذا هو المصدر الصحيح الذي وجده الكثير من الفقهاء العاملين في مختلف فروع العلوم، وعلى الأخص في العلوم الفلسفية والقانونيةح بالتالي، إن الخطأ الكبير الذي وقع فيه كما يسمى في أوروبا والعالم “أبو القانون الدولي” الفقيه الهولندي غراتسي. غ، الذي يعتقد أن نظرية بناء القانون الدولي يمكن النظر إليها من خلال ما يعتقد هو، من أنه إلى جانب القانون الرباني أو الإلهي هناك القانون الآخر الذي ينشأ من الاتفاق بين الدول، وهذا يعني أن القانون ينشأ بموجب اتفاق وهذا الذي تؤيده المحكمة الدولية.
وبالنظر إلى أقدم معاهدة دولية في موقع ماري في سوريا والحضارة الفرعونية وغيرها من الحضارات القديمة، نجد وثائق تدل على وجود قانون يحكم العديد من التجمعات البشرية ما يمكن تسميته اليوم بالقانون الدولي، وهذا ما تدل عليه المعاهدة الدولية التي تم العثور عليها في أواخر القرن الماضي في موقع ماري شمال شرق سوريا التي تؤكد على وجود القواعد التعاقدية، وهذا يؤدي إلى مفهوم توفر شروط وجود القواعد العرفية.
والقول إن القانون هو حصيلة اتفاق فهذا أمر صحيح، فلقد ظهر القانون ووصل إلينا عبر الديانات السماوية بدايةً، عبر مختلف الرسل والأنبياء، وعليه إن بداية القانون لم تأتِ بموجب اتفاق، وإنما بموجب تعاليم للإنسان حول كيفية تعامله مع الطبيعة ومع أخيه الإنسان، ثم تطورت إلى حيّز أوسع لتشمل كيفية التعاطي بين مختلف التجمعات البشرية، والدليل على ذلك، المدرسة المثالية، وتاريخ اليونان القديم.
من هنا، إن مصدر القانون عرفياً وتعاقدياً عبر التاريخ، هو مصدر رباني منحه الرب للإنسان، أما آلية بناء قواعد القانون الدولي فهي قائمة على وجود اتفاقيتين؛ الاتفاق الأول، فيما بين الأطراف المتعاقدة حول مضمون القواعد. والاتفاق الثاني، هو منح وإعطاء هذا المضمون القوة الحقيقية الإلزامية؛ بالتالي، إن هذا المفهوم النظري ينطوي على مفهوم عملي هام جداً، لكن من المصادف في الحياة العملية أن يتفق الأطراف على منح المضمون التعاقدي قوة سياسية فقط وليست حقوقية، ما يعني أن محصلة الاتفاق القائم فيما بين الدول بهدف منح قواعد معينة للقوة الحقوقية الإلزامية، يعد عملاً يمكن أن يكون موجهاً أيضاً إلى نقل نفس القوة إلى القانون الدولي بأكمله.
مصدر الصورة: الصليب الأحمر الدولي
موضوع ذا صلة: وظائف القانون الدولي
مستشار قانوني – الكويت