حاورته: سمر رضوان

لا تزال زيارة الرئيس بوتين الثلاثية محور اهتمام وتحليل لما فيها من ابعاد استراتيجية كونها شملت دولاً اقليمية مهمة وفاعلة في المنطقة. اضافة الى بدء التحضيرات للجولة الثانية من “جنيف 8” والذي يعوَّل عليها كثيراً لا سيما بعد التخفيف من مطالب التفاوض المسبقة.

عن هذا الموضوع، يرى المحلل السياسي المستعرب آندريه أونتيكوف، المتخصص والخبير بشؤون الشرق الأوسط، ان “هذه الزيارة لرئيس دولة ساعدت سوريا في انتصارها على تنظيم داعش، فالتدخل الروسي عام 2015 كان بطلب من السلطات السورية الهدف منه مكافحة الارهاب، والآن نشاهد التصريحات من قبل وزارة الدفاع الروسية والتي قالت فيها بأنه تم “الانتصار” على تنظيم داعش بشكل كامل، وزيارة الرئيس بوتين في هذه الظروف بإعتقادي هي زيارة ضرورية وبارزة ليؤكد الرئيس الروسي بأن ما حصل فعلاً هو انتصار على الإرهاب.”

وبما يتعلق بسحب جزء من القوات الروسية المقاتلة من سوريا، قال أونتيكوف “بعد اعلان الانتصار على داعش، لم تعد روسيا بحاجة إلى هذا العدد الكبير من قواتها في سوريا، لذلك تم سحب جزء كبير منهما، لكن هذا لا يعني أن روسيا قد توقفت عن مكافحة الإرهاب حيث لا يزال يُسجل نشاط لبعض المجموعات الارهابية كجبهة النصرة.” ويضيف أونتيكوف “الآن، سوريا ليست بحاجة إلى هذا العدد الكبير من القوات الجوية والفضائية الروسية على أراضيها بشكل عام.”

واعتبر أونتيكوف أنه “لا يوجد هناك أي رسالة للولايات المتحدة الأمريكية، من وراء سحب الجنود، فروسيا ومنذ بداية العمليات العسكرية للتحالف الأمريكي في سوريا كانت تشير إلى عدم شرعية هذه العمليات لأنها لم تكن بموافقة الحكومة السورية ولم يكن هناك قرار لمجلس الامن في الأمم المتحدة لإجراء هذه العمليات. أما روسيا فكانت متمسكة بموقفها بهذا الخصوص، لجهة الاصرار على ضرورة انسحاب كل القوات الأمريكية والأجنبية المتواجدة في سوريا المتواجدة بشكل غير شرعي.”

ورأى الباحث أونتيكوف أن الهدف الكبير لروسيا “هو رسالة لكل دول العالم وعلى رأسها الولايات المتحدة حول ضرورة التمسك بالقوانين الدولية وميثاق الأمم المتحدة، وما حدث في يوغسلافيا سابقاً ثم العراق وليبيا كان خرقاً واضحاً لهذا الميثاق. وعندما وصلت روسيا إلى سوريا لم يقتصر دورها فقط على مكافحة داعش بل كل المنظمات الإرهابية الأخرى، حيث منعت محاولات التي هدفت من خلالها الولايات المتحدة الى خرق القوانين الدولية، واسقاط السلطات الشرعية إن كان بالقوة أو بشكل آخر غير شرعي.”

وعن العملية السياسية، يقول الباحث اونتيكوف “الآن، الوضع بحاجة إلى استمرار المفاوضات لإنجاح العملية السياسية في جنيف وتطبيق قرار مجلس الامن 2254 وهذه هي الطريقة الوحيدة للتعامل مع الملفات الساخنة، فما حدث في يوغسلافيا سابقاً كان تفككاً كاملاً وعدم استقرار في قلب أوروبا، وما حدث في العراق أيضاً تسبب بحالة من عدم الاستقرار وازدهار للإرهاب والخلافات الداخلية وغير ذلك، والامر نفسه في ليبيا، والآن سوريا. لولا تدخل روسيا لحدث بها أسوأ من سابقاتها، ولسيطر الارهاب عليها وجزأها الى دويلات. كذلك، شجع التدخل الروسي العملية السياسية، وانشأ مناطق خفض التوتر الأربعة، والآن يتم التحضير إلى كونغرس الحوار الوطني السوري واعتقد ان هذه المفاوضات ستؤدي إلى نتائج إيجابية فيما يخص صياغة الدستور الجديد السوري.”

وينهي الباحث أونتيكوف الى ان “السياسة الروسية الخارجية مبنية على حل الازمات الدولية، ووضع سوريا هو خير مثال على ذلك، حيث اثبت روسيا بأن سياستها هي سياسة ناحجة تؤدي إلى نتائج إيجابية حقيقية، وتحل الازمات وبدل التشجيع على الحروب التي تتبّعها واشنطن كسياسة ثابتة لها.”

مصدر الصورة: شبكة رؤية الإخبارية