اعداد: يارا انبيعة

 

اختتمت قمة “دعم مجموعة دول الساحل الخمس”، التي انعقدت في 13/12/2017 في منطقة سين سان كلو الفرنسية واستمرت على مدار يومين، اعمالها بحضور كل من رئيس بوركينا فاسو، روش مارك كريستيان كابوري، ورئيس جمهورية مالي، ابراهيم أبو بكر كايتا، ورئيس موريتانيا، محمد ولد عبد العزيز، ورئيس النيجر، محمدو إيسوفو، ورئيس جمهورية التشاد، إدريس ديبي.

إضافة لرؤساء دول الساحل الأفريقي الخمس والرئيس الفرنسي صاحب المبادرة، شارك في القمة كل من المستشارة الألمانية، أنجيلا ميركل، ورئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي، موسى فقي، ورئيسا الحكومتين الايطالي باولو جنتيلوني والبلجيكي شارل ميشال، وعدد كبير من البلدان المانحة، منها السعودية والامارات العربية المتحدة والولايات المتحدة، اضافة الى بعض الوفود الدولية والإقليمية الداعمة لمجموعة دول الساحل الخمس “G5”.

 

أهداف القمة

 

هدفت القمة إلى بحث سبل مساعدة الدفع بإتجاه توفير الدعم السياسي والعسكري للقوة المشتركة للدول الخمس وجعلها قادرة على القيام بمهامها في ربيع العام 2018 على أبعد تقدير، علماً بأن الغرض الاساسي هو أن تشكيل قوة من 5 آلاف عنصر تكون قادرة على العمل المشترك في البلدان الخمسة. يذكر ان لهذه القوة مقر قيادة في سيفاري بمالي، حيث قامت في الفترة الاخيرة بأول عملية في منطقة “الحدود الثلاثة” بين مالي والنيجر وبوركينا فاسو.

كما هدفت ايضاً الى توفير الأموال الضرورية لتمويل هذه القوات؛ إذ إن حاجاتها المالية تقدر بـ 250 مليون يورو بداية، وما لا يقل عن 60 مليون يورو في العام الواحد فيما بعد.

كذلك، تداول القمة بالوضع السائد في مالي حيث فشلت الأطراف في مالي في تنفيذ اتفاق السلام الذي تم التوصل إليه بعد التدخل الفرنسي العسكري في هذا البلد بمساعدة الجزائر.

ومن اهم الاهداف غير المعلنة، ان باريس تريد تخفيف العبء الذي تتحمله في أفريقيا حيث تدخلت عسكرياً مرتين في السنوات الأخيرة؛ الأولى في مالي في عام 2013، والثانية في جمهورية أفريقيا الوسطى في العام 2014. غير ان باريس تتخوف من “البطء” في إطلاق القوة المشتركة ليس فقط بسبب التمويل، ولكن بسبب استعادة لمجموعات الإرهابية أنفاسها في المنطقة وقيامها بمجموعة من العمليات العسكرية التي تبين أنها ما زالت فاعلة في ثلاثة من البلدان الخمسة.

من جانبه، قال رئيس الحكومة الايطالية باولو جنتيلوني، في اختتام القمة، بأن التواجد بين الدول التي تدعم تحالف الساحل هو “مصلحة وطنية اوروبية”

من هنا، تبرز اهمية المصالح الاوروبية في انعقاد هذه القمة، حيث ان زعماء اوروبا يرون بأن الخطر الحقيقي المستقبلي سيأتي من افريقيا بعد انتهائه، او شبه انتهائه، في منطقة الشرق الاوسط، وهم بذلك يريدون تتلافي الخطر داخل اراضيهم وقائياً.

مساعدات ومنح مالية

 

بداية النتائج الملموسة كانت الإعلان عن الالتزامات المالية للأطراف المشاركة، كانت المملكة السعودية أولى من يقدم الدعم بتقديمها 100 مليون دولار للقوة المشتركة، فيما وعدت الإمارات بتقديم 30 مليون دولار.

وسبق لواشنطن أن أعلنت عن مساعدة تصل قيمتها إلى 60 مليون دولار، بيد أن الطرف الأميركي يريد أن يتحكم بكيفية تقديم المساعدات مباشرة للقوى العسكرية المفروزة من كل بلد من البلدان الخمسة وليس المرور بالصندوق المشترك.

وكان الاتحاد الأوروبي قد وعد بتقديم مبلغ 50 مليون يورو وطلب من كل دولة من دول الساحل الخمس أن توفر 10 ملايين يورو.

 

العجلة مطلوبة

 

التقى كل من الرئيس ايمانويل ماكرون والمستشارة الالمانية انجيلا ميركل ورئيس ورئيس جمهورية مالي إبراهيم أبو بكر كايتا ورئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي موسى فقي كلمة مشتركة أمام الصحافيين.

قال الرئيس ماكرون “علينا أن نربح الحرب على الإرهاب في منطقة الساحل، والحال أنها مشتعلة، وهناك عمليات هجومية كل يوم، وثمة دول مهددة، (ولذا) علينا أن نكثف جهودنا.” والهدف الذي عينه ماكرون هو “إحراز انتصارات في الفصل الأول من عام 2018” وهو ما دعا إليه أيضاً الرئيس المالي إبراهيم بوبكر كيتا الذي وعد بإستمرار الجهود من أجل أن “يحل السلام فعلياً في مالي”.

من جانبها، قالت المستشارة الألمانية إنه لم يعد من الممكن الانتظار، وكان واضحاً من خلال ما قيل علنا وما تسرب عن الاجتماع أن الأوروبيين والأميركيين مارسوا ضغوطاً على الأفارقة لحث الخطى والإسراع في تشكيل الأطر العسكرية والهيكلية التنظيمية، فيما هم يتكفلون بتوفير التمويل والعتاد والتخطيط والمعلومات.

اما الرئيس ابراهيم أبو بكر كيتا، رئيس مالي ورئيس مجموعة دول الساحل، فقال “نحن ندرك أن الوقت يداهمنا، وأنه بالنظر إلى ما جرى في الشرق الأوسط، وانتهاء الحرب في سوريا، سنشهد تدفقاً للجهاديين العائدين”، وتابع الرئيس كيتا “أن هناك حاجة ملحة لكي تحقق قوات دول الساحل نتائج ملموسة”، وأضاف “لذلك علينا أن نحافظ على الإلتزامات المالية التي تم التعهد بها”.

يذكر أن الرئيس ماكرون صرح، في أواخر شهر نوفمبر/تشرين الثاني 2017 وأثناء زيارة قام بها لساحل العاج، بأن “تحضير وتجهيز القوة العسكرية المشتركة لدول الساحل الخمس لا تجري بالسرعة اللازمة”، كما طلب “تكثيف الجهود وتسريعها” خاصة بعد ارتفاع وتيرة الأعمال الإرهابية في هذه الدول.

وتقود فرنسا منذ شهر آب/أغسطس عام 2014، عملية عسكرية باتت تعرف باسم “عملية بارخان” في منطقة الساحل الأفريقي حيث يشارك أكثر من ثلاثة آلاف جندي فرنسي بمؤازرة الجيوش المحلية لمحاربة الإرهاب.

 

التحديات قائمة

 

بالرغم من ان عدد الجهاديين يقدر ما بين 500 و800، كما تفيد الاحضاءات، غير انهم يحتفظون بقدرة على اضعاف دول ضعيفة في طليعتها مالي، التي اخفقت عملية السلام فيها بسبب مواجهة صعوبات في مصالحة مختلف أطراف ومجموعات جنوب البلاد وشمالها. من هنا، قالت كورين دوفكا، ممثلة افريقيا في منظمة هيومن رايتس ووتش، انه و”بغض النظر عن الرهان الامني، يتعين التصدي للمشاكل التي تقف وراء ضعف دولة القانون وتجاوزات السلطة”.

 

بروكسل 2018

 

سيكتمل هذا الاجتماع بقمة تعقد في شباط/فبراير 2018 في بروكسل، حيث تسعى الدول المعنية الى اقناع بعض الدول الافريقية المهمة، والتي غابت عن قمة سيل سان كلو، الى الحضور، عبر اعطائها دوراً أكبر، مثل السنغال والجزائر، البلد الاساسي في المنطقة الذي غاب عن القمة بالرغم من أنه معني بالدرجة الأولى بموضوع الإرهاب في منطقة الساحل، اذ فشل الرئيس ماكرون خلال زيارته الاخيرة الى الجزائر، في إقناع المسؤولين بالمشاركة في اجتماع سيل سان كلو.

 

 

مصدر الصور: وكالة الأنباء الإسلامية الدولية – الشرق الاوسط