إن توجه المدرسة الواقعية في نظرتها للقانون الدولي، حيث تُعتبر ركيزة أساسية وعنصر أساسي منه، إذ يرى أنصار هذه المدرسة أن القانون الدولي هو نتاج عملي لمنظومة مكونة من مجموعة كبيرة من القواعد الدولية.

ففي الحياة العملية للعلاقات الدولية وجود مدرسة تعتمد على إعطاء توجه سياسي الدور في بلورة وصياغة القانون الدولي، ووفقاً لوجهة النظر هذه، فإن القانون الدولي يُعتبر حصيلة للعملية الخاصة بإصدار القرارات السلطوية، في حين نجد بعض الآراء الأخرى التي تعتقد أن القانون الدولي هو قانون مستخلص من الواقع العملي والحقيقي لمجموعة القواعد الشرعية، والتي يتوقع أن يكون لها تأثير على العلاقات الدولية.

وتتعدد المدارس والنظريات في هذا السياق، فمنهم من يرى أن مفهوم الضغط والتأثير الذي يعنيه الوجود الحقيقي للقواعد الشرعية هو الذي يؤدي إلى حقيقة ذوبان القانون في السياسة، وقال المستشار الحقوقي لوزارة الخارجية اليابانية “شامارا يا”، أنه في كثير من الأحيان يمكننا أن نقول: “إن القانون الدولي يجب اعتباره ظاهرة حدودية بين القانون والسياسة”، وذلك على الرغم من النتائج التي يمكن الحصول عليها من السياسة والقانون، تعتبر نتائج مختلفة جداً، إذ نلحظ أن الوسيلة الحقوقية تظهر تأثيراً مباشراً وفعالاً على سلوك مختلف الأشخاص في الأسرة الدولية العاملين في السياسة، والسياسة لا تمتلك مثل تلك الإمكانية الحقوقية المؤثرة.

أما أصحاب النظرية الخاصة بضرورة القيام بتوسيع المفهوم العام للقانون الدولي، وذلك عبر إدخال بعض الظواهر الأخرى على منظومة القانون الدولي، فأصحاب هذه النظرية يرتكزون على ضرورة القيام بعملية إعادة تغير جديد وجذري للقانون، وبالتالي، وبحسب المواصفات الخاصة التي يتمتع بها القانون الدولي على أنه يتسم بالتجديد في عملية بناء قواعد جديدة، وبالنظر الدائم في إمكانية توفر ووجود مصادر جديدة، وهذا ما يسمى بالنشاط الإبداعي والميداني أي النشاط العملي للقانون.

من هنا، يمكن لنا اعتبار التجديد في بناء وتشكيل القانون واحدة من أهم الشروط التي يمكنها أن تجعل القانون الدولي أكثر فعالية وأكثر دقة في إيجاد القوانين التي من شأنها أن تقدم ضماناً خاصاً لحقوق أشخاصه وتحديدها، وبالتالي يتبين لنا الفارق ما بين المفهوم الصحيح القائم على إجراء عملية التجديد الدائم لمنظومة القانون الدولي، وما بين النظرية التي تقترح ضرورة إدخال بعض الظواهر الأخرى على مصادر القانون الدولي، وهذا أمر من شأنه أن يقلل من دور وفعالية القانون الدولي.

مصدر الصورة: روسيا اليوم.

موضوع ذا صلة: القانون الدولي والقواعد الحقوقية

عبد العزيز بدر قطان

مستشار قانوني – الكويت