تتجدد “لعبة المضائق المائية”، حيث تتلاطم فيها الأمواج دوماً بحثاً عن النفوذ والتأثير، خاصة وأن المضائق البحرية في منطقة الخليج تشكل ممراً حيوياً في الاقتصاد العالمي، فمن بدأ هذه الحرب؟ وهل من بدأها يتحمل تبعاتها؟
وجهت تل أبيب أصابع الاتهام إلى طهران بالوقوف خلف هجوم استهدف ناقلة نفط يشغلها رجل أعمال إسرائيلي قبالة سواحل سلطنة عمان، أسفر عن مصرع اثنين من طاقمها، ووضعه محللون في إطار “حرب” بحرية تجري بين القوتين الإقليميتين.
فتيل مشتعل
يتصدر هذا الحادث العناوين، حيث يتعبر العديد من المراقبين أنه يعد حدثاً خطيراً جداً لأنه يتم في منطقة حيوية ولها ثقل كبير في الاقتصاد العالمي، لكنه ليس اخطر من الحوادث الماضية التي شهدتها المنطقة سواء بتفجير ناقلات نفطية أم باحتجاز سفن.
يأتي كل ذلك في وقت تم الإعلان الأمريكي فيه عن تشكيل “ناتو بحري” يحمي المنطقة من هذه الاعتداءات؛ فرغم وجود فرقاطات دولية، إلا أن ذلك لم يحد من هذه الهجمات، لكن الكثير من المراقبين يرون بأن من بدأ حقيقة هذه الحرب هي إسرائيل نفسها، لأن الاستهدافات طالت الجانب الإيراني أكثر من مرة، أما مسألة توجيه اللائمة على طهران فهو أمر يرنه مستبعد حتى وإن كان لها مصلحة في ذلك.
في هذا المجال، لم ينسَ أحد بعد أزمة قناة السويس الأخيرة أثناء جنوح سفينة الشحن اليابانية “إيفر غيفن” وكيف تسببت بخسائر قدرت بالمليارات، وهذا يأخذنا إلى أن هنالك من يفكر بتدبير بديل عن طريق التجارة الملاحي بين آسيا وأوروبا لذي يلتف حول أفريقيا عبر “رأس الرجاء الصالح”، واختصر آلاف الكيلومترات، والذي مركزه قناة السويس المصرية.
كما برزت إلى الواجهة مقترحات عدة ولعل ما يعنينا هنا، أن إسرائيل اقترحت أن تكون ذلك البديل، حيث أُعيد تسليط الضوء على وثيقة تعود لعشرات السنين عن “مخطط أميركي” لفتح ممر بحري بديل لقناة السويس في الصحراء الإسرائيلية، قناة بن غوريون، عبر ربط البحر المتوسط بخليج العقبة. ولكن كلمة حق هنا، يشير العديد من المختصين إلى أن هذا المشروع غير مجدٍ ودليلهم على ذلك عدم البدء بتنفيذه.
أيضاً، هناك مبعث قلق كبير بعد إعلان إسرائيل عن محادثات لمد خطوط من الإمارات تمر عبر السعودية والأردن حتى إيلات على البحر الأحمر، ثم إلى ميناء عسقلان على البحر المتوسط؛ بالتالي، إن المنطقة أمام دراسة تطوير ممر بري من جنوب إسرائيل إلى غربها.
مخطط بعيد
يبدو أن اشتعال هذه المنطقة – وكما أشرنا أعلاه – هو غاية إسرائيلية بحتة تنم عن الاستحواذ الاقتصادي عليها في المدى البعيد، حيث تعمل مع الولايات المتحدة على تحقيقها، من خلال توجيه الاتهام في كل مرة لإيران – التي تربطها علاقة عداء كبيرة مع أغلب دول الخليج – مستفيدين من الأزمة اليمنية لا سيما دعم إيران للحوثيين؛ بالتالي، كلما زاد الضغط في هذا الاتجاه كلما حققت تل أبيب أهدافاً قد تقطفها على المدى البعيد.
الجدير بالذكر هنا أن إسرائيل سبق وأن دعت إلى تحرك دولي ضد إيران بعد الهجوم على الناقلة “أم/تي ميرسر ستريت” في بحر العرب مؤخراً، حيث أدى الهجوم إلى مقتل بريطاني وروماني من أفراد الطاقم، حسبما أعلنت شركة “زودياك ماريتايم” المشغلة للسفينة، والمملوكة من الملياردير الإسرائيلي إيال عوفر، ومقرها لندن. هذا الأمر يقودنا إلى أن عملية ضبط النفس لن يحقق النتائج، وأن اشتعال فتيل الحرب ممكن الحدوث، وإن حدث. فهل ستتحمل المنطقة تكلفة أي مواجهة بين الطرفين؟
مصدر الصورة: الحرة.
موضوع ذا صلة: تعطُّل الملاحة في قناة السويس: الأبعاد والتداعيات والتوقعات