ألغى العاهل المغربي، الملك محمد السادس، لقائه مع وزير الخارجية الأمريكي، مايك بومبيو، الذي زار المغرب مؤخراً، حيث قدِم بومبيو إلى المغرب حاملاً في جعبته طلباً لإقامة علاقات مع إسرائيل بمستوى العلاقات ذاتها، التي أقامتها معها العام 1994، حينما فتحت تل أبيب في الرباط مكتبا للإتصال، والشيء نفسه قامت به الرباط.
عن إلغاء إستقبال وزير الخارجية الأمريكي، وتوقيت الزيارة وتداعيات الرفض المغربي، سأل مركز “سيتا” الأستاذ نبيل أنطوان بكاني، الكاتب الصحفي المغربي، حول تفاصيل هذا الموضوع.
لا توضيحات
إلتقى الوزير بومبيو مسؤولين رفيعين في المغرب أولهم رئيس الوزراء، ثم مدير عام الأمن والمخابرات وذلك للأهمية الإقتصادية والإستراتيجية في مجال الأمن والإرهاب التي يشكلها المغرب بالنسبة للولايات المتحدة. وقد كان مرتقباً أن يستقبل العاهل المغربي المسؤول الأميركي، غير أنه في آخر لحظة تم الإعلان عن إلغاء اللقاء دون إعطاء توضيحات.
لكن كما هو معروف في الأعراف الدبلوماسية المغربية، فإن التوجه الرسمي للسياسة الخارجية يقوم على الإعتدال في المواقف وعدم إبراز وجهات نظر قوية تجاه الدول الحليفة خاصة عندما يتعلق الأمر بحليف قديم كالولايات المتحدة. في ذات الوقت، تبقى القضية الفلسطينية ذات طبيعة خاصة في الوسط المغربي الشعبي وأيضاً السياسي لأن هنالك إجماع لا رجعة فيه لدى المجتمعين السياسي والمدني في المغرب تجاه القضية الأولى للعرب.
لقد كان المغرب عبر تاريخ القضية لاعباً محورياً، إذ لعب دور الوساطة التي تبنت الحكمة في المواقف تجاه اللاعبين الغربيين والمودة تجاه الأشقاء العرب. لذلك، لم يكن غريباً أن يستضيف المغرب إلى اليوم اللجنة الدائمة للقدس التي يعتبر العاهل المغربي رئيسا لها؛ وبالتالي، إن فوضع المغرب كان مأزوماً لو تم القبول بعقد لقاء مع المسؤول الأميركي، لأنه حينها كان القصر سيجد حرجاً في التعاطي مع العرض الأميركي الذي جاء به الوزير بومبيو.
إختراق دبلوماسي
هنالك مستجد مهم ربما كان له تأثير على قرار الرباط حول لقاء بومبيو، وهو ما ذكرته قبل الزيارة، القناة الإسرائيلية نقلاً عن مسؤولين كبار، بشأن آمال رئيس الوزراء الإسرائيلية في زيارة بومبيو لإحداث اختراق في التقاليد الدبلوماسية الثابتة في المغرب والتي ترفض أي شكل من التطبيع الرسمي. دخول الجانب الإسرائيلي ممثلاً برئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، لأجل توظيف “الإنجاز الدبلوماسي” المنتظر، كما وصفه، من أجل اللعب بورقة اليهود المغاربة الذين يشكلون قوة انتخابية في إسرائيل كانت ستكون له تداعيات كبيرة على الرباط وتقلب قواعد سياسته الخارجية التي لم تتغير منذ عهد الدولة الحديثة.
ملف الصحراء
أما فيما يتعلق بالأجندات الأميركية، فإن الأمر يتعلق بملف الصحراء بكل تأكيد، فالكونغرس الأميركي صوت العام الماضي (2018) لصالح قرار يخص الدعم الموجه إلى المغرب حيث شمل لأول مرة إقليم الصحراء ما اعتبره المغرب نقطة هامة لصالحه. لقد حاول الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، الضغط على المغرب من جانب قضية الصحراء، التي تعتبرها الرباط ذات بعد مصيري، وهو ما اغرم الرباط على مجاراة واشنطن في بعض بنود ما يعرف بـ “صفقة القرن”. أضف إلى ذلك، هنالك تحرك داخل المغرب من قبل الدبلوماسية الأميركية وأذرعها الموازية على مستوى السفارة لإختراق المجتمع المدني عبر ملف الأقليات الدينية خاصة ملف المسيحيين الذي بدأ ينشط بوتيرة واضحة، بأيدٍ أميركية، أو تحريك بعض المطالب غير الشعبية، كمسائل الحريات الفرضية وإظهار المغرب كدولة تكبت هذا النوع من الحريات.
من هنا، ترى الولايات المتحدة في المظاهرات التي تشهدها إيران، وإلتهاء هذه الأخيرة بالأحداث، فرصة لتسريع عملية التطبيع مع إسرائيل وخلق تحالف جديد من الملكيات لمواجهة ما تسميه الخطر الإيراني، وهو ما تبرزه مبادرة بومبيو التي رسمها وزير خارجية تل أبيب، يتسرائيل كاتس، بإسم “معاهدة عدم الإعتداء” وتخص مضيق هرمز، والتي تم اختيار أربع ممتلكات عربية للتوقيع عليها وهي المغرب والإمارات وسلطنة عمان والبحرين.
مصدر الصور: صحيفة العرب.
موضوع ذو صلة: الداودي: لا تسوية مغربية مع البوليساريو إلا بالحوار مع الجزائر