إن استخدام الغواصات – في العمليات الحربية الحديثة على نطاق واسع – جلب للقانون الإنساني الدولي جملة من المصاعب. فكما هو ملاحظ في الحياة العملية من تجارب الحروب السابقة، أن الجيوش قد تلجأ من خلال حصارها لمرافئ المياه ومياه الدولة الخصم إلى إغراق السفن التجارية مثلاً.

ففي فترة الحرب العالمية الأولى، تم التوقيع على “بروتوكول لندن” حول تنظيم العمليات الحربية الخاصة بالغواصات؛ ووفقاً لهذه الوثيقة الدولية، كان قد تم التأكيد على منع قيام الغواصات بإغراق السفن التجارية، أو القبام بأية أعمال من شأنها أن تهدد أمن المسافرين وطواقم السفن، أو إلحاق الضرر في مجموعة الوثائق الرسمية الموجودة على متن السفينة، إلا في الحالات الاستثنائية أي عندما ترفض السفينة التوقف من أجل التفتيش. عندها، يمكن حصول أمور وأحداث من الصعب التكهن بنهاية سعيدة لها.

أما في الحرب العالمية الثانية، كان استخدم سلاح الغواصات بشكل واسع، وهذا بدوره – كان وما يزال – يعزز المطلب الدولي في إلزامية التقيد بجميع قواعد القانون الدولي الإنساني، إذ ان تاريخ الحروب الطويل الذي لازم تاريخ الإنسان وبشكل دائم، كان قد أجاز في السابق للإنسان والجيوش أثناء القيام بالأعمال الحربية باستخدام جميع الوسائل المتاحة بغية تحقيق الأهداف المنشودة التي شُنّت من اجلها تلك الحروب؛ أما وقد أصبح من الصعب السماح باستخدام كل الوسائل المتاحة من أسلحة وتكنولوجيا متطورة ومتوفرة حيث ستكون النتيجة كارثية وبغاية الخطورة، وفإن الأمر بات يشكل تهديداً واضحاً وقوياً لحياة الإنسان والطبيعة، بالتالي تهديداً كبيراً للبيئة ككل وللوجود الحي على هذا الكوكب.

الآن، أصبحت أنواع الأسلحة – المحرم استخدامها في مختلف الحروب – تشهد تطوراً كبيراً في إنتاج وتطور الكم والنوع بما أضيف إليها من خصائص خطيرة وفتاكة؛ بالتالي، إن قواعد القانون الإنساني الدولي أصبحت سارية أيضاً على جميع الأنواع الجديدة المنتجة لمختلف صنوف الأسلحة والمعدات العسكرية الأخرى المتطورة، لكن من غير الواضح في العلاقات الدولية الحديثة مسألة الخطر الكبير الذي يمثله إنتاج وتطوير السلاح النووي، والأخطر الأكبر المتمثل في إمكانية استخدامه في الصراعات الدولية.

من هنا، إن المعرفة الأكيدة من الخطر الكبير الذي يمكن أن يحمله استخدام تلك الأسلحة الفتاكة على الإنسان والبيئة بشكل عام من الصعب تحديده أو حتى معالجته، فاستخدام السلاح النووي في فترة الحرب العالمية الثانية ضد اليابان ما زال يحمل الألم والعذاب لملايين الناس حتى يومنا هذا.

مصدر الصورة: عربي 21.

موضوع ذا صلة: موقف القانون الدولي من الحروب

عبد العزيز بدر القطان

كاتب ومفكر -الكويت