إن تاريخ الحضارة الإنسانية الطويل وتاريخ الدول يشهدان على الدور المهم والمميز للفكر السياسي الذي لعبه في تاريخ وحياة الدول، مما يمكنه أن يفسر الفهم والبُعد الحقيقي لمختلف الصراعات الدولية على أنها صراعات كانت تتخفّى تحت قناع لأفكار سياسية محددة.

وبمقدار ما تكون فيه السياسة شرسة وقوية، فإن هذا يعني بأن السياسة تتطلب الدعم والتأييد والتوافق الأقوى من قبل الفكر السياسي، وبالنظر بكل دقة ووضوح في تاريخ العلاقات الدولية، نجد أن الحقيقة والواقع العملي للحياة الدولية يثبت على أن نمط التفكير السياسي الموحد في السابق لم يستطع أن يؤمن السلام الاستقرار المطلوبين، بدليل ما جرى في الحربين العالميتين الأولى والثانية على أن كلاً منهما قد جرت بين دول من ذات النظام والفكر السياسي الاجتماعي الواحد.

أما ما جرى بعد مجريات الحرب العالمية الثانية من تطور في الفضاءات المختلفة في العلاقات الدولية المشتركة والكثيرة فيما بين مختلف الدول وعلى اختلاف أنظمتها السياسية والفكرية والثقافية والاقتصادية، نجد هذا التطور كان قد أعطى نتائج مهمة وإيجابية جلبت السلام والاستقرار للعلاقات الدولية، وبالتالي، جد أن هذا التطور كان قد انعكس بالإيجاب الكبير على تطوير منظومة القانون الدولي وتحديثها.

من هنا، إنه لمن الواضح أن الفترة الزمنية الواقعة ما بين الحرب العالمية الثانية ونهاية القرن العشرين، كانت قد أفرزت ثلاثة مذاهب من الفكر السياسي، لنجد العالم الثالث المتنوع بأفكاره، وأوروبا الغربية وأمريكا وأوروبا الشرقية والاشتراكية، مع الملاحظة أنه في الواقع العملي للعلاقات الدولية الحديثة هو حصول تقارب كبير بين المدارس الثلاث في الفترة الواقعة ما بين نهاية القرن الماضي إلى يومنا هذا.

كما نجد أن هذا التقارب بين مذاهب الفكر السياسي هذه هو أمر أسهم في عملية تعزيز الأمن والاستقرار الدوليين، وهذا التقارب أمر لا يمكن الاستغناء عنه لتعزيز الصداقة والسلام والتعاون في مختلف المجالات الإنسانية والثقافية والاجتماعية والسياسية والاقتصادية.

بالتالي، إن حقيقة الاختلاف في الفكر السياسي يجب ألا تكون دافعاً أو سبباً لعدم التعاون في قيام السلام والاستقرار الدولي والمحافظة عليه.

مصدر الصورة: قناة الحرة.

موضوع ذا صلة: مجلس الأمن الدولي.. الواجب والمسؤوليات

عبد العزيز بدر القطان

مستشار قانوني – الكويت