مركز سيتا

أشادت أوساط عربية وخليجية بجولة ولي العهد السعودي، الأمير محمد بن سلمان، في منطقة الخليج، لما تهدف إليه – بحسب رأيهم – من إعادة تفعيل العمل المشترك وتخطي الخلافات من أجل تحقيق وحدة بين دول منظمة التعاون الخليجي، هذا على جانب.

لكن على الجانب الآخر، تساءل البعض عما يهدف إليه ولي العهد السعودي، مشيرين إلى أنه يبحث عن دور له في المنطقة.

الاستقرار أولوية

احتفت العديد من الأوساط بالزيارات التي قام بها ولي العهد السعودي لكل من عُمان والإمارات وقطر والبحرين، كما استبقت الصحف الكويتية الزيارة المرتقبة للكويت اليوم بترحيب كبير.

في هذا الشأن، يرى الكاتب السعودي، محمد الساعد، أن الجولة تعكس طموحات خليجية كبيرة، قائلاً “قدر هذه المنطقة من العالم العربي أن تقود قطار التغيير، فعلى مدى سنوات طويلة كانت دول الخليج هي مركز الأعمال والتجارة، وأغلب العالم العربي يقتات على أسواقها، إما من تحويلات عامليه أو من تجارتها معه”.

من جانبه، رأى الكاتب اللبناني سمير عطا الله أن الجولة “تبدو مثل زيارات داخلية. فالدول الثلاث التي زارها في ثلاثة أيام تربطها جميعاً بالمملكة حدود واحدة وتاريخ واحد وثقافة واحدة ومصالح مشتركة لا حدود لها. كل ما تحتاج إليه هذه العناصر الجوهرية هو التأكيد والتطوير. ولا تخلو العلاقات الأخوية، مهما كانت وثيقة، من أزمات عابرة أو سوء تفاهم، لكن المهم العودة دائماً إلى مرجعية القربى وحكمة الاستقرار”، متابعاً “أمام الخليج خياران واضحان: إما الانخراط في صناعة التقدم، وإما الانهزام أمام سياسات التخلّف والانقسام والخطاب الرديء الذي يحرص عليه جيران الفتنة ودُعاة اللغو”.

أهداف الجولة

شهدت جولة ولي العهد السعودي توقيع اتفاقيات مهمة، وقبلها كان تأسيس مجالس الشراكات مع دول مجلس التعاون الخليجي كافة، إذ يحاول بن سلمان – من خلال جولته – تخفيف حدة الخلافات حول بعض الملفات، إضافة إلى إعادة تأهيله كقائد مرغوب فيه في المنطقة، في الوقت الذي تحاول دول الخليج الأخرى إعادة بناء علاقاتها، تحسباً لنتائج الحركة السياسية والاقتصادية الجديدة.

في وقت يشهد فيه الخليج تغيرات متعددة ومضاعفات الإنسحاب الأمريكي من أفغانستان والقلق حول “الحليف” الغربي، تأتي الجولة لترسم معالم لهذه المتغيرات، ناهيك عن المنافسة المتزايدة في الخليج، مسار الدبلوماسية السعودية في المرحلة المقبلة.

لكن يبقى سؤالين مهمين: على أي أساس سيتحدد هذا المسار؟ ووفق أي دور؟ يبدو أن الهدف المعلن من الجولة يقع ضمن توثيق العلاقات المشتركة، ومحاولة ترميم الخِلافات والبيت الخليجي خصوصاً بعد قمة العلا وما أنتجته من مصالحات خليجية مع قطر، ناهيك عن الإعداد للقمة الخليجية المقبلة، التي ستُعقَد في النصف الثاني من ديسمبر/كانون الأول 2021 بالعاصمة الرياض؛ أما الهدف غير المُعلن، فهو المساعدة بموضوع الأزمة اليمنية لجهة السعي إلى إيجاد مخرج مقبول لإنهاء النزاع القائم، منذ العام 2015.

على المقلب السياسي، يرى العديد من المراقبين بأن كواليس الزيارة تشير إلى هدف غير معلن أخر يتمثل في “تجهيز” البيت الخليجي لتتويج ملك جديد للسعودية وذلك كخطوة تأخرت كثيراً بسبب الظروف الإقليمية، والضغوطات الخارجية – سواء لجهة مسألة حادثة مقتل الصحفي جمال خاشقجي وقضايا حقوق الإنسان بشكل عام – إضافة إلى بعض المعلومات التي تشير إلى وجود بعض الأمور التفصيلية داخل العائلة الحاكمة نفسها.

توقيت مناسب

تُعتبر جولة ولي العهد السعودي الخليجية مهمة وفي توقيتها المناسب، فما تمرّ به المنطقة من استحقاقات سياسية وملفات مُلحّة، أبرزها مفاوضات الملف النووي الإيراني المفتوحة على كل الاحتمالات، والأزمة في اليمن، واستقرار العراق، والتغيرات الجيو – ستراتيجية التي تحيط بالمنطقة والعالم، تتطلب أعلى مستوى من التنسيق والتوافق بين دول مجلس التعاون الخليجي؛ وبالتالي، يمكن القول إنها لن تكون مجرد جولة بروتوكولية أو عادية، وإنما جولة لتعميق المصالح وتوحيد البيت الواحد.

كما ركزت الجولة على أهم القضايا المشتركة بين دول مجلس التعاون لدفع عجلة مختلف الأنشطة الاقتصادية والاجتماعية وتعزيز سُبل التعاون بين دولها، كما ستشهد الجولة إجراء عدة مشاورات سياسية وذلك من أجل توحيد المواقف السياسية لمختلف القضايا. كما يمكن أن تكون الزيارة قد أفضت إلى تغيرات إيجابية مع بعض دول الجوار، على خطى الإمارات التي قد بدأت عدة اتصالات سياسية مع إيران وسوريا وتركيا كمحاولة منها لإزالة الخلافات السياسية مع دول المنطقة، وهذا ما يتوقعه البعض من المباحثات التي اجراها ولي العهد السعودي مع الشيخ محمد بن زايد والتي يتوقع أن يكون لنتائجها “أثر طيب” على العلاقات بين دول المنطقة وحل الخلافات دون تدخل من الدول الكبرى، مثل الولايات المتحدة وروسيا والدول الأوروبية.

من هنا، يبدو أن جولة ولي العهد السعودي الخليجية مهمة بتوقيتها حيث يتطلب الوقت الراهن تقوية الروابط ما بين دول مجلس التعاون الخليجي على وقع التطورات في المنطقة وذلك من أجل تحقيق نوع من الإستقرار فيها، كما أن الجولة قد تمهّد لخروج القمة الخليجية القادمة بنتائج أكثر قابلية للتطبيق المشترك من خلال رفع وتيرة التعاون بين دول الخليج العربي في المجالات كافة، وإعادة التأكيد على مبادئ حسن الجوار داخل المنظومة الخليجية نفسها وخارجها، والعمل على “تصفير” المشكلات المحيطة بالإقليم، وتعزيز التعاون الخليجي نحو مزيد من الازدهار لشعوب الخليج وتحقيق الأهداف التنموية والاقتصادية والاستثمارية، وتنفيذ المشاريع المشتركة، التي يتطلبها المستقبل، وهي الأهداف الأساسية التي وضعها الأمير السعودي لتحقيقها.

مصدر الأخبار: سيتا + وكالات.

مصدر الصور: العربية – النهار.

موضوع ذا صلة: جولة بن سلمان الدولية تعزّز استراتيجية “الرؤية السعودية 2030”