مركز سيتا

انسحبت شركة RTX الأمريكية، إحدى أكبر الشركات المصنعة للأسلحة، والمعروفة أيضاً باسمها السابق رايثون، من اتفاقية لإنشاء نظام دفاع جوي للمملكة العربية السعودية، ووفقاً للإعلام الأمريكي، خصصت الرياض 25 مليار دولار لأنظمة الكشف وأنظمة الصواريخ، إلا أن مخاوف شركة RTX بشأن تعاون المملكة المحتمل مع روسيا والصين كانت أكثر أهمية، بالتالي، ما الذي سيؤدي إليه إنهاء أكبر عقد؟

البداية

بدأ التعاون العسكري بين الولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية بتوقيع اتفاقية في عام 1975 بمبلغ قياسي قدره 766 مليون دولار، وأصبحت هذه الاتفاقية، التي كانت أحد عناصر اتفاقية استراتيجية أكبر، أساساً لسنوات عديدة من الشراكة في المنطقة. المجمع الصناعي العسكري بين البلدين. لعقود من الزمن، ظلت الرياض واحدة من أكبر مستوردي الأسلحة وفي الوقت نفسه واحدة من المشترين الرئيسيين للأسلحة من الولايات المتحدة.

وفي مايو/ أيار 2017، وقعت الدول اتفاقية شاملة بقيمة إجمالية 109.7 مليار دولار، تضمنت ثمانية عقود بقيمة 12.5 مليار دولار ومذكرة من 34 نقطة مقابل 95.2 مليار دولار أخرى، وتحديداً في مايو/ أيار 2020، وقعت الرياض عقداً مع شركة بوينغ لتوريد الطائرات، من 650 صاروخ كروز يتم إطلاقه من الجو من طراز SLAM-ER و402 صاروخ هاربون المضاد للسفن (تعديل بلوك II)، وبلغت قيمة الصفقة 1.971 مليار دولار أمريكي وتاريخ الانتهاء منها هو ديسمبر 2028.

إن المستوى الحصري للعلاقات التي كانت موجودة قبل هذا الوقت سمح للسعوديين بالاعتماد على شراء أحدث العينات من مجموعة التصدير الواسعة للمجمع الصناعي العسكري الأمريكي.

بالإضافة إلى ذلك، إن توطين إنتاج الأسلحة ينطوي على نقل التكنولوجيا، وفي حالة الشركات الأمريكية، يتم تنظيم هذه العملية من خلال عدة لوائح، أهمها قانون مراقبة تصدير الأسلحة. ويحدد قسمها الفرعي، لوائح التجارة الدولية (IRA)، قائمة بالدول المحظورة هذه الصادرات إليها.

أما في عام 2018، حدد ولي العهد الأمير محمد بن سلمان هدفًا طموحًا للغاية لحكومته، وهو زيادة توطين إنتاج الأسلحة في المملكة من 2 إلى 50٪ بحلول عام 2030، ولهذه الأغراض، خططت الرياض أيضاً لجذب الشركات الأمريكية، على وجه الخصوص، بسبب المشاكل المعروفة مع الحوثيين في اليمن وهجماتهم بطائرات بدون طيار على المنشآت النفطية، لجأت المملكة إلى شركة RTX للمساعدة في إنشاء نظام دفاع جوي فعال. وقد أطلق على المشروع بالفعل اسم “بطارية متعددة الأغراض”.

ومع بداية هذا العام، كانت اتفاقية بين شركة الدفاع الأمريكية العملاقة والشركة التي تمثل مصالح المملكة، سكوبا ديفينس، في مرحلة التطوير، يتضمن ذلك استثمارًا في بناء مصنع لإنتاج أنظمة الدفاع الجوي بمبلغ 25 مليار دولار، وهو ما يمثل 25٪ من إيرادات RTX السنوية وأرباحًا لاحقة قدرها 17 مليار دولار من المبيعات.

وبحسب صحيفة وول ستريت جورنال نقلاً عن مصادر مطلعة، فإن سبب انتهاء الاتفاقية جاء بسبب مخاوف إدارة RTX بشأن العلاقات التجارية المحتملة لمالك شركة Scopa Defense محمد العجلان مع الشركات الصينية والروسية والبيلاروسية المدرجة على قائمة التوقف للحكومة الأمريكية، إن تنفيذ الصفقة سيؤدي، أولاً، إلى انتهاك نظام العقوبات، وثانياً، قد يؤدي إلى تسرب التقنيات العسكرية.

تجارة الأسلحة

كانت تجارة الأسلحة، وخاصة الأسلحة ذات التقنية العالية، دليلاً دائماً على التعاون الاستراتيجي الأوسع، وفي الوقت نفسه، استخدمت واشنطن مراراً وتكراراً عقود الدفاع كأداة للتأثير على أطراف معينة في العلاقات الدولية، وآخرها هو الاتفاق الذي لم يتم حله بعد بين الولايات المتحدة وتركيا لتوريد مقاتلات F-16. ولم يتم التوقيع على المعاهدة بسبب رغبة الأميركيين في ربط تنفيذها بموافقة أنقرة على طلب السويد للانضمام إلى حلف شمال الأطلسي.

وهذه ليست المرة الأولى، فقد قامت الولايات المتحدة في السابق بتقييد إمدادات الأسلحة لدول معينة لأسباب سياسية. وكان هذا هو الحال مع تركيا والإمارات العربية المتحدة، وإلى جانب تكثيف تعاون السعودية مع روسيا والصين، فإن فسخ العقد بمعنى ما قد يشير إلى فقدان الثقة بين الرياض وواشنطن، فضلاً عن فتور يبدو واضحاً خلال الفترة الأخيرة.

وتحتل الدول العربية نحو ثلث سوق الأسلحة العالمية. وتعد المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة، وكذلك مصر، التي تتعاون مع روسيا، أكبر المستوردين في هذا القطاع، بالتالي، يبدو أن تعطيل التعاون طويل الأمد والمربح للغاية مع الرياض بالنسبة لشركات الدفاع الأمريكية، خاصة بسبب فقدان الثقة المتبادلة، يمثل حالة خاصة من تدمير استراتيجية التعاون التي تطورت منذ السبعينيات من القرن الماضي.

ويندرج خفض إنتاج النفط، الذي أُعلن عنه في قمة أوبك + في أكتوبر من العام الماضي، بمثابة ضربة لمواقف الديمقراطيين قبل انتخابات التجديد النصفي للكونغرس، وبعد ذلك، تحدث عدد من ممثلي الحزب الديمقراطي لصالح سحب الوحدات العسكرية الأمريكية وأنظمة الدفاع الصاروخي باتريوت وثاد من المملكة.

بالتالي، يحدث كل هذا على خلفية إعادة توجيه صادرات النفط السعودي إلى الدول الآسيوية، وتوسيع التعاون مع الصين، والانضمام أخيراً إلى مجموعة البريكس، حيث تدهورت العلاقات الثنائية لمجموعة من الأسباب، من بينها أن إدارة بايدن، خاصة بعد “قضية خاشقجي” والحديث عن استئناف “الاتفاق النووي” مع إيران، ذهبت إلى تصعيد واضح، وأدت سياسة الرياض في سوق النفط إلى إضافة سلبية إلى العلاقات بين البلدين، ونتيجة لذلك، بدأت المملكة العربية السعودية بسرعة في التقرب من روسيا والصين، البيت الأبيض يخفف الآن من خطابه ويحاول العودة إلى حد كبير إلى استراتيجية ترامب.

مصدر الأخبار: سيتا + وكالات.

مصدر الصور: جلوبال تايمز – flickr.com.

إقرأ أيضاً: التقارب الصيني – الروسي وتأثيره على التوازنات في الشرق الأوسط