التقى مستشار الأمن القومي لدولة الإمارات، طحنون بن زايد، عدداً من المسؤولين الإيرانيين في زيارة لافتة لطهران؛ وبالتزامن مع هذه الزيارة، وصل وزير الخارجية السوري، فيصل المقداد إلى طهران أيضاً، بدعوة من الأخيرة، في “مصادفة مرتبة” للجلوس على طاولة واحدة وبحث ملفات يبدو أنها مشتركة بين الأطراف الثلاثة.
يعتبر المستشار طحنون بن زايد رجل المصالحات – كما يطلق عليه – ومترجم السياسية الجديدة لدولة الإمارات، ومع النهج الجديد للسياسة الإماراتية الخارجية – وبحسب وزير الدولة للشؤون الخارجية الإماراتية أنور قراقاش – تعمل الإمارات على وصل ما انقطع خاصة في الأعوام العشر الأخيرة.
نقطة وصل
بعد التحرك الإماراتي تجاه سوريا – والذي بدأ عملياً منذ العام 2018 بعد إعادة فتح السفارة الإماراتية في دمشق – اكتمل المشهد مع زيارة وزير الخارجية الإماراتي، عبدالله بن زايد مؤخراً إلى العاصمة السورية، في زيارة وصفت بالتاريخية، لكنها أقل زخماً من الناحية الإعلامية على الأقل ربطاً مع زيارة إيران.
زيارة طحنون إلى الإمارات تحمل أهمية كبيرة، لكن المتابعون يتساءلون عن الدور السوري في ذلك؛ بالتالي، على الرغم من ضعف الذي أصاب سوريا – على كافة الأصعدة بسبب الحرب الطويلة التي تعاني منها – لكنها لا تزال تشكل “نقطة وصل” بينجميع الملفات خاصة الساخنة في المنطقة؛ فمن جهة العلاقات السورية – الإيرانية فهي أكثر من جيدة من الناحية السياسية، إلى جانب كون دمشق “طريق عبور” لأي إمداد عسكري يصل إلى محور المقاومة، كما أن أي مشروع اقتصادي طاقوي حيوي – على وجه التحديد – لا بد وأن يمر منها أيضاً، سواء مشروع الغاز القطري الذي عاد الحديث عنه، أو حتى الغاز المصري الذي سيصل إلى لبنان، زد على ذلك خطوط التجارة الدولية بشكلٍ عام.
من هنا، تعرف الإمارات تماماً أهمية دمشق بالنسبة لكل تلك المواضيع،؛ وبالتالي، هي تعمل على إزالة العقبات من الطريق، والبداية العملية والفعلية كانت من بوابة إيران.
حجز موقع؟
من المعروف أن الإمارات انسحبت عسكرياً من الحرب اليمنية على الرغم من أنها لا تزال تنسق مع حليفتها – السعودية – لوجستياً، إلا أن مسارعتها لجولات دولية وإقليمية وتطبيع واسع مع الحلفاء ومن كانوا أعداء في الأمس، أمر يثير تساؤلات كثيرة، خصوصاً وأن أبو ظبي تعمل اليوم على لعب دور محوري مبني على انتهاج سياسات جديدة في المنطقة، بتوافق أمريكي؛ بالتالي، إذا ما سارت الأمور كما تريدها الإمارات، فقد يضع التنسيق بينها وبين إيران بداية لنهاية حرب اليمن التي بدأت منذ العام 2015.
وعلى الرغم من أن هذا الحراك قد لا يعجب الرياض، لكن لا يمكن بغفال بأن هناك امتعاضاً دولياً من تصاعد العنف في الحرب الدائرة خاصة بعض المناطق الحيوية اليمنية، والتي إن سيطر عليها “أنصار الله” – الحوثيون ما يعني خسارة الحكومة الشرعية اليمنية، وكذلك خسارة التحالف لحرب لم تحقق أية مكاسب، سواء لجهة النفوذ أو الصراع على ممرات التجارة البحرية.
من هنا، ما يزال التكهن بالمواضيع التي سيتباحثها مسؤولو الإمارات وإيران وسوريا غامضة قليلاً، لكنها حتماً تتضمن اليمن والوضع السوري بدرجة عالية لإيجاد حلول إنهاء الصراع فيهما، خصوصاً وأن الإمارات تدرك بأن مفاتيح الحوار الناجح مع إيران تكمن في سوريا ذاتها إذ لطالما كانت دمشق – قبل أعوام الأزمة – تشكل “ضابط إيقاع” للعلاقة ما بين دول الخليج العربي وجارتهم إيران.
فإذا ما نجحت أبو ظبي في ذلك – وستنجح – ستكون المنطقة على موعد مع مشهد سياسي – اقتصادي جديد بدأ من دمشق ومرّ على أنقرة وسيطبخ في إيران برعاية إماراتية ومباركة أمريكية هذه المرة، ما سيبشر بقفزات مفاجئة على كافة الأصعدة.
مصدر الصورة: وكالة الصحافة الفرنسية.
موضوع ذا صلة: أنقرة بعد دمشق.. هل بدأ الدور الإماراتي بالتنامي إقليمياً؟
موضوع ذا صلة: ماذا في جعبة عبدالله بن زايد؟