البراغماتية هي المذهب العملي أو فلسفة الذرائع أو العملانية، وهو مذهب فلسفي سياسي يعتبر نجاح العمل المعيار الوحيد للحقيقة، رابطاً بين التطبيق والنظرية، حيث أن الأخيرة يتم استخراجها عبر التطبيق.

وفي تعريفٍ آخر، تعتبر البراغماتية حالة من الجمود الفكري يتعصب فيها الشخص لأفكاره لدرجة رفضه الاطلاع على الأفكار المخالفة، حتى وإن ظهرت له الدلائل التي تثبت له أن أفكاره خاطئة، سيحاربها بكل ما أوتي من قوة، ويصارع من أجل إثبات صحة أفكاره وآرائه؛ بالتالي، هي حالة شديدة من التعصب للأفكار والمبادئ والقناعات، لدرجة معاداة كل ما يختلف عنها.

ونشأت هذه المدرسة في الولايات المتحدة الأمريكية أواخر العام 1878، ويعدّ تشارلز بيريس أول من أدخل هذا اللفظ ضمن الفلسفة العام 1878، من خلال مقاله الذي حمل عنوان “كيف نجعل أفكارنا واضحة”، والبراغماتية إسم مشتق من اللفظ اليوناني “براغما” وتعني “العمل”.

وتقوم البراغماتية على أن الأثر العملي هو المحدد الأساسي في صدق المعرفة وصحة الاعتقاد بالحياة الاجتماعية للناس، فالقيمة والحقيقة لا تتحددان إلا في علاقتهما بالممارسة العملية.

لم تَلقَ كلمة براغماتية رواجاً كبيراً عندما وظّفها بيريس لأول مرة في مقاله الفلسفي؛ لكن بعد مرور ما يقارب الـ 20 عاماً، بدأت كلمة براغماتي تنتشر على صفحات المجلات. إلا أن فهم البراغماتية – كمعنى قائل بأن الحقائق قائمة على النتائج مما يعني عدم ثباتها – سيعود بنا إلى الفلسفة اليونانية وفكرة هيراقليطس بأنه لا شيء ثابت والحقائق تتغير، والحقائق المطلقة ليست موجودة على أرض الواقع، فكل شيء في صيرورة. وقد انتشرت البراغماتية كمذهب فلسفي له أصوله في الولايات المتحدة منذ بدايات القرن الـ 20، وتعدّ من أسس النظام الرأسمالي القائم على المنافَسة الفردية.

كما تعتبر الفلسفة البراغماتية من أكثر الفلسفات التي أثارت وتثير الجدل الفكري، لدى كثير من المفكرين والباحثين، أو المشتغلين في حقل المعرفة والفكر الفلسفي، إذ أن العقل البياني يتعامل مع النصوص الفلسفية تعاملاً أفقياً بحيث يلامسها تلامساً سطحياً بدلاً من النظر فيها شاقولياً وإعمال الذهن فيها من شك ونقد ومساءلة.

وإذا كان صحيحاً أن الأفكار رهن بمجرى الواقع فإنه من حيث النتيجة، يعتبر الكل مباحاً له الحضور، مقابل المنفعة والارتقاء، وهو الجوهر الحقيقي للفلسفة البراغماتية المنتصرة في القرن الـ 21.

مصدر الصورة: Governing Magazine.

موضوع ذا صلة: الاشتراكية.. نظرية مساوة بعيدة عن الواقع

عبد العزيز بدر القطان

مستشار قانوني – الكويت