في أوائل يناير/كانون الثاني 2022، انزلقت كازاخستان في الفوضى وأعمال العنف في الشوارع، ما بدا للعالم على أنه انتفاضة شعبية ضد الحكومة؛ ولكن بالحقيقه، إنها شبكة للجريمة المنظمة تطلق الرصاص من مقر مركزي، وفقاً لمسؤولين، حيث تحولت ألما آتا – أكبر مدن كازاخستان وأكثرها ازدهاراً – إلى منطقة حرب مليئة بالجثث والمباني والسيارات المحترقة.

مؤخراً، أعلنت الحكومة الكازاخية عن ارتفاع حاد في أسعار الوقود، وبدأت الاحتجاجات بعد ذلك. لكن الأمر لا يتعلق بالمصدر الحقيقي للاضطرابات – أي ارتفاع الأسعار – بقدر ما يتعلق بالصراع على السلطة بين الموالين لنور سلطان نزارباييف، الذي تنحى عن منصبه كرئيس العام 2019 محتفظاً بسلطات واسعة وحصل على اللقب الفخري “زعيم الأمة”، وقاسم جومارت توكاييف، الرئيس الحالي الذي قام مؤخراً بتعديل في المناصب المهمة للدولة، وكان منهم سامات أبيش، إبن شقيق نزارباييف (قلم بترقيته إلى منصب النائب الأول لرئيس لجنة الأمن القومي – KNB في ديسمبر/كانون الأول 2015)، الذي أقيل من منصبه كنائب لرئيس الأمن من قبل توكاييف حيث ذكرت مصادر ميدانية بأن أبيش لعب دوراً رئيسياً في تنظيم الاضطرابات، وهو أيضاً من أتباع جماعة “الإخوان المسلمين” المعروفين للجميع على أنهم شكل سياسي من الإسلام، لكنهم في الحقيقة يعتبرون خطيراً كبيراً على الاستقرار السياسي الداخلي والأمن القومي لكازاخستان.

وقبل أن نكمل الحديث، تجب الإشارة إلى أن الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، وحزبه، “العدالة والتنمية”، هم من أتباع “الإخوان المسلمين”، في حين صنفت العديد من الدول، مثل روسيا ومصر والإمارات وسوريا، الجماعة على أنها تنظيم إرهابي وحضرت عملها.

بالعودة إلى أبيش، يذكر أحد الحسابات على “تويتر” بأن محتجز في ألما آتا اليوم. كما تشير العديد من المعومات إلى أن كريم ماسيموف، الرئيس السابق للجنة الأمن القومي الكازاخستانية – KNB / جهاز المخابرات والأمن في البلاد، قد اعتقل، 6 يناير/كانون الثاني، بتهمة الخيانة العظمى.

أيضاً، تم اعتقال أرمان دزوماجيلدييف، هو أحد أكثر رجال العصابات شهرة في البلاد والذي ألقى خطباً بينما أحرقت المباني الحكومية خلفه، حيث أعلنت وزارة الداخلية الكازاخية عن اعتقاله مع 5 من معاونيه.

في مقاربة للأحداث، يمكن رؤية أوجه التشابه بين الاضطرابات في كازاخستان وما حدث في سوريا، مارس/آذار 2011؛ ففي كلتا الحالتين، بدا أن المتظاهرين ينتطمون بسرعة، بما في ذلك الأجانب، حيث تم استهداف وقتل عناصر من الشرطة، في البداية. في حالة سوريا، كان هجوم الولايات المتحدة –ومعها حلف الناتو – يهدف إلى “تغيير النظام”، مستخدمين وسائل الإعلام الغربية والمقاتلين الأجانب، وهو ما قاله الرئيس توكاييف – في جزء منه – لجهة إتهامه وسائل “الإعلام الحر” و”الشخصيات الأجنبية” بالتواطؤ في الجرائم في كازاخستان.

في هذا الصدد، لاحظ الناشط الكازاخي في حقوق الإنسان، جليم أجيليولوف، أن حشد المتظاهرين يشير إلى أنهم “عصابات إجرامية، وبلطجية عاديين، وليسوا معارضة معتادة ضد الحكومة أو طلاب”.

أيضاً، إن عملية قطع رؤوس رجال الشرطة في كازاخستان تشبه ما قام به عناصر “الجيش السوري الحر”، الإرهابيين الإسلاميين المتطرفين، والذين تحولوا فيما بعد إلى تنظيمي “القاعدة” و”داعش”.

بالمنطق، عندما يقتل عناصر من الشرطة فهذا يعني أن المتظاهرين لم يكونوا عزَّل ولا حتى سلميين. فلو حدث هذا في واشنطن أو لندن، فسيتم تسميتهم الإرهابيين المحليين مباشرة، وستسعى قوات الأمن إلى قمع العنف واستعادة السلامة العامة. ومع ذلك، بدا وزير الخارجية الأمريكي، أنتوني بلينكين، في البداية مرتبكاً فيما يتعلق بخلفية للاضطرابات، لكنه لم يضيع وقتاً في التشكيك بضلوع روسيا.

ختاماً، يتساءل العديد من الخبراء عما إذا ما كان “الإسلام الراديكالي” – شكل تنظيم “الإخوان المسلمين” الإرهابي – قد تسلل إلى القيادة الأمنية الكازاخية، الأمر الذي أودى بالعديد من الضحايا، على غرار ما حدث سابقاً في كل من ليبيا ومصر وتونس وسوريا وتركيا.

المراجع:

أنظر:
Live Updates: Heavy Clashes Reported in Almaty Suburb, Along Bishkek-Bound Highway. 8.1.2022. Sputnik. On:
https://bit.ly/3FTnezU
أنظر:
Ivan Nechepurenko & Andrew Higgins. 7.1.2022In Kazakhstan’s Street Battles, Signs of Elites Fighting Each Other. The New York Times. On:
https://nyti.ms/3AlQ1Ma
أنظر:
SUBCOMMITTEE ON NATIONAL SECURITY OF THE COMMITTEE ON OVERSIGHT AND GOVERNMENT REFORM. HOUSE OF REPRESENTATIVES. ONE HUNDRED FIFTEENTH CONGRESS. SECOND SESSION. 11.7.2018. On:
https://bit.ly/3FR8jGn
أنظر:
https://bit.ly/3qQSBGR
أنظر:
David E. Sanger, Eric Schmitt & Ben Hubbard. 19.7.2017. Trump Ends Covert Aid to Syrian Rebels Trying to Topple Assad. The New York Times. On:
https://nyti.ms/3fUq0Kp

مصدر الصور: الشرق الأوسط – شبكة رؤية الإخبارية.

موضوع ذا صلة: مفتاح آسيا الوسطى “كازاخستان”.. مكسر عصا بين قوتين عالميتين

ستيفن صهيوني

صحفي مختص بالشأن الأمريكي والشرق الأوسط. حائز على جائزة الإعلامية “سيرينا شيم” للنزاهة عامي 2020 و2021 – سوريا.