اشتهر الرئيس الأمريكي الراحل، دوايت آيزنهاور بفكره الذي يعتبر أن الولايات المتحده الأمريكية دولة باحثة عن السلام في العالم، وهي التي تحمي الحريات وتتدخل عسكرياً لفض أي نزاع مسلح أو أي تعدي على الحريات.
وما اشتهر به الرئيس آيزنهاور – من حيث الشكل – يعتبر أكثر من رائع. لكن السؤال المهم اليوم: هل حققت الولايات المتحدة أياً من هذا؟ بالطبع، إن الشروع بكتابة الجواب يحتاج إلى سرد الوقائع منذ تشكل أمريكا إلى يومنا هذا، ومن المؤكد أننا لن ننتهي.
أما عن مبدأ آيزنهاور، فقد أعلن عنه في 5 يناير/كانون الثاني 1957 ضمن رسالة وجهها إلى الكونغرس في سياق خطابه السنوي الذي ركّز فيه على أهمية “ملء الفراغ” السياسي الذي نتج في المنطقة العربية بعد انسحاب بريطانيا منها، مطالباً الكونغرس تفويض الإدارة الأمريكية بتقديم مساعدات عسكرية للدول التي تحتاجها للدفاع عن أمنها ضد الأخطار الشيوعية، وهو بذلك لا يرمي إلى عدم المواجهة المباشرة مع السوفيت وخلق المبررات فقط، بل إناطة مهمة مقاومة النفوذ والتسلل السوفيتي إلى المناطق الحيوية بالنسبة للأمن الغربي بالدول المعنية الصديقة للولايات المتحدة عن طريق تزويدها بأسباب القوة لمقاومة الشيوعية، وكذلك دعم تلك الدول مادياً حتى لا تؤدي الأوضاع الاقتصادية السيئة إلى تنامي تلك الأفكار.
بالطبع، لاقى مبدأ آيزنهاور معارضة في بعض الدول العربية بدعوى أنه سيؤدي إلى ضرب العالم العربي في النهاية، عن طريق تقسيم الدول العربية إلى فريقين متضاربين: أحدهما مؤيد للشيوعية، والآخر خاضع للهيمنة الغربية؛ وأما ما كان يقصد به أو ما يُبطنه، فإن الساسة العالميين كان لديهم العديد من التفسيرات والتي يتم تبنيها بناء علي الموقف السياسي من الولايات المتحدة الأمريكية نفسها.
لقد تجاهل مشروع آيزنهاور أسباب النزاع العربي – الصهيوني وجوهره قضية فلسطين، فنجح مؤقتاً في تثبيت الوضع الراهن في المنطقة وأخفق في حل القضية الفلسطينية على أي نحو معقول يعيد إلى الغرب اعتباره في نظر الدول العربية. وبما أن الاستعمار الغربي هو المسؤول عن غضب حقوق العرب في فلسطين وتمزيق الوطن العربي عموماً، فلم يكن التلويح بالخطر الشيوعي مفيداً للغرب ولا مقبولاً لديهم.
من هنا، لم يعد يراهن على الولايات المتحدة أحد في حل النزاعات الدولية. ومع تنصيب الرئيس الحالي جو بايدن رئيساً، فقد تشهد فترة ولايته النهاية الفعلية للزعامة الأمريكية، أو قد تكون هناك ولادة لنظام جديد متعدد الأطراف ولو لفترة زمنية مؤقتة حتى تملأ دولة ما الفراغ الذي تركته أمريكا بمحض إرادتها.
مصدر الصورة: History.com
موضوع ذا صلة: من “ملء الفراغ”.. إلى توسيعه
مستشار قانوني – الكويت