مركز سيتا

وقّعت كل من إسرائيل والبحرين إتفاقية أمنية هي الأولى من نوعها بين البلدين منذ التوقيع على اتفاق السلام بين البلدين، العام 2020، وذلك لتعزيز التعاون الاستخباراتي والصناعات العسكرية والتدريبات المشتركة وغير ذلك.

تعزيز للشراكة

قالت وزارة الأمن الإسرائيلي، في بيان لها، إن الاتفاق “سيساعد في تعزيز التعاون الاستخباراتي، وإطار التدريبات، والتعاون بين الصناعات الدفاعية في البلدين، إلى جانب التعاون الاستراتيجي الذي نرتقي به إلى مستوى جديد اليوم بتوقيع هذه الاتفاقية والاجتماع المهم مع الملك هو استمرار لاتفاقات إبراهام التاريخية وتنمية العلاقات بين دولنا وشعبنا؛ بعد عام واحد فقط من توقيع الاتفاقيات، نحن هنا بالفعل نوقع اتفاقية أمنية مهمة، والتي ستسمح بتعاون قوي وتعزيز أمن كلا البلدين والمنطقة بأسرها.”

كما ذكر البيان أيضاً أنه “بعد عام واحد من التوقيع على اتفاقيات إبراهام الرائدة، قامت إسرائيل والبحرين بإضفاء الطابع الرسمي على العلاقات الدفاعية. سيدعم إطار عمل مذكرة التفاهم أي تعاون مستقبلي في مجالات الاستخبارات والتعاون الصناعي وغيرها”، وتابع “أعرب الوزير (بيني) غانتس عن توقعه بأن التعاون المستقبلي سيعزز القوات الدفاعية للبلدين ويسهم في الأمن والاستقرار الإقليميين في مواجهة التهديدات الناشئة في المنطقة، والجماعات الإرهابية التي تواصل تعزيز نفسها تقنياً وعسكرياً” من خلال الوصول إلى مستويات جديدة في العلاقات بين البلدين عبر اللقاءات المهمة التي جرت وتوقيع مذكرة التفاهم التاريخية.

أهداف متعددة

ترى إسرائيل بضرورة التنسيق مع الدول المطبّعة معها ضرورة للحد من التهديدات ضمن المنطقة، في إشارة مباشرة إلى إيران خاصة مع تصاعد الأحداث في منطقة الخليج من قبل جماعة أنصار الله اليمنية – الحوثيين على أهداف حيوية في المملكة العربية والإمارات، حيث تم توقيت الاستهداف مع زيارة الرئيس الإسرائيلي، إسحق هرتسوغ، إلى دبي.

في مجال التطبيع وبعد أن طبعت عسكرياً مع المغرب أواخر العام 2021، تسير إسرائيل بخطى ثابتة نحو دول الخليج، فقد أجرى بيني غانتس، وهو أوّل وزير دفاع إسرائيلي يزور البحرين، جولة على متن المدمّرة الأميركية “يو.أس.أس كول” التي من المقرر أن تتجه إلى أبو ظبي لمساعدة الإمارات، في إشارة واضحة بأن القادم “لا يبشر بالخير” لجهة تحشيد القوى العربية في أية مواجهة مستقبلية محتملة ضد إيران.

أيضاً ومن خلال التنسيق في المجالين العسكري والأمني مع إسرائيل، تكون أغلب دول الخليج قد انخرطت في علاقة مقبولة مع تل أبيب، حيث من المتوقع – وفي حال الانسحاب الأمريكي كهدنة مؤقتة – أن تشكل لهم “البديل المؤتمن” على المصالح الغربية في تلك المنطقة، خاصة وأن المسافة تسمح باستفزاز طهران وهي على بُعد “أقل من 200 كلم من سواحل إيران الغربية انطلاقاً من البحرين”، إذ أن هناك الكثير من المعطيات والوقائع التي قد تتيح لهذا الأمر أن يكون ضمن المخططات التي تعمل عليها إسرائيل بدفع ورعاية ودعم أميركي، هذا من جهة.

من جهة أخرى، تبرز أهمية أخرى لهذا الاتفاق حيث أشارت بعض المعلومات الإسرائيلية عن أن السبب الرئيس الذي يقف وراءه – بوساطة الولايات المتحدة وموافقة البحرين – هو نشر قوات عسكرية بحرية لها في منطقة الخليج.

في نفس السياق وحتى لا يكون الوجود العسكري الإسرائيلي مستفزاً، قد يكون من الأسهل عليها تركيب محطات تجسس موجهة ضد إيران – كما هو الحال في أذربيجان – خصوصاً وأن “حرب المعلومات” باتت هي الأساس في أي صراع بين الدول.

كل ذلك تسانده عوامل مساعد أبرزها:
1. وجود رغبة أمريكية واضحة في اعطاء الخليج مكانة أقل من مما كانت عليه سابقاً، وهو ما يجعل حلفاءها هناك يبحثون عن بديل إقليمي لحمايتها خصوصاً بعد التخلي الأمريكي عن أفغانستان بشكل أحادي وهو ما أخاف دول الخليج بأن يتكرر السيناريو السابق معها.

2. وجود نوع من العداء – يظهر ويستتر بحسب الوضع السياسي لكنه دائماً موجود – بين دول الخليج وإيران بحيث يمكن لإسرائيل الاستفادة منه للتغلغل أكثر في هذه البقعة الجغرافية المهمة. هنا يجب الإشارة إلى خوف المنامة – تحديداً – المستمر من الأكثرية الشيعية الموجودة في البلاد من الانقلاب على الحكم أو طلب تقاسم السلطة أو حتى المشاركة فيها، حيث أن التوترات في الشارع البحريني تتكرر باستمرار لكنها تفشل بسبب قوات “درع الجزيرة” التي تساعد على استتباب الأمن في هذه الجزيرة.

3. رغبة إسرائيل – في حال قررت انشاء قاعدة عسكرية – في الوجوج إلى المجال الحيوي الإيراني بعدما أصبحت محاصرة من قوى موالية لطهران، سواء في لبنان أو سوريا أو فلسطين وغيرها من المناطق التي قد تؤثر على الأمن الإسرائيلي بشكل مباشر أم غير مباشر، وتطبيق مقولة: “مثلما قدم الإيرانيون إلى سوريا، تريد إسرائيل الوصول إلى طهران”.

تداعيات مفصلية

في هذا الشأن بالتحديد، يمكن القول بأنه وإلى جانب سهولة جمع المعلومات الاستخباراتية من داخل البحرين عن إيران، إلا أن الوجود العسكري المباشر سيمكن من التصدي للحرس الثوري الإيراني في مياه الخليج بطريقة أم بأخرى، وذلك بحسب وجهات نظر مؤيدة للإتفاق، ناهيك عن القدرة على مراقبة البحرية الإيرانية عن كثب، بالإضافة إلى حماية السفن التجارية ومرافقتها – بعد “حرب السفن” المستترة بين الطرفين – خاصة وأن هذا التواجد العسكري سيكون تحت مظلة البحرية الأمريكية، حيث تعتبر البحرين مقراً للأسطول الخامس الأمريكي وربما تصبح ميناء رئيساً للبحرية الإسرائيلية مستقبلاً.

أيضاً وكما سبق القول، من المتوقع أن تكون هذه الخطوة مقابلة للوجود الإيراني في سوريا ولبنان – دعم حزب الله على الحدود الشمالية لإسرائيل – وفلسطين – حركتي “حماس” و”الجهاد الإسلامي” في غزة – حيث تريد تل أبيب الوصول إلى طهران أو إلى مقربة منها من أجل تهديد أمنها مباشرة، بدلاً من خوض مواجهات متقطعة مع وكلائها في المنطقة، بحيث تعيش طهران “الكابوس” نفسه الذي تعيشه تل أبيب.

بناء على كل ما سبق، تحاول تل أبيب التطبيع العسكري مع دول المنطقة، وما يؤكد ذلك دعوة غانتس – في وقت سابق – إلى تعميق التعاون الاقليمي بين إسرائيل وحلفائها لمواجهة “التهديدات البحرية والجوية”. من هنا، يبدو بأن إسرائيل لن ترضخ للضغط الأمريكي – لجهة التهدئة لاتمام الاتفاق النووي – خصوصاً وأنها ترى في طهران تهديداً مستمراً لأمنها بل حتى لوجودها؛ لذا، يبدو بأن الأمور ذاهبة في التسخين لكن وقت الإنفجار يبقى غير معلوم.

مصدر الصور: العرب – الأيام البحرينية.

موضوع ذا صلة: هل تبني إسرائيل ببطء تحالفاً عسكرياً في الخليج العربي؟