لو كان الروائي الإنجليزي روديارد كبلينغ – Rudyard Kipling (1865 – 1936) ما زال حياً، كان سينشد مقولته الشهيرة “الشرق شرق والغرب غرب والإثنان لا يلتقيان أبداً”، وسيغّرد “In weal and woe – في السرّاء والضرّاء نمجد أميركا لأنها امتداد لمجدنا وتفوقنا وعظمتنا وحضارتنا”.
ضمن السياق نفسه، نرى موقف بريطانيا – التي فقدت عظمتها في الحرب العالمية الأولى – من خلال مجاهرة رئيس وزرائها، بوريس جونسون، بتأييده للحرب ضد روسيا بالسلاح، وليس بالكلمة فحسب. الموقف يعيدني إلى حرب القرم (1853 – 1856). الحرب التي شنتها السلطنة العثمانية على روسيا القيصرية، والتحقت بها كل من بريطانيا وفرنسا (مارس/آذار 1853) وسردينيا (يناير/كانون الثاني 1856) لمنع التوسع القيصري؛ وبالتالي، ضم بلدان البلقان إلى الامبراطوية الروسية وفرض السيطرة والوصاية على “الاراضي المقدسة”.
تدخلت دول أوروبا لإطالة حياة “الرجل المريض” إلى أن انهارت وهزمت الامبراطورية العثمانية في الحرب العالمية الأولى. وفي الحرب العالمية الثانية (1939 – 1945)، حرّر الجيش الأحمر السوفياتي بلدان البلقان وبلشفها. ولكن مع تفكك الاتحاد السوفياتي في 25 ديسمبر/كانون الأول 1991 والاتفاق والتعهد بعدم “أطلسة” تلك البلدان، نكثت الولايات المتحدة بالعهود والخديعة والكذب والنفاق، وضمّت تلك البلدان الى حلف شمال الأطلسي – الناتو الذي تقوده أميركا منذ 4 أبريل/نيسان 1949 وحتى الساعة. فأمريكا بحروبها ضد روسيا، تتخندق وتخطط لتطويق موسكو وتحويلها إلى دولة إقليمية تحت الهيمنة الأمريكية.
في هذا السياق، يبدو ظاهراً أن جونسون قد تحركت جيناته “العثمانية” العقلية للانتقام من هزيمة أسلافه العثمانيين حيث كان والده أحد جنرالاتهم المهزومين والذي لجأ إلى بريطانيا. وعلى منواله، يتصرف الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، من خلال ارساله لمسيرات “بيرقدار” إلى رفيقهم الصهيوني اليهودي فولوديمير زيلينسكي في أوكرانيا.
أنا أؤكد أن هذه الأوراق لن تؤهل الرئس أردوغان للدخول إلى “جنّة” الاتحاد الأوروبي مهما قدّم من مساعدات لصديقه الصهيوني، وسيبقى أداة بيد الحلف الأطلسي ومسلّماً منبوذاً خارج أوروبا.
على الجانب الغربي من المحيط الأطلسي، يبدو من اللافت الولايات المتحدة – التي بددت 3 تريليون دولار في حربها ضد العراق وخسرته فيما بعد – ستوظف 30 تريليون دولار للحرب على روسيا، وستحصد هزيمة مدوية وتهبط إلى دولة اقليمية وراء البحار.
من وجهة نظرينا، إن “البطل – الدمية”، الرئيس زيلينسكي، اليهودي – الصهيوني الذي استحلف يهود العالم لنجدته ومؤازرته، لا يدرك أن يهود موسكو ليسوا أقل نفوذاً وسطوة من يهود نيويورك وأترابهم وأنهم مع التوجه شرقاً. وقد لا يعلم “البطل” أن الطغمة اليهودية الأوكرانية التي أوصلته إلى السلطة في كييف، قد حوّلت أموالها إلى فلسطين المحتلة ورحل أقطابها إلى أرض الميعاد. فهل يلتحق بهم السيد البطل؟
حتاماً، أعتقد أن “العم” جو بايدن، رئيس الولايات المتحدة، “المهووس” بالعقوبات الاقتصادية وأسلحة الدمار الشامل لا يفهم أن الغرب – بمن فيه أوروبا وأمريكا – لا يشكلون سوى ثلث سكان العالم واقتصاده، وأن العالم يتجه شرقا تحت لواء أوراسيا ومبادرة الحزام والطريق”؛ وبالتالي، يبدو أنه فقد بوصلة المستقبل المنظور.
مصدر الصورة: دايلي صباح.
موضوع ذا صلة: ما هي تداعيات العزلة السياسية الخانقة على روسيا بسب غزوها أوكرانيا؟
د. جورج حجار
رئيس منتدى العروبة للدراسات الاشتراكية – لبنان