دعت روسيا في اجتماع لممثلي الدول الضامنة للتسوية السلمية في سوريا، في أستانا، تركيا إلى الامتناع عن القيام بعملية واسعة النطاق في المنطقة.
إذ لا تزال العملية العسكرية البرية غير مسموح بها، وفق الضامن الروسي لأنها ستؤدي إلى ضحايا جدد ومزيد من الغضب، بما في ذلك بين الكرد، الذين تتهمهم أنقرة بارتكاب هجوم إرهابي أخير في وسط إسطنبول، ووصف الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في البرلمان الضربات الجوية الأخيرة على العراق وسوريا بأنها “مجرد البداية” وأعلن عزمه على “إبعاد الإرهابيين” عن المدن الحدودية السورية.
بيان مشترك
جددت روسيا وإيران وتركيا في بيان مشترك عقب الاجتماع التأكيد على أن الصراع في سوريا ليس له حل عسكري، ودعمت وحدة أراضي الجمهورية ورفضت “كل محاولات خلق واقع جديد” على الأرض”، كما أدانت تفعيل الجماعات الإرهابية.
وأدان الضامنون إسرائيل بشكل منفصل بسبب هجماتها على الأراضي السورية، بما في ذلك الأهداف المدنية، ورفضوا مرة أخرى العقوبات المفروضة على سوريا ودعوا المجتمع الدولي إلى مساعدة دمشق في استعادة البنية التحتية وحل مشكلة اللاجئين، كما أعربوا عن قلقهم بشأن تصرفات الانفصاليين في المنطقة العابرة للحدود على نهر الفرات.
كما دعا المشاركون في الاجتماع إلى عقد الجلسة المقبلة للجنة صياغة الدستور السوري في أقرب وقت ممكن، وفي موسكو، يتوقعون عقد الاجتماع في يناير/ كانون الثاني من العام المقبل (2023). في الوقت نفسه، لا تزال روسيا والأمم المتحدة تختلفان في نهجهما بشأن مكان مثل هذا الاجتماع، الأول يقترح أستانا، والثاني يصر على جنيف، على الرغم من العقبات من الغرب.
إذ من المقرر عقد الاجتماع المقبل بصيغة أستانا، والذي سيكون العشرين على التوالي، في النصف الأول من عام 2023، كما هو متوقع، سيعقد في روسيا.
العملية البرية
عُقد اجتماع الضامنين على خلفية عملية جوية أطلق عليها اسم “السيف المخلب” من قبل تركيا في شمال العراق وسوريا، والسبب في ذلك هو الهجوم الإرهابي الأخير في اسطنبول والذي وصل منفذه بحسب أنقرة من الأراضي السورية وهو مرتبط بحزب العمال الكردستاني المحظور من قبل السلطات التركية. في الوقت نفسه، لا يجوز لتركيا أن تقتصر على القصف، بحسب أردوغان، فإن الجمهورية تنوي “تطهير الإرهابيين”، أي التشكيلات الكردية، من مدن عين العرب “كوباني” ومنبج وتل رفعت السورية.
وأجرى المسؤولون الروس، “محادثات مفصلة للغاية مع نظرائهم الأتراك” في أستانا لإقناعهم بالامتناع عن القيام بعملية برية واسعة النطاق، حيث تتوقع موسكو إيجاد “الحل الصحيح بشأن ما يسمى بالقضية الكردية” من أجل منع تصعيد الوضع في سوريا و “استقرار الأوضاع في المنطقة برمتها”.
أيضاً في موسكو لا يستبعدون منح منظمي العمل الإرهابي “نوعاً من الضوء الأخضر”: “الأكراد يتعرضون لضغوط شديدة من عواصم غربية معروفة”. حيث أن الأكراد السوريين هم في الواقع “رهائن” للولايات المتحدة.
كما تم التعبير عن رفض المخططات التركية في سوريا: حيث قال نائب وزير خارجية الجمهورية العربية أيمن سوسان، الذي وصل إلى أستانا، إن “كل هذه الإجراءات غير مقبولة”، وتركيا “لا تحترم التزاماتها” كضامن المستوطنة السورية. وأكد سوسان أن دمشق ستفعل “كل ما هو مطلوب” للدفاع عن أراضيها.
قمة محتملة
من المواضيع التي أثارت اهتمام الصحفيين في أستانا لقاء محتمل بين أردوغان ونظيره السوري بشار الأسد، في أوائل أكتوبر/ تشرين الأول، اعترف الرئيس التركي بأنه يمكن أن يتم ذلك “عندما يحين الوقت”، على الرغم من عدم “إمكانية حدوث ذلك حتى الآن”، وفي منتصف نوفمبر/ تشرين الثاني، أشار إلى إمكانية إعادة النظر في العلاقات مع سوريا بعد الانتخابات التركية في يونيو/ حزيران المقبل.
ومن المتوقع أن يتم تنظيم اللقاء في موسكو، وأشار المبعوث الخاص لرئيس الاتحاد الروسي، ألكسندر لافرينتيف إلى “علامات وإشارات” عن استعداد البلدين للقاء بعضهما البعض في منتصف الطريق، ولا سيما الاتصالات الثنائية من خلال أجهزة المخابرات.
وتعليقاً على الاتصالات “الأمنية” السورية التركية، قال المساعد الإيراني للشؤون السياسية علي أصغر حاجي إنه “بمساعدة روسيا، يمكن لهذه المفاوضات أن تحقق نتائجها”.
دور الصين والولايات المتحدة
ترى موسكو أنه من المفيد ضم مراقب آخر، الصين، في صيغة أستانا، وبحسب لافرينتييف، وافقت طهران على هذه الفكرة، بينما “توقفت” أنقرة لدراسة الموضوع، بالإضافة إلى ذلك، تحدث الدبلوماسي الروسي لصالح الارتباط بالصيغة الأمريكية، والتي “ستكون مفيدة جداً أيضاً”، لكن المزيد من استقرار الوضع في سوريا سيسهله انسحاب القوات الأمريكية من البلاد – من الأراضي الشمالية الشرقية للجمهورية ومن منطقة التنف، حيث يقع مخيم الركبان للاجئين.
بالتالي، يبدو أن ثمة تفاهمات قد حدثت خلف الكواليس وما هي إلا مسألة وقت حتى يتم الإفصاح عنها وفق ترتيب الأجندة الدولية بحسب ما ستؤول إليه العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا.
مصدر الصور: أرشيف سيتا – تاس.
إقرأ أيضاً: أسباب تراجع نتائج الجولة الـ 15 لـ “محادثات أستانا”