انطلقت التدريبات العسكرية الدولية التاسعة عشرة للأسد الأفريقي 2023 بمشاركة عسكريين أمريكيين، وفقاً لهيئة الأركان العامة للقوات المسلحة الملكية المغربية، وجرت مراسم الافتتاح الرسمي للتدريبات، التي تنظمها القوات المسلحة المغربية والقوات المسلحة الأمريكية وتستمر حتى 16 يونيو، في مقر المنطقة العسكرية الجنوبية بمدينة أغادير.
ستقام التدريبات في سبع مناطق بالمغرب هي أغادير وبن جرير والقنيطرة والمحبس وطانطان وتزنيت وتفنيت. وتنص الخطة على التدريبات الأرضية التكتيكية والبحرية والجوية والمعقدة، وأنشطة التخطيط العملياتي لكبار الضباط، والتدريبات المتكاملة لوحدات القوات الخاصة، والعمليات المحمولة جواً، وتمارين مكافحة أسلحة الدمار الشامل، فضلاً عن نشر مستشفى ميداني عسكري في المنطقة، وتوفير الرعاية الجراحية للسكان.
وسبق التمرين دورة تدريبية لمئات الضباط المغاربة، تضمنت فصولاً في تقنيات التخطيط التشغيلي والتكتيكي، والاستخبارات، والجوانب القانونية والطب، والمعلومات العامة، والأمن السيبراني، وطرق تقييم التمارين.
ويشارك في تدريبات الأسد الأفريقي 2023، بالإضافة إلى وحدات القوات المسلحة المغربية والأمريكية، نحو 6 آلاف عسكري من 20 دولة، من بينها دول أفريقية وأوروبية، بالإضافة إلى ذلك، وصل ممثلو 27 دولة مراقبة إلى المملكة.
الأهمية العسكرية
إن “مناورات الأسد الإفريقي تساهم في تعزيز التعاون العسكري بين المغرب والولايات المتحدة، وكذلك التفاعل بين القوات المسلحة لمختلف الدول من أجل ضمان الأمن والاستقرار في المنطقة”.
كما تعد مناورات هذا العام، منعطفاً مهماً في مجال التعاون العسكري بين الرباط وواشنطن، خاصة منذ توقيع البلدين، في 2 أكتوبر/تشرين الأول 2020، على خريطة طريق تتعلق بمجال الدفاع العسكري لعشر سنوات، وتتمحور حول تأكيد الأهداف المهنية المشتركة، لا سيما تحسين درجة الاستعداد العسكري، وتعزيز الكفاءات، وتطوير قابلية التشغيل البيني للقوات، في حين يقترح الجانب المغربي تعزيز التعاون، من خلال النهوض بمشاريع مشتركة للاستثمار بالمغرب في قطاع صناعة الدفاع.
استراتيجية أميركية “مترسخة”
في السياق، اعتبر الخبير المغربي في الشؤون العسكرية، محمد شقير، أن مناورات “الأسد الافريقي” في نسختها 19″ تندرج ضمن استراتيجية أميركية مترسخة جعلت من المغرب شريكا استراتيجيا في المنطقة الأفريقية ومواجهة التحديات الجيوستراتيجية للنفوذ الأميركي.
ورأى شقير في حديث مع “العربي الجديد”، أن تنظيم هذه المناورات يتم في ظل وضع جيو إقليمي يتميز بالأساس بانسحاب عسكري فرنسي من منطقة الساحل في الوقت الذي يتعزز فيه التواجد الروسي في هذه المنطقة، وعلى ضوء تداعيات الحرب الأوكرانية الروسية التي تتزعم الولايات المتحدة إدارة توجيهها من خلال الدعم العسكري والسياسي لكييف.
ولفت إلى أن المناورات تأتي تحسبا لاحتواء تمدد أنشطة الحركات المتطرفة، خاصة في دول الساحل وكذا دولة نيجيريا التي تعرف هجمات هذه الحركات، موضحا أن ما يزيد من خطر هذه التنظيمات فضلا عن انتشار السلاح بالمنطقة بعد انهيار نظام معمر القذافي، الحرب الدائرة بالسودان وتداعياتها على استقرار المنطقة.
وقال إن التهديدات الإرهابية تعطي للمناورات أهميتها الاستراتيجية بتنظيمها بالمغرب بالموازنة مع تنظيم تدريبات عسكرية مواكبة بكل من تونس والسنغال وغانا.
بالنتيجة، إن المغرب حليف قوي ليس فقط للولايات المتحدة وإنما أيضا للدول الأوروبية التي تعوّل عليه بدرجة كبيرة للحفاظ على الاستقرار في أفريقيا، بينما نجحت الدبلوماسية المغربية في استثمار هذه الميزة لخدمة مصالح بلادها خاصة فيما يتعلق بالاعتراف بسيادتها على إقليم الصحراء.
وخلص مؤشر الإرهاب العالمي لعام 2022 إلى أن “أربعة دول من أصل عشرة التي سجلت أعلى زيادة في عدد الوفيات المرتبطة بالإرهاب تقع في أفريقيا جنوب الصحراء وهي النيجر ومالي ونيجيريا وبوركينا فاسو”.
ويدور منذ عقود نزاع مفتعل حول مصير الإقليم الصحراوي بين المغرب وجبهة البوليساريو المدعومة من الجزائر المجاورة، حيث تقترح الرباط التي تسيطر على ما يقرب من 80 في المئة من المنطقة منحها حكماً ذاتياً تحت سيادتها وحصدت إجماعا دوليا حول مقترحها، فيما تطالب الجبهة الانفصالية بإجراء استفتاء لتقرير المصير برعاية الأمم المتحدة، لكن طلبها لم يجد تجاوبا دوليا يذكر.
مصدر الصور: ميدل إيست – GETTY.
إقرأ أيضاً: المناورات البحرية المشتركة: رسائل متعددة