مقدمـة

في أواخر العام الماضي 2022، اجتمع كل من وزراء دفاع ورؤساء استخبارات تركيا وروسيا وسوريا، تمخض عنه التأكيد على مواصلة الاجتماعات. وفي مطلع العام الجديد 2023، حدث اجتماع على مستوى وزراء الخارجية الروسي والتركي، في موسكو بحضور إيراني – روسي.

هذه المقدمات من الاجتماعات، ولّدت عملية إطلاق المفاوضات لدفع تطبيع العلاقات التركية – السورية في موسكو، وفق ما أعلنه وزير الدفاع التركي، خلوصي أكار، حيث رجحت مصادر مسؤولة، أنه من الممكن جداً عقد لقاء بين الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، والرئيس السوري، بشار الأسد، لكن سرعان ما نفى المتحدث باسم الرئاسة التركية، إبراهيم كالن، ذلك قائلاً: “لم نخطط للقاء بين (الرئيسين) أردوغان والأسد على المدى القصير، ولكن اللقاء غير مستبعد”.

2. مطالب الطرفين

في هذه الفقرة، سنعرض لكل من المطالب السورية والتركية على حد سواء، وهي كالتالي:

أ. أبرز المطالب السورية

أكدت سوريا مراراً أنها منفتحة على تطبيع العلاقات مع الجانب التركي، لكن لكي يتحقق ذلك هناك جملة من الشروط التي يجب على أنقرة تنفيذها، أو أن كل ما سبق لن يغير من واقع الحال شيء. من بين هذه الشروط:
– الانسحاب العسكري الكامل وغير المشروط، وقف التدخلات العسكرية المتكررة. (درع الفرات – غصن الزيتون)؛
– عدم التدخل في الشؤون الداخلية السورية؛
– وقف الدعم التركي للتنظيمات الإرهابية (مثال: “هيئة تحرير الشام” أو “النصرة” سابقاً)؛
– استعادة محافظة إدلب إلى إدارة دمشق.
– بالنسبة للمعابر الحدودية الواقعة تحت السيطرة التركية، اشترطت دمشق، نقل جمارك معبري “باب السلامة” و”باب الهوى” (جيلفيغوزو) الحدوديين إلى سيطرة الحكومة المركزية؛
– السيطرة الكاملة على الممر التجاري بين معبر “باب الهوى” وصولاً إلى دمشق، إلى جانب، السيطرة على إلى الطريق التجاري (M4) الواصل بين شرق سوريا دير الزور – الحسكة، وحلب – اللاذقية؛
– مطالبة تركيا بعدم دعمها للعقوبات الأوروبية و/أو الأمريكية ضد رجال الأعمال والشركات الداعمة للنظام.

ب. أبرز المطالب التركية

بالنسبة للجانب التركي، بدوره كان له جملة من المطالب ربما يمكن أن تكون على مبدأ (1 مقابل 1). من هذه المطالب:
– “تطهير” مناطق حزب العمال الكردستاني / وحدات حماية الشعب بالكامل؛
– القضاء التام على التهديد الإرهابي على الحدود؛
– الاستكمال التام لعمليات التكامل السياسي والعسكري بين المعارضة ودمشق؛
– العودة الآمنة للاجئين.
– أن تكون كل من حمص ودمشق وحلب “مناطق تجريبية” لعودة آمنة وكريمة في المرحلة الأولى، ومن ثم توسيع هذا الإطار.

3. العوامل الفاعلة

أ. أبرز العوامل الإيجابية

– الدور الروسي / سوريا

بالنسبة للدور الروسي في روسيا، أصبح معروفاً أن القوات الروسية بشكلٍ رسمي موجودة في سوريا منذ العام 2015، بناءً على طلب دمشق، إلا أن واقع العلاقات السورية – الروسية تاريخي ومتجذر، حيث لعبت موسكو دوراً مهماً في تخليص سوريا من جزء كبير من الإرهاب واستعادة الكثير من المساحات الجغرافية.

بالمقابل، لم تتخل دمشق عن حليفتها الأقوى موسكو، حيث قبلت بعقود طويلة الأجل لأهم ميناء في سوريا “ميناء طرطوس”، وكذلك قاعدة حميميم الجوية في ريف اللاذقية الشمالي، ما يعني أن دمشق ساهمت في تعزيز موقع موسكو الدائم في المياه الدافئة وتحديداً البحر الأبيض المتوسط.

جدير بالذكر أيضاً، أن المعدات العسكرية السورية منذ عقود هي صناعة روسية، وأغلبها من طراز سوفياتي؛ تالياً، كل هذه العوامل وطدت الوجود الروسي في موقع جغرافي مهم يمنحها خاصية التنقل بحرية حول أي مكان في العالم، خاصة وأن توجدها في عدة نقاط بحرية رئيسية سيكون أمراً حيوياً لدرء أي تهديدات، كما يحدث الآن في أوكرانيا.

– الدور الروسي / تركيا

أصبح معروفاً أن العلاقات الروسية – التركية نمت بشكل ملحوظ بعد العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا، خاصة مسألة الغاز (الأنابيب / محطة الغاز المسيل / التشبيك مع غاز دول بحر قزوين مستقبلاً / ستكون تركيا مركزاً لتجمع الغاز منافس للقاهرة)، وكان لشركة “روس آتوم” الروسية دور مهم في إنشاء محطة “أكويو” للطاقة الكهروذرية.

أيضاً، أصبح معروفاً الدور التركي فيما يتعلق بفتح المضائق من خلال (تفعيل اتفاقية مونترو 1936 برغم تعارضعها مع السياسة الأمريكية التي تقضي بحرية الملاحة الدولية)، ومعالجة مسألة اتفاق الحبوب المهدد اليوم بعدم تمديده وفق آخر تصريحات الرئيس الروسي فلاديمير بوتين؛ تالياً، من الممكن أن تعيد تركيا زخم محاولات إحياء مركز إسطنبول، هذا من ناحية.

من ناحية أخرى، جعلت روسيا لتركيا دوراً مهماً من خلال إشراكها المُبكر في حل الأزمة السورية ضمن لقاءات آستانا، فضلاً عن دور السياحة الروسية كعامل والأموال الضخمة التي تدرها على الميزانية التركية، وصفقة صواريخ “أس – 400” الشهيرة، حيث أتى ذلك على أعتاب توترات بين الجانبين التركي والأمريكي، إذ عرفت موسكو جيداً كيف تستميل أنقرة لصالحها وتستفيد قدر المستطاع من هذا الأمر، خاصة وأنه في العقيدة الأوراسية، تعتبر تركيا “ضرساً” أوراسياً يجب استعادته.

بالإضافة إلى ذلك العمل على إعادة إحياء الطريقة الصوفية في تركيا، إلى جانب الدعم الروسي المعنوي الواضح لفوز الرئيس أردوغان بولاية رئاسية جديدة، دون أن ننسى نفط شرق المتوسط، من خلال (ترسيم الحدود بين سوريا وكل من تركيا وقبرص التركية)

– الدور الصيني / سوريا

تعتبر دمشق إحدى الدول المهمة للصين، خاصة فيما يتعلق بمخطط “طريق الحرير” الذي كان يقضي مروره عبر شرق وشمال سوريا، والذي توقف بسبب التواجد الأمريكي، حيث تعتبر سوريا من ضمن المحور المواجه للغرب.

لقد كرس صمود سوريا القناعة عند بكين بأن النظام العالمي بدأ يتغير، حيث تقوم موسكو باستكماله من خلال الحرب الروسية – الأوكرانية.

أما بالنسبة للاهتمام الصيني بعد وصول الكثير من الإيغور (الحزب الإسلامي التركستاني) للقتال في الشمال السوري (عددهم/ الخوف من التمرس على فنون القتال/ زيارة قائد الجيش الصيني لسوريا خلال الأزمة / حديث عن قتال فرق صينية في الشمال السوري حيث أعلنت وزارة الدفاع الصينية نيتها إرسال وحدتين معروفتين باسم “نمور سيبيريا” و”نمور الليل” من قوات العمليات الخاصة – نقلاً عن سبوتنيك نوفمبر/تشرين الثاني 2018) كان لا بد من تعزيز التعاون خاصة في المجال الأمني والتبادل الاستخباراتي للقضاء على القيادات والرموز الإرهابية أو محاكمتها حين عودتها إلى إقليم شينجيانغ على أقل تقدير.

يضاف إلى كل ما سبق، المساهمة في عملية إعادة إعمار سوريا، خاصة وأن الصين قوة تجارية عظمى ومن المهم أن يكون لها دوراً في العملية الاقتصادية القائمة سواء كانت في عملية إعادة الإعمار أو غيره.

– الدور الصيني / تركيا

بالنسبة لتركيا، إن مرور “طريق الحرير” منها إلى أوروبا عبر نفق مرمرة يعد أمراً حيوياً لبكين، فضلاً عن التبادلات التجارية الكبيرة بين البلدين، إذ تعد الصين الشريك التجاري الثاني لتركيا في الاستيراد بعد روسيا. زد على ذلك، وجود رغبة لدى بكين في إقامة علاقات جيدة مع أنقرة تفادياً للتأثير التركي على الأقلية الإيغورية في غرب الصين (مقاطعة شينجيانغ) خصوصاً بعد الفراغ الذي أحدثه الانسحاب الأمريكي من أفغانستان، حيث تكم الخطورة في تواصل تلك المناطق بعضها بعضاَ لا سيما وادي فرغانة.

أيضاً هناك نوع من التعويل على دعوة الرئيس أردوغان (العام 2018 في قمة المنظمة التي عقدت بجنوب إفريقيا) زعماء دول البريكس – BRICS إلى أن يسمحوا بانضمام أنقرة إلى هذه المجموعة بإضافة حرف “ت” في آخر الكلمة لتصبح BRICST، حيث تعتبر بكين من القائدة الرئيسيين للمنظمة. (مع روسيا). تاريخياً، رغبت تركيا في شراء صواريخ صيني، لكنها فشلت بسبب تدخل حلف الناتو العام 2013.من يدري، قد تعود إلى الصفقات العسكرية إلى الواجهة مجدداً.

– الدور الإيراني / سوريا

هناك علاقات مميزة تربط بين دمشق وطهران، خصوصاً مع اندلاع الحرب العراقية – الإيرانية و”عداوة” شقيْ حزب البعث، ومن ثم إغلاق خط النفط العراقي كركوك – بانياس خلال تلك الحرب، إلى جانب تطوير العلاقات الدفاعية بينهما خصوصاً بعد انهيار المنظومة الشيوعية.

أيضاً، يمكن القول بأن هناك عدة عوامل تقرب ما بين طهران ودمشق، وأبرزها حزب الله (الذي يجمع الفريقين) والعداء المشترك لإسرائيل. هذه الأمور، وغيرها، فعّلت الدور الإيراني في الحرب على سوريا منذ بدايتها، العام 2011، ورغبتها في المساهمة بعملية إعادة الإعمار.

– الدور الإيراني / تركيا

تعتبر العلاقات الإيرانية – التركية أكثر من مميزة حيث أن هناك بعض المحطات المفصلية في العلاقة بين البلدين، لا سيما المساعدة التركية لطهران بالتهرب من العقوبات المالية الأمريكية (تبادل النفط بالذهب)، فضلاً عن القواسم المشتركة الأخرى، مثل الخوف المشترك من قيام دولة كردية. (خصوصاً بعد استفتاء كردستان 2017)، والموقف الإيراني من الحرب الأرمنية – الأذرية الأخيرة. (موقف غير مؤيد بالمطلق لياريفان خلافاً للعادة).

بالإضافة إلى ذلك، هناك حاجة إيرانية مستقبلية لتصدير غازها عبر لتصدير. ففي العام 2015، أعلن الرئيس الإيراني السابق حسن روحاني أن بلاده – بعد رفع العقوبات عنها – تخطط لتصدير الغاز إلى أوروبا وآسيا. وهنا كان التدخل الروسي ضمناً، حيث عاد الرئيس روحاني ليوضح بأن هذه العملية ستتم عبر الأنابيب الروسية، مشيراً إلى أن الكمية – في حينها – لا تكفي إلا للسوق المحلية.

ب – أبرز العوامل السلبية

– الدور الأمريكي

كل ما سبق يرتطم بحجر عثرة كبير جداً، حيث تسعى واشنطن إلى تعطيل أي اتفاق بين الطرفين، من خلال الضغط على تركيا اقتصادياً لا سيما قيمة العملة والعقوبات الاقتصادية والمالية، والاحتلال الأمريكي للشمال السوري وقاعدة “التنف” جنوب شرق، والسيطرة على “خزان الغذاء” في منطقة الجزيرة، وحرق محاصيل القمح، ناهيك عن السيطرة على الحقول النفطة وبيع إنتاجها ومراقبة خطوط المواصلات البرية، يضاف إليها سوء العلاقات الشخصية ما بين الرئيس جو بايدن ونظيره التركي.

أيضاً، توجد مسألة مهمة جداً وهي الضغط على أنقرة لجهة عدم عودة اللاجئين، تحميلها تبعات مالية ضخمة – يضاف إليها الخسائر الضخمة المولدة عن كارثة الزلزال والتي قدّرت بحوالي 100 مليار دولار – واستخدامها كورقة انسانية لابتزازها.

عل المقلب السوري، هناك زيادة للضغوط على دمشق من خلال “قانون قيصر”، حيث يترافق ذلك مع عدم قدرة المحور الشرقي على نجدتها مالياً (حتى الآن على الأقل)، والدليل على ذلك الأزمة المعيشية الخانقة التي تعيشها، والعثرة الأهم تتمثل في الدعم الأمريكي للكرد، والذي يصب في وجه كلا الطرفين.

– أبرز المخاوف السورية

من أبرزها انتهاك السيادة السورية بأشكالها، بما في ذلك، النفوذ التركي في الشمال، وهو نفوذ معنوي واسع وكبير، ناهيك عن التغيير الديمغرافي. (مثال: مع الإعلان عن مشروع يهدف إلى عودة اللاجئين الطوعية إلى الشمال السوري، حيث قال وزير الداخلية سليمان صويلو: “سيستقر لاجئون سوريون يعيشون في تركيا في المنازل.. في إطار العودة الطوعية والتي تحفظ كرامتهم… سيتم بناء 240 ألف منزل في المنطقة” / مدة المشروع 3 أعوام).

كذلك، تخشى دمشق من مسألة تفعيل اتفاقية أضنة 1998 بسبب أو بدون سبب والتي تسمح لأنقرة التوغل في الحدود السورية لمسافة معينة لتوقي خطر التنظيمات الكردية، ناهيك عن مساعدة حزب العدالة والتنمية في تفعيل جماعة “الإخوان المسلمين” التي تتوجس منها دمشق، وعدم الثقة بتركيا وتحديداً بالنظام القائم حالياً خصوصاً مع “انقلاب” مواقف الرئيس التركي عند شعوره بالقوة.

وفي معلومات خاصة، كانت رغبة دمشق في وصول كمال كليتشدار أوغلو، لعدة أسباب أبرزها مجاهرته المستمرة برفض التدخل التركي في الحرب السورية، وعدوة اللاجئين، وتوجهاته الأوروبية.

– أبرز المخاوف التركية

تكمن أهمها في الهواجس الأمنية، وتحديداً الكرد، حيث ترى أنقرة بأنها “ورقة سورية” يمكن أن تناور بها دمشق إن لزم الأمر (في حال عدم الانسحاب التركي من أراضيها)، فضلاً عن انسحابات عسكرية بناء على أجندات زمنية يتم الاتفاق عليها لمنع الفراغ الأمني.

أيضاً تخشى تركيا عودة الاقتصاد إلى الشمال السوري – حلب (تحديداً) إلى منافسة الصناعات التركية مستقبلاً. خلال الأحداث السورية، تم تفكيك حوالي 1100 مصنع ونقلهم إلى تركيا.

كذلك، ترى دمشق بأن لدى أنقرة نوايا تتعلق بعدم التخلي عن بعض التنظيمات العسكرية وتغذيتها بهدف وضعها في المقدمة ضمن أية مواجهة مستقبلية، سواء كانت مع الجيش السوري أو القوات الكردية.

4. مستقبل العلاقات في ظل المتغيرات الدولية

أ. علاقات متذبذبة

لعدة أسباب، أبرزها:

– عدم ثقة المتبادل بين الجهتين. (دمشق لا تثق بأنقرة خصوصاً بعد الأحداث فيها لجهة / تهديد أنقرة بالقوة العسكرية مباشرة أو غير مباشرة).
– اختلاف معايير النظام بين البلدين. (في دمشق نظام علماني / في أنقرة نظام شبه إسلامي لا سيما مع وجود الرئيس أردوغان في سدة الحُكم).
– وجود العديد من الملفات الشائكة. (المياه والسدود التركية – الحدود على الرغم من اتفاقية أضنة 1998 لا سيما بعد حديث لوزير الخارجية السوري الراحل وليد المعلم عن منطقة الاسكندرون بأنها سورية وستعود يوماً ما).
– استعمال متبادل للورقة الكردية. (كلٌ على طريقته في مواجهة الآخر).
– الخوف السوري من تطويق أنقره لها، من خلال تفعيل اتفاقيتي أنقرة 1926 وأضنة 1998، لا سيما مع استحضار الرئيس أردوغان – في إحدى خطاباته – للعديد من المدن التي كانت تقع تحت سيطرة الدولة العثمانية، على غرار مدينتي برقة وطبرق في ليبيا وإعادة أمجادها (أحد أبرز الأدلة على ذلك هو إنشاء المجلس التركي 2009)، وهذا ما أشار إليه الرئيس الأسد – بشكل ضمني – في خطابه أمام القمة العربية المنعقدة بالرياض، مايو/أيار 2023.
– “أطلسية” تركيا، والتي تشكل هاجساً للمحور الشرقي ككل، حيث يعمل على “تطويقها” اقتصادياً من خلال مشاريع تنموية مهمة (صينية وروسية) لربطها به. هذا الأمر يفتح الباب على مدى قدرة حلفاء دمشق بالتأثير على أنقرة. (بكين / موسكو / طهران)
– رغبة أنقرة في المشاركة بتقسيم “الكعكة” السورية الاقتصادية؛ فمن خلال تواجدها العسكري الميداني على الأرض، يمكنها الجلوس على الطاولة مستقبلاً.

ب. رؤية مستقبلية لتمتين العلاقات المشتركة

على رأس القائمة، تأتي مسألة تفعيل دور الحلفاء المشتركين للبلدين (روسيا – الصين – إيران)، إلى جانب التشبيك الطاقوي خصوصاً مع وجود كميات غاز ضخمة في سوريا براً وبحراً واستجرارها مستقبلاً عبر خطوط الأنابيب الروسية إلى تركيا ومنافسة خط غاز منتدى شرق المتوسط المتعثر كما سبق وأشرنا، فضلاً عن تفعيل حركة التجارة والترانزيت بين البلدين التي ستؤمن وفرة مالية وفتح أسواق جديدة، وتبادل تجاري مهم، والأهم حل المسألة الكردية بشكل يناسب جميع الأطراف من خلال تخفيف هواجس تركيا الأمنية، والحفاظ على وحدة أراضي سوريا، والأخذ بعين الاعتبار الخصوصية الكردية.

أيضاً، تعتبر مسألة المياه من أهم القضايا المعلقة بين الطرفين، حيث سبق لهما التوصل إلى إتفاق 1987 والذي يقضي بمرور 500 متر مكعب/ثانية من مياه نهر الفرات إلى سوريا (من ضمنها حصة العراق وهي على الشكل التالي: سوريا 42% – العراق 58% / اتفاق 1989).

كذلك، هناك ضرورة لوضع حل جذري نهائي لمسألة الحدود، من خلال اتفاق أو تفاهم يضمن استقلال البلدين بشكل كامل من دون العودة لفتح هذا الموضوع أو تأويله مجدداً (هذا ما نصت عليه اتفاقية أضنة لكن الواقع يقول غير ذلك)، مع ضرورة إقامة تفاهمات أمنية مشتركة على حدود البلدين. هذا الأمر سيكون انعكاسه إيجابي على الطرفين بحيث سيكونان مسؤولين معاً عن أية خروقات قد تحدث.

في المحصلة، إن الأيام المقبلة كفيلة بإظهار كيفية سير العملية التفاوضية بين البلدين ومستقبل العلاقات بينهما.

*محاضرة ألقيت في كلية فؤاد شهاب للقيادة والأركان / اليرزة – لبنان، تاريخ 1 يونيو/حزيران 2023.

مصدر الصور: أرشيف سيتا.

إقرأ أيضاً: سياسة التقارب مع الجوار.. تركيا على خطى الحلول الإقليمية؟!