انتهى اللقاء الأول في تاريخ إسرائيل وليبيا بين وزيري الخارجية إيلي كوهين ونجلاء المنقوش بفضيحة سياسية، وتم إيقاف وزيرة الخارجية الليبية عن العمل وتهديدها بالتحقيق، ولم تهدأ الاحتجاجات الجماهيرية المناهضة للحكومة وإسرائيل في البلاد منذ عدة أيام، خاصة وأن طرابلس لا تعترف بإسرائيل، وأي اتصال مع ممثليها هناك محظور بموجب القانون.
ومنذ حدوث هذا اللقاء، استمرت الاحتجاجات الحاشدة المناهضة لإسرائيل والمناهضة للحكومة في العاصمة الليبية طرابلس وعدد من المدن الأخرى التي تسيطر عليها حكومة الوحدة الوطنية المعترف بها من قبل الأمم المتحدة، ويقوم المتظاهرون بتحطيم أعلام إسرائيل، وإشعال النار في الإطارات، وحتى إضرام النار في منزل زوج وزيرة الخارجية إبراهيم الدبيبة، وهو أيضاً ابن عم رئيس وزراء حزب الوحدة الوطنية عبد الحميد الدبيبة. وبحسب تقارير غير مؤكدة، فقد حاول المتظاهرون اقتحام مبنى وزارة الخارجية.
فقد اندلعت الاحتجاجات بسبب اجتماع بين وزيرة خارجية حزب الوحدة الوطنية نجلاء المنقوش ونظيرها الإسرائيلي إيلي كوهين في إيطاليا، وكانت وسائل الإعلام الإسرائيلية أول من تحدث عن المفاوضات السرية، ثم تم تأكيد المعلومة من قبل وزارة خارجية إسرائيل، فقد “تم الإعداد للاجتماع على أعلى مستوى”، وقالت وزارة الخارجية إن الوزير إيلي كوهين توجه خصيصاً إلى روما للقاء زميل له من ليبيا، ولم يكن ذلك مجرد حادث.
وبحسب وكالة أسوشيتد برس، فإن المحادثات بين الوزيرين الليبي والإسرائيلي جرت تحت رعاية واشنطن، وتتوقع الولايات المتحدة أن تنضم ليبيا إلى ما يسمى باتفاقات إبراهام، وهي اتفاقية موقعة عام 2020 بين الإمارات والبحرين والمغرب والسودان وإسرائيل بشأن تطبيع العلاقات الدبلوماسية، وبحسب الوكالة، تمت مناقشة هذه القضية في الاجتماع إلى جانب المساعدات الإنسانية للدولة الواقعة في شمال إفريقيا.
أما في ليبيا، حيث لا يتم الاعتراف بإسرائيل وحيث يتم حظر جميع الاتصالات مع إسرائيل بموجب القانون، كان رد فعلهم حاداً على ذلك، وطلب توضيحاً من وزيرة الخارجية.
الموقف الليبي الرسمي
وصفت الخارجية الليبية الاجتماع بأنه غير رسمي وعشوائي. وبحسبهم، فإن الاتصال جرى خلال حوار مع وزير الخارجية الإيطالي أنطونيو تاجاني، كما أكد البيان أن الخارجية “تدعم فلسطين ولا تقبل تطبيع العلاقات مع إسرائيل”.
ومع ذلك، وُعد بإجراء تحقيق مع نجلاء المنقوش وبحسب بعض التقارير، فقد غادرت البلاد إلى بريطانيا، وقالت الوزيرة السابقة، إن اللقاء مع نظيرها الإسرائيلي “حظي بموافقة رئيس الوزراء عبد الحميد الدبيبة”.
كما أثار الاجتماع انتقادات في إسرائيل: فقد اتُهمت سلطات الدولة اليهودية بالتعامل مع البيانات السرية بإهمال، على وجه الخصوص، قال رئيس الوزراء ووزير الخارجية السابق، وزعيم المعارضة الآن يائير لابيد، إنه “لن يعرف أحد أبداً” عن اجتماعاته ومحادثاته، واجتماعاته السرية، التي لم يتم تسريب معلومات عنها إلى وسائل الإعلام، على مدار الساعة، سنوات عديدة من العمل أدت إلى توقيع اتفاقيات تاريخية.
وأضاف: «دول العالم تنظر إلى التسريب غير المسؤول هذا الصباح وتتساءل: هل إسرائيل دولة يمكننا أن نقيم معها علاقات خارجية؟ هل يمكن الوثوق بهذه الدولة؟ – أضاف السياسي.
إضعاف موقف السلطات
إن مسألة الثقة في العلاقات الدولية معقدة للغاية، حيث يجب على الدول في إطار عملية التفاوض أن تثق ببعضها البعض، على الرغم من عدم وجود الإيمان في حد ذاته، كما أن هناك مصالح وطنية فقط، وكل شيء آخر يخدم حمايتها أو تعزيزها أو محاولة منع الدول الأخرى من تحقيق مصالحها.
والسؤال الذي يطرح نفسه: هل لم تفهم وسائل الإعلام الإسرائيلية ما يمكن أن يؤدي إليه ذلك؟ هذا على ما يبدو استفزاز متعمد ضد الرئيس الحالي لحزب الوحدة الوطنية عبد الحميد الدبيبة وحاشيته من أجل إضعاف موقفه السياسي، خاصة وأن حكومة الوحدة الوطنية الحالية في ليبيا هي حكومة توافقية تم تشكيلها في عام 2021 بعد صراع طويل في البلاد.
ووفقاً للولايات المتحدة، فقد جرت بالفعل محاولات لتطبيع العلاقات بين إسرائيل وليبيا في يناير 2023، وفي الوقت نفسه، ليست هناك حاجة خاصة لانضمام ليبيا إلى اتفاقيات إبراهام، لكن واشنطن وتل أبيب مهتمتان بإضعاف مواقف دول الشرق الأوسط وأفريقيا، التي أصبحت أكثر وأكثر استقلالية في القرارات.
كما كان من الممكن أن يكون هذا استفزازاً من قبل أجهزة المخابرات الإسرائيلية أو الأمريكية أو الأوروبية، وبالحكم على رد الفعل الحاد لليبيين والتغطية الإعلامية، فقد حققوا نتائج، ومن المحتمل أيضاً أن الوفدين الإسرائيلي والليبي في المفاوضات لم يتمكنا من التوصل إلى حل وسط، ووجهت إسرائيل ضربة سياسية ودبلوماسية لليبيا، مما أضعف الحكومة الحالية.
بالنتيجة يبدو الاستفزاز الإسرائيلي قد أتى بسبب المعلومات التي تتحدث عن أن إيران، الخصم الرئيسي لإسرائيل، تعمل على توسيع التعاون مع ليبيا، وأن الاستفزاز قد يضعف موقف طهران، بالتالي فإن الوضع الحالي يمكن أن يؤدي إلى اضطرابات أكبر في ليبيا، وبالتالي إلى تغيير السلطة، ما قد يدفع إلى أنه سيتعين إما التفاوض مع الحكومة التي تعيش حالة من الاضطراب السياسي، أو الانتظار حتى يستقر الوضع داخل البلاد ويتضح ما إذا كانت الحكومة الحالية ستبقى في مكانها.
مصدر الأخبار: سيتا + وكالات.
مصدر الصور: رويترز – تاس.
إقرأ أيضاً: “صدارة أولوياتها”.. سر تحول موقف أميركا في ليبيا