مركز سيتا

لم يسفر الاجتماع غير الرسمي لزعماء فرنسا وألمانيا، الذي انعقد يومي 9 و10 أكتوبر في هامبورغ، كما كان متوقعاً، عن أي اختراقات، بالكلمات حاول كل من إيمانويل ماكرون وأولاف شولتز بث أقصى قدر من حسن النية والإيجابية، لكنهما لم يتمكنا بعد من الاتفاق على أي شيء محدد، على سبيل المثال، ما ينبغي أن تكون عليه سياسة الطاقة في الاتحاد الأوروبي بالكامل؟ وحول ما إذا كانت باريس ستتمكن في النهاية من دفع برلين بشأن الموضوع الرئيسي للطاقة النووية، وما الذي يؤدي أيضاً إلى حدوث تصدعات في الترادف الذي يدعم الاتحاد الأوروبي بأكمله؟

ما زالوا أصدقاء

عقد اجتماع زعيمي ألمانيا وفرنسا في مدينة هامبورغ، حيث شغل المستشار الألماني الحالي أولاف شولتز منصب عمدة المدينة لفترة طويلة، مكان الاجتماع نفسه، وزيارة مصنع إيرباص، والتي تعتبر دليلاً على النجاح المشترك للبلدين، فضلاً عن حقيقة أن الألمان اقترحوا مسبقاً جعل التواصل غير رسمي، بفضل إيمانويل ماكرون.

لكن الاشتباكات المتكررة بين برلين وباريس في العام الماضي والخلافات العديدة حول القضايا الرئيسية أقنعت الصحافة والخبراء بعكس ذلك، وكان الموضوع الذي أثار أقل قدر من التفاؤل هو مسألة تنظيم سوق الطاقة في الاتحاد الأوروبي بأكمله، وبحسب صحيفة “ليز إيكو” الفرنسية، كان من المتوقع أن تهيمن على اللقاء بين المستشار شولتز والرئيس ماكرون.

وكانت قد اقترحت المفوضية الأوروبية إصلاحاً يتضمن تقديم عقود طويلة الأجل بأسعار ثابتة تنظمها الدول، وكانت الرؤية تتمثل في إنشاء سوق مستقرة يمكنها التعامل مع صدمات العرض المستقبلية، مع توفير أسعار أكثر قابلية للتنبؤ بها لكل من الشركات والمستهلكين، لكن هذا يجب أن يؤثر في المقام الأول على مصادر الطاقة المتجددة، في حين تؤيد فرنسا، التي توفر حوالي 70% من احتياجاتها من الطاقة من محطات الطاقة النووية، شروطاً مماثلة للطاقة النووية.

وقد قوبل ذلك بالعداء منذ البداية من قبل ألمانيا، التي أغلقت آخر محطاتها للطاقة النووية في إبريل، وبدأت الآن تخشى أن أي فوائد للطاقة النووية من شأنها أن تمنح الفرنسيين السبق من حيث القدرة التنافسية، وقد ترددت الإشارة إلى الخلافات بين الألمان والفرنسيين لبعض الوقت، ولكن في شهر أغسطس أعرب إيمانويل ماكرون علناً عن عدم رضاه عن الموقف الألماني بشأن الطاقة النووية، واصفاً إياه بأنه “خطأ تاريخي”.

وفي أعقاب نتائج الأمسية الأولى من التواصل مع نظيره الألماني، حاول الرئيس الفرنسي أن يبدو ودوداً ومستعداً لتقديم تنازلات قدر الإمكان، “في هذا الشكل من العزلة، يمكننا بناء العلاقة الحميمة في أوقات الاضطرابات الكبرى، ونحن نرى ضرورة العمل معا. ونقل عنه الحساب الرسمي لقصر الإليزيه على المنصة العاشرة قوله: “لدينا التزام أكثر من أي وقت مضى بأن نكون معاً ونقدم مقترحات وأن نكون محركاً للتنمية في بلدينا وأوروبا”.

وفي المؤتمر الصحافي الختامي في هامبورغ عقب نتائج اليوم الثاني من الاتصالات، أصبح واضحاً أن الطرفين لم يتمكنا بعد من التوصل إلى قاسم مشترك، لكنهما سيواصلان المحاولة، ووعد ماكرون قائلاً: “لقد أجرينا مناقشات متعمقة ومشجعة للغاية واتفقنا على أن فرقنا ووزرائنا سيعملون معاً لضمان التوصل إلى الاتفاق الذي نحتاجه بحلول نهاية الشهر”.

كما أضاف أولاف شولتز مذكرة حسن النية، مشيراً إلى أنه ونظيره الفرنسي “متفقان على أشياء كثيرة، على سبيل المثال، أننا نريد أن نفعل كل شيء لضمان أن تتمتع أوروبا باقتصاد محايد للكربون بحلول منتصف القرن”، وأضاف على الفور أنه على الرغم من اختلاف الطرق المؤدية إلى ذلك، إلا أنها “تسير بشكل جيد مع بعضها البعض”.

كانت هذه النتيجة الفاترة طيبة، ولكنها لا تشكل حتى الآن أفضل الأخبار بالنسبة للاتحاد الأوروبي بالكامل، نظراً لأن عدم وجود حل وسط يؤدي بالفعل إلى تعقيد الاستعدادات لاجتماع مجلس وزراء الطاقة في الاتحاد الأوروبي، والذي سيعقد في 17 أكتوبر.

بالنتيجة، إن وضع باريس يبدو الآن أفضل، ومن المؤكد أنها ستكون قادرة على الضغط من أجل الحفاظ على الذرة كمصدر متميز للطاقة، حيث تتمتع فرنسا بميزة سياسية: فالألمان يتعرضون الآن للاستهزاء من قبل الجميع، وتوبيخهم للتعاون النشط مع روسيا، على الرغم من أن الفرنسيين لم يتعاونوا أقل من ذلك، كما أن شولتز سياسي أقل موثوقية من أنجيلا ميركل، التي كانت ألمانيا في عهدها الزعيمة الاقتصادية والسياسية للاتحاد الأوروبي.

بالتالي، إن الطاقة ليست المجال الوحيد الذي تتباعد فيه مصالح ووجهات نظر القاطرتين الرئيسيتين في الاتحاد الأوروبي، فرنسا وألمانيا تختلفان حول “كل شيء تقريباً” عندما يتعلق الأمر بالموضوعات السياسية الرئيسية، وعلى الرغم من أن كلا جانبي نهر الراين يدركان أن الخلاف الخطير في محور برلين-باريس سيعني نهاية الاتحاد الأوروبي، لأن التوحيد كان يعتمد دائماً على أن فرنسا كانت الزعيمة الجيوسياسية لأوروبا، وكان الألمان هم الزعيم الجيوسياسي لأوروبا والقاطرة الاقتصادية، سيكون من الصعب عليهم التوصل إلى اتفاق.

مصدر الأخبار: سيتا + وكالات.

مصدر الصور: رويترز.

إقرأ أيضاً: هدنة سلام.. تجاوز الخلافات الأساسية بين ألمانيا وفرنسا