تسعى الجزائر إلى تحقيق تنمية اقتصادية مستدامة ومتوازنة في مختلف القطاعات وبكيفية تضمن التنويع الاقتصادي الذي يقلل من نسبة الاعتماد على الجباية البترولية، كما تهتم القيادة الجزائرية بالبرامج الموجهة لتحقيق تنمية اقتصادية شاملة وعادلة تأخذ بعين الاعتبار مقدرات وموارد واحتياجات مختلف المناطق والجهات، ولتبرز أهمية الفلاحة ضمن سياسات التنمية الاقتصادية العاجلة لتفادي ضغوط الاستيراد وما تكتنفه من مخاطر جمة تمس مختلف الجوانب الاقتصادية والاجتماعية، بداية من مشاكل ارتفاع الاسعار المرتبطة بتقلبات الاسواق العالمية وما يتبع ذلك من اضعاف للقدرة الشرائية للأفراد، الامر الذي يستدعي بعث مشاريع للاستثمار الفلاحي الممكن خاصة مع توفر المساحات القابلة للاستصلاح الزراعي، واعتماد الاطر القانونية المناسبة لتوزيعها، بالاضافة الى مختلف التسهيلات القانونية للمستثمرين لإطلاق مشاريعهم بتبني منصات رقمية تقلص من التعقيدات الادارية وتضمن الشفافية في اعتماد موضوعية الجدوى الاقتصادي في اتخاذ قرارات منح الامتياز الفلاحي.
لتتجه الجزائر بمقدراتها البشرية والمادية والتكنولوجية نحو تحقيق اكتفاء ذاتي في احتياجاتها الغذائية وعلى رأسها الحبوب والبقوليات، حيث تميزت اجتماعات مجلس الوزراء الجزائري بحركية دؤوبة قوامها الالتزام بأهداف تحقيق الاكتفاء الذاتي المنشود في قطاعات اقتصادية حيوية وأولها ما تعلق بالأمن الغذائي.
خاصة وإن العالم يعيش تقلبات مستمرة في أسواق المواد الأساسية التي تأثرت بشدة بالاضطرابات المعاشة في بقاع مختلفة، ما جعل الجزائر تتبنى إستراتيجية وطنية استباقية مكنتها من تحقيق نتائج ايجابية في مؤشرات أمنها الغذائي وبمستويات محفزة جنبتها ضغوطا حقيقية يمر بها العالم، بداية من مخاطر الانقطاعات التموينية في المواد الاساسية، هذا بالاضافة الى صعوبات ضمان الانسياب الطبيعي للمبادلات التجارية خاصة مع استمرار الحروب المشتعلة في دول تعتبر مصدرا هاما لهذه المواد، ناهيك عن تزايد الطلب العالمي المسجل في منتجات استراتيجية كالقمح والبقوليات، مما سيضاعف من تحديات الأمن الغذائي في العالم.
وفي هذا سياق استمرت الجزائر في استراتيجيتها الوطنية المتكاملة التي تستهدف الاستغلال الامثل للموارد الاقتصادية الضخمة المتاحة وطنيا والمعول عليها استراتيجيا لصالح تنمية اقتصادية شاملة على رأسها الاكتفاء الذاتي، وذلك لإنهاء زمن التبعية الاقتصادية كخطوة هامة تستحق المتابعة والتقييم المستمر، وهذا ما تؤكده مخرجات مختلف الاجتماعات الحكومية التي يترأسها السيد رئيس الجمهورية.
حيث ترأس السيد رئيس الجمهورية اجتماعا لمجلس الوزراء بتاريخ 10 ديسمبر 2023 والذي كان اقتصاديا بامتياز، وتضمنت مخرجاته توجيهات صارمة تصب في خانة الاستثمار الفلاحي وتعجيل قراراته التنفيذية بداية من منشآت التخزين وما تمثله هذه العملية من أهمية بالنسبة للإنتاج واستيعاب الوفرات المحققة وتسييرها وفق رؤية اقتصادية استشرافية ستكون محل متابعة من قبل السادة الولاة الذين صارت لهم مسؤولية كبيرة تجاه التنمية الفعلية المعبر عنها بالأرقام والمعطيات التقييمية والرقابية، لتضاف لأولوياتهم التفتيش والمعاينة اليومية للمساحات المزروعة دعما للفلاحين وتسهيلا لنشاطهم الاستراتيجي، كما وجه السيد رئيس الجمهورية تعليمات صارمة للسادة الولاة تقضي بالمتابعة الحثيثة والصارمة للموسم الفلاحي الحالي.
كما تضمنت مخرجات مجلس الوزراء أولوية تشجيع الاستثمارات في مجال الفلاحة وفتح المجال للشراكات، بهدف تعزيز الإنتاج الفلاحي وتنويعه، خاصة وأن البيئة القانونية أصبحت مناسبة ومشجعة من حيث تحسين أطرها وتحيين متطلباتها التي نالت حيزاً كافياً من النصوص التنظيمية المحفزة والتشريعات المفسرة لرفع اي لبس وتبسيط كل ما يتعلق بقرارات الاستثمار الفلاحي بما يلبي آفاق نهضة فلاحية شاملة متزامنة مع اعتماد رقمنة ضرورية في مختلف المجالات المرافقة للعملية الاستثمارية، كما كلف السيد رئيس الجمهورية كل من السادة الوزير الأول ووزيري الداخلية والفلاحة بتسوية نهائية لملفات استصلاح الأراضي الفلاحية مع نهاية جانفي 2024 ومنح عقود الملكية لأصحابها.
مصدر الصورة: موقع رئاسة الجمهورية الجزائرية.
إقرأ أيضاً: توجهات الدبلوماسية الإنسانية الجزائرية في ظل زلزال كهرمان مرعش
د. عمار إبراهمية
كاتب وباحث – الجزائر