عرضت في مقال سابق لأهم أكاذيب إسرائيل والغرب وبعض السفهاء العرب، كما عرضت في مقال لم ينشر بعد سفاهات بعض المنتفعين في الحكومات العربية من إساءات للمقاومة.

ونركز في هذه المقالة على بعض هذه الأكاذيب والسفاهات.

أولاً: بعض الملحدين العرب يسوؤهم أن تنتصر المقاومة الإسلامية التى لايمكن تقييم أدائها بالمعايير البشرية وإنما هم اعتصموا بالله بعد أن تنكر لهم القريب والبعيد ويكفي أن المحيط العربي والإسلامي ضد المقاومة وأقول إن الحكام يدركون أن مصير كراسيهم في دعم إسرائيل أما دينهم ووطنهم فهو يقضي بدعم المقاومة ومعاداة إسرائيل خاصة أنهم يعلمون علم اليقين بأن الحياة لا تتسع إلا لليهود والموت لغيرهم، فمصلحة الكرسي تتناقض مع مصالح الوطن والدين. وبعد ما رأيناه من مظاهر الحقد والكراهيةعند اليهود، من الواضح أن التعايش في إطار حل الدولتين صعب التحقيق بسبب هذا العداء المتبادل، وبسبب أن إسرائيل تريد فلسطين كلها لهم دون الفلسطينيين.

ثانياً: قال بعض السفهاء المتصهينين إن حماس هي التي بدأت الحرب ومن واجب إسرائيل وحقها أن ترد والبادى أظلم، ويضيفون أن حماس بدأت الحرب بعملية إرهابية. والرد أن الحفل اليهودي ضربته الطائرات الإسرائيلية وقد اعترفوا بذلك، ومن ناحية أخرى فإن حماس كمنظمة مقاومة لم تبدأ وإنما البادئ هو الاحتلال الاستيطاني الذي يمارس أسوأ إبادة للفلسطينيين ويعتبر ذلك مباح دينياً حسب التوراة المحرفة من رجال الدين (الحاخامات) فالحق في المقاومة هو حق الرد على العدوان الدائم وهو الاحتلال حسب قواعد القانون الدولي.

أما فيما يتعلق بالإرهاب، فإسرائيل هي التي اغتصبت الأرض ولم تحترم أي قانون وهي تمارس الإرهاب والمذابح وهي وسيلتها التاريخية في نشأتها أما المقاومة فهي تمارس حقها بأي وسيلة مادام الاحتلال عازماً على التهام كل فلسطين.

ثالثاً: يردد بعض السذج مصطلحات وأقاويل منها:

1- إن إيران تدعم المقاومة وهذا صحيح ولها الفضل لأنها تدعم الحق وإدانة العرب للمقاومة ووصمها بالإرهاب عار عليهم. ينتقد بعض الأوساط الغربية ويشيرون إلى الحكام العرب فضلوا الباطل من أجل كراسيهم ضد الحق والعدل والقانون. وإذا كانت إيران تدعم المقاومة فإن إسرائيل المعتدية مدعومة من كل الغرب وعلى رأسه الولايات المتحدة.
2- عدم التمييز بين المدنيين في كل من حماس وإسرائيل. بل يجب التنبه إلى أن الأسرى الفلسطينيين هم مقاومون على كل المستويات أما الإسرائيليون فهم مستوطنون مسلحون معتدون وأعضاء في المشروع الصهيوني. يضاف إلى ذلك أن حماس أخذت الأسرى اليهود خلال القتال بينما إسرائيل السلطة القائمة بالاحتلال تقوم باقتحام الأحياء الفلسطينية وتعتقل كل الناس وتقتلهم بشكل عشوائي إبادة وحقداً.
3- هناك فرق في المركز القانوني بين المخطوف والأسير، فالأسر إجراء مسموح به في القانون الدولي أما الخطف فهو جريمة وفق اتفاقية نيويورك عام 1979. ثم أن الاحتلال عندما يعتقل الفلسطينيين وعندما يحاكمهم يخالف القانون الدولي ناهيك عن قتلهم والإساءة إليهم وعدم احترام حقوق الأسير والفلسطيني في هذه الحالة يعتبر مخطوفاً، أما الأسر فيتم خلال القتال وفي ساحات الصراع المسلح.
4- هناك فرق بين المقاومة المشروعة وهي حماس وغيرها من المنظمات الفلسطينية وبين داعش. فرغم أن واشنطن هي التي أنشأت داعش بديلاً عن القاعدة واستقدمتها إلى العراق وسوريا وأسمتها اسماً براقاً بالنسبة للتيارات الإسلامية وهي الدولة الإسلامية بالنسبة للعراق وسوريا وقد دربتها إسرائيل ومولتها دولة عربية خليجية إسلامية ولكنها تناهض التيارات الإسلامية وتؤيد بعض هذه التيارات عندما يتعلق الأمر بمصالحها. واستصدرت واشنطن قراراً من مجلس الأمن لمحاربة داعش علماً بأن داعش اخترعت خصيصاً لتشويه صورة الإسلام والمسلمين أولاً وثانياً لمحاربة إيران والأقليات الشيعية في المنطقة بل شكلت الولايات المتحدة تحالفاً ضد داعش بالذات في العراق وسوريا حتى تبرر احتلالها للدولتين ولذلك فإن تصدي المقاومات العراقية والسورية بالتعاون مع إيران ضد القواعد الأمريكية والقوات الأمريكية الغازية في العراق وسوريا يعتبر عملاً مشروعاً كما أن مطالبة إيران بأن شؤون الخليج من اختصاص أهل الخليج دون تدخل الأجانب مثل واشنطن وإسرائيل فكرة وجيهة أيضاً ولكن واشنطن تلوح للخليج بالخطر الإيراني المزعوم حتى تستولي على أموال الخليج وتسيطر على مقدراته تماماًـ كما زعمت واشنطن أن صدام حسين يريد أن يهدد جميع دول الخليج وأن يستولي على جميع مواردها البترولية وأن تصدى واشنطن لصدام حسين له ثمن وهو الأتاوات المالية التي تحصلها واشنطن من دول الخليج طوال العام.
5- زعم بعض السفهاء للتقليل من شأن حماس وتغذية الحرب النفسية عليها أنها فرع من الإخوان المسلمين وأن الإخوان المسلمين جماعة محظورة في مصر و نسبوا إلى حماس مجموعة من الأفعال التي إن صحت تسيئ إلى نظام الحكم وقت الثورة وإلى الجيش المصري كما أن القضاء المصري يحتاج إلى مراجعة في هذا الشأن تماما كما تحتاج أحكام الإعدام وقوائم الإرهاب إلى مراجعة أمينة وشاملة.
6- والرد هو أن حماس حركة تحرر وطني فلسطينية ولا علاقة لها بالإخوان المسلمين من الناحية السياسية وليس من المعقول أن نضع الطائفة الدينية في قفص واحد فالإخوان المسلمون دعوة مستمرة إلى قيام الساعة وتنظيم يمكن حظره إذا احتك بالسلطة. صحيح أن الإخوان المسلمين وكتائبهم التي شاركت في حرب فلسطين الأولى عام 1948 قد ابلوا بلاءا حسنا ضد العصابات الصهيونية واعتقد أن هذا سبب من أسباب مساهمة إسرائيل الفعالة في حملة كراهية الإخوان المسلمين لكن للاسف بعض الملحدين ينضمون إلى الغرب الصليبي في معاداة حماس لمجرد انها مقاومة إسلامية والمقاومة عادة سياسية وليست دينية وهي حرة في أن تتبنى الدين الذي تراه المهم أنها تحاسب من الناحية السياسية وليس الدينية صحيح أنهم رفعوا راية الإسلام عاليا وجذبوا غير المسلمين إلى الإسلام وصححوا الصور الكريهة التى ألصقتها داعش بالاسلام والمسلمين وهذا بالقطع لا يسعد إسرائيل والغرب عموما ولولا أن حماس منظمة إسلامية لما واجهت تكتل الغرب مع الحكام العرب ضدها فهي لاعلاقة لها بالحكام العرب وإنما تستهدف الدفاع عن فلسطين ضد مشروع الالتهام الصهيوني للأرض وإذلال من عليها.

المصدر: ذات مصر.

مصدر الصورة: أرشيف سيتا.

إقرأ أيضاً: العوامل الحاكمة للموقفين الإسرائيلي والأمريكي في عمليات طوفان الأقصى

السفير د. عبدالله الأشعل

سفير سابق ومساعد وزير الخارجية الأسبق / أستاذ محاضر في القانون الدولي والعلاقات الدولية – مصر