يان فان زيبروك*

 

في عهد سلفادور أليندي، قامت شيلي بتأميم أهم ثروة فيها وهي مادة النحاس، وبالإضافة إلى تأميم أهم 90 مشروعاً في البلاد، من خلال تطبيق “برنامج الوحدة الشعبية”. أيضاً، تم إصدار قانون للإصلاح الزراعي بحيث تم توزيع الأراضي على المزارعين، ونظام تعليمي جديد، وهو النظام نفسه الذي طبقه الرئيس الفنزويلي الراحل هوغو تشافيز في فنزويلا. غير أن المعارضة، المعروفة بإسم “الوطن والحرية” وهي تحرك يميني متطرف المدعومة من الولايات المتحدة، استطاعت تنفيذ العديد من الهجمات فى تشيلي من أجل تخريب كل ما تم إنجازه. وبعد الانقلاب الذي قاده أغوستو بينوشيه المدعوم من واشنطن، وجد الرئيس سلفادور أليندي منتحراً في قصره (انظر الوثيقة السرية في المصادر).

بعدها، توالت الانقلابات في البلدان المجاورة الأخرى، حيث بدأ تتبع أي حركة من اليسار أو الموالية للماركسيين سواء بالطرق العسكرية أو الاغتيالات أو القتل الجماعي، وكانت هذه المجموعات مدعومة وممولة من قبل عصابات المخدرات.

تحت قيادة بينوشيه ثورة أخرى حدثت. هذه المرة ترافقت مع حملتين دموية، عرفت باسم “عملية كوندور”، واقتصادية، حيث جلب بينوشيه خبراء كبار من جامعة شيكاغو، لتعليم افكار “ميلتون فريدمان”، وبالتحديد الخصخصة، على نطاق واسع من أجل السيطرة على جميع القطاعات الاقتصادية الرئيسية. لقد أدت الخصخصة إلى وقوع أعمال قمع دموي ضد المزارعين، في القرى الصغيرة، حيث بدأت عملية فرض “أفكار فريدمان” عليهم بالقوة لا سيما في العديد من بلدان أمريكا الوسطى والجنوبية، وذلك بفضل مساعدة الجيش والإشراف المباشر من قبل وكالة المخابرات المركزية الأمريكية.

عند ملاحظة المواد الاقتصادية التي يتم تدريس في جميع الجامعات الغربية، نرى أن افكار “فريدمان” تأتي في المقام الأول. في بريطانيا على سبيل المثال، قامت رئيسة الوزراء الرحلة، مارغريت تاتشر، بتدريسها في جامعات بلدها الوطنية.

على مدى أكثر من 30 عاماً، كانت هناك صراعات مسلحة بين صغار القرويين والجيش، بمساعدة الميليشيات شبه العسكرية التي لا تختلف أساليبها عن تلك التي استعملها داعش في سوريا، حيث وقعت الكثير من المجازر، وتمت مطاردة القرويين وتعذيبهم من أجل الاستيلاء على أراضيهم لصالح الشركات متعددة الجنسيات. لاحقا، أقر فريدمان نفسه بأن ما حدث في أمريكا الجنوبية كان اول مختبر لتجريب أفكاره ومدى إمكانية تطبيقها على جميع البلدان المستهدفة.

بسبب فقدان الحقوق الاجتماعية، انتشرت الأمية بين السكان حيث ساهمت بشكل أساسي في إيجاد موجة كبيرة من الفقر لم تشهد البلاد ملثها من قبل، بينما قلة من السكان، أصحاب رؤوس الأموال، كانوا يعيشون في القصور الفخمة والضواحي الأنيقة. ومع وجود طبقة كبيرة من الفاسدين، التي عملت مع أكبر كارتلات المافيا المفضلة أمريكياً، يولد في المقابل الكثير من الأطفال المهددين في مستقبلهم.

وفي ثمانينات القرن الماضي، عملت هذه الميليشيات ضد التمرد الساندينيتي في نيكاراغوا. وفي عام 1996، نشر غاري ويب كتاباً بعنوان “التحالف الأسود” الذي خلق صدمة في البيت الأبيض بعدما حكي عن مساعدة وكالة الاستخبارات المركزية لقوات الكونترا من خلال إيصال الكوكايين إلى كاليفورنيا، وهو ما يفسر موجة العنف التي حدثت في لوس أنجلوس، والتدمير الممنهج للجيل الأمريكي – الأفريقي بعد وصول هذه المخدرات إليه.

عند التحقق من هذه الشبكة، بصلاتها الوثيقة بين وكالة المخابرات المركزية والكارتيل الكولومبي، يتبين بأن تلك الأموال كانت تقدم لشراء الأسلحة، وبذلك تم فتح أول “قناة” بين الكارتيل الكولومبي وأحياء السكان السود في لوس أنجلوس، حيث باتت هذه المدينة تعرف باسم “عاصمة التصدع” في جميع أنحاء العالم.

هذا الحدث وتزامنه مع صدور الكتاب، وضع حدا للعلاقات ما بين وكالة المخابرات المركزية وقوات الكونترا. هذا التوقف المؤقت للعمل السري في بلدان الجنوب، تلاه استبدال للثوار بمنظمة أخرى، انتشرت لاحقاً في جميع بلدان العالم، وهي ما تسمى بـ “نيد NED”.

وفي كانون الأول / ديسمبر 1989، قام الجيش الأمريكي بغزو بنما بحجة القبض على الرئيس مانويل نورييغا، وهو الجندي المفضل لدى واشنطن في القارة اللاتينية قبل بضعة أشهر، إذ كان عميلاً لوكالة المخابرات المركزية، وصديقاً عظيم لجورج بوش الأب، وبمثابة جسر بين المافيا الكولومبية ووكالة المخابرات المركزية للاتجار بالكوكايين، التي مولت حرب مكافحة التمرد في أمريكا الوسطى في 1980.

ولكن في لحظة “اندفاع” نحو السيادة، رفض نورييغا أن يكون للولايات المتحدة سيطرة كاملة على بلاده ولاسيما القناة، بحيث اصبحت “خطيئته” تلك حديث الصحف. تلك العملية في بمنا، أطلق عليها اسم “السبب العادل” حيث أرسلت الولايات المتحدة 26 ألفاً من جنودها بترساناتهم العسكرية الضخمة من أجل غزو هذا البلد الصغير، حيث قتل ما يزيد عن 4 آلاف مدني في تلك العملية.

بعدها، واصلت واشنطن تدخلها في بلدان أمريكا الوسطى بحجة مكافحة تجار المخدرات، وفي نفس الوقت كانت “تحالفاً” لكارتلات المخدرات وأصدقائها مثل الرئيس الأسبق لكولومبيا ألفارو أوريبي فيليز. غير أن تلك العمليات فشلت فشلاً كاملاً، كونها دمرت حقول “الكوكا” لكنها لم تمنع هولاء المزارعين، الفقراء جداً، من العمل مع تجار المخدرات الذين يحمونهم ويطعمون أسرهم.

لقد قامت الولايات المتحدة بمساعدة العديد من الدول مالياً من أجل مكافحة المخدرات، ولكن هذه العملية أدت إلى منافسة بين الأحزاب السياسية بحيث تم استبدال القوى الأقرب إلى السلطة بالقوى الأقرب إلى الكارتيلات، وبذلك يصبح الجيش وقوات الشرطة فاسدين من خلال مساعدة الكارتلات.

يعتبر المكسيك، الحليفة لواشنطن، المثال الأكثر تحدياً حيث تم إدراج العديد من الأشخاص فيها على لوائح سوداء لقضايا تتعلق بالفساد، فالكارتيلات المكسيكية ليست أفضل حال من مثيلاتها الكولومبية.

هذه الصورة القاتمة لأمريكا الجنوبية تمكنت بعض البلدان، مثل الأرجنتين أو برازيل “لولا دي سيلفيا”، من تحقيق نتيجة معينة بالرغم من أن الفساد ما زال ينتشر فيها لأنه نتيجة تدخلات اأريكية يزيد عمرها عن الـ 150 عاماً.

*باحث في مركز “سيتا”

المصادر:

 http://bit.ly/2nFjrQD

 http://bit.ly/2E287J6

 http://bit.ly/2E8Xio7

http://bit.ly/2nyl4QC

 Opération Condo

http://bit.ly/2GJDHZV

http://bit.ly/2E8Xio7

http://bit.ly/TW9G07

http://bit.ly/2EDsNo5

http://bit.ly/XkG5iK

Sur l’Alliance noir

http://nyti.ms/2FEntzS

http://bit.ly/2B2UOT7

http://cs.pn/2Ec8QXy

http://bit.ly/1f0FkDm

Contras History

http://bit.ly/2E0ie1l

http://nyti.ms/2E07rjs

http://bit.ly/2E29HL2

The invasion of Panama

http://bit.ly/2DYUCpP

http://bit.ly/2pDmmbM

http://bit.ly/2nB34oZ

USA

http://bit.ly/2FHbimf

https://usat.ly/2s20YmJ

http://bit.ly/2EBawYq

http://bit.ly/2CuD5oy

Juarez in Mexico

http://bit.ly/2nAU7vG

http://on.natgeo.com/2Ea6VD4

مصدر الصور: سبوتنيك – صحيفة المنار.