حوار سمر رضوان

لا تزال حيثيات تطبيق قرار مجلس الأمن رقم 2401 لا سيما مع تصريح وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، بأن التحركات العسكرية في الغوطة تمثل “الخطة ب” لإسقاط دمشق من جديد. في مقابل ذلك، نجد الموقف التركي الرافض للالتزام بالقرار الأممي، في عفرين، بالرغم من مناشدة باريس لأنقرة احترام القرار ووقف القتال. عن هذه المستجدات، سأل مركز “سيتا” الدكتور نضال قبلان، سفير سوريا السابق في تركيا.

الهدنة الإنسانية

من الواضح أنّ سلوك المسلحين من إصدار هذا القرار يسير عكس الرغبة الأممية، فهم منعوا المدنيين من الخروج وعندما حاول المدنيون الخروج بعد الهدنة التي أعلنتها روسيا وسوريا من الساعة التاسعة صباحا وحتى الثانية ظهراً بدأوا بإطلاق القذائف والرصاص باتجاه ممرّات خروج المدنيين.

ويضيف الدكتور قبلان أنّه من الواضح أن هنالك من لا يريد أن يخرج المدنيون وأن يتفرغ الجيش السوري لمحاربة المسلحين في الغوطة الشرقية، لكن القرار السوري في اجتثاث الإرهاب من الغوطة قرار نهائي لا رجعة عنه ولا يتعلق بقرار الأمم المتحدة أو بأي قرارات قد تصدر لاحقاً، فقرار مكافحة الإرهاب شيء وقرار المساعدات الإنسانية وحماية المدنيين موضوع آخر، وبالتالي هؤلاء الإرهابيون في الغوطة الشرقية مسؤولون عن قتل مدنيين سوريين أيضاً، أي من قتلوا وجرحوا في شوارع العاصمة وضواحيها في الأسابيع الأخيرة هم أيضاً مدنيون سوريون وبالتالي واجب الدولة حماية جميع المدنيين وليس فقط مدنيي الغوطة الشرقية، بل إنّ عدداً من الضحايا والجرحى في القصف الإرهابي على دمشق وضواحيها، هم من أهالي الغوطة الشرقية الذين نزحوا من بطش الإرهاب ومن ممارساته القمعية الوحشية التكفيرية المتخلّفة.

فرز التنظيمات الإرهابية

يرى السفير قبلان أنّ التمييز ما بين الجماعات والتنظيمات الإرهابية وما بين المسلحين أو ما يسمّى بالمعارضة هو أمر أساس في أي قرار دولي له الحد الأدنى من المصداقية، ومن المعروف أنّ هذا الإصرار الأمريكي البريطاني الفرنسي على إحلال هدنة في الغوطة الشرقية ليس حنانا منهم على السوريين وليس رأفةً بهم، فهؤلاء لا يكترثون وهم مسؤولون مثل تركيا ودول الخليج ومثل إسرائيل ومثل بعض الدول العربية مسؤولون عن قتل الكثير من السوريين، وبالتالي الهدف الأساس كان هو حماية قيادات الإرهاب في الغوطة الشرقية، تماما كما فعلت أمريكا في الشمال والشمال الشرقي في سوريا، وكما فعلت في العراق عندما هرّبت قيادات داعش عندما اشتد الحصار عليهم من القوات السورية ومن العراق الجيش العراقي وقوات الحشد الشعبي، وبالتالي الهم الأساس للغرب هو تهريب قيادات الإرهاب وتهريب أي ضباط استخبارات غربيين أو صهاينة موجودين في الغوطة الشرقية، وهذا أمر مرجّح لأنّ من يدير أنشطة هذه العصابات هي دول وهي جيوش وأجهزة استخبارات متطورة ومتقدمة مدتهم بأجهزة اتصال وتشويش وتوجيه وسلاح إسرائيلي وأمريكي وغربي وتركي، وبالتالي علينا أن نكون واعين، والشعب السوري في غالبيته العظمى واعٍ للمقصد الأساس من هذه الجهود الدولية بأنه ليس لحماية السوريين وإنما هو حماية أزلامه ومرتزقته في الغوطة الشرقية تماما كما فعل في حلب وإدلب وفي الشمال والشمال الشرقي من سوريا، وكما فعل في العراق.

الخطة “ب”

يشير قبلان إلى أنّ كل الاحتمالات ممكنة ولا نستبعد شيئا، ولكن موضوع إسقاط الحكم أصبح مزحةً سمجة وموضوع إسقاط دمشق أصبح مستحيلا وكان مستحيلاً منذ البداية، لكن سوريا ودمشق والشعب السوري وشرفاء سوريا الذين صمدوا أكثر من سبع سنوات ونصف في وجه أشرس حملة وأشرس حرب كونية على سوريا في تاريخها المعروف، أعتقد الآن أنهم في وضع أقوى وأفضل وما أنجزه الجيش السوري في أرياف حمص وحماة وحلب وإدلب وأخيرا في الغوطة الشرقية وإسقاط مقاتلة الـ ( أف16) الإسرائيلية قبل أسابيع قلب التوازنات وكسر الكثير من المخططات، طبعاً لا يزال المسعى الأمريكي إلى تقسيم سوريا قائما لأنه خدمة للمشروع الماسوني الصهيوني القديم المتجدد المعروف بتجزئة الوطن العربي إلى دويلاتٍ وكياناتٍ إثنية وعرقية ودينية وإشعال الحرب الطائفية، وهذا المخطط بات واضحاً ومفضوحاً للجميع ولكن أعتقد بأنّ سوريا بصمودها وحلفائها الأوفياء خصوصاً الأشقّاء في إيران والمقاومة اللبنانية الباسلة والفصائل الرديفة المختلفة، وأنا أعتقد أنهم جميعاً الآن يشعرون باقتراب الحسم النهائي لهذه الحرب الشرسة على الإرهاب، سوريا تدافع منذ سبع سنوات ونيّف عن العالم أجمع من هذا الشر الكوني المتمثل بالإرهاب الوهّابي التكفيري الظلامي، وبالتالي أعتقد أنّ كل هذه الشراسة في إثارة ملفاتٍ كيماوية أحيانا وهي أيضاً باتت مسرحية ممجوجة ومفضوحة سلفاً أو إثارة الملفات الإنسانية وحماية المدنيين، ما هي إلا ردّة فعل من المتآمرين على سوريا على النجاحات والانتصارات المتعاقبة والكبرى التي حققتها سوريا وحلفاء سوريا ميدانياً فب الأسابيع والأشهر الأخيرة.

سوخوي 57

يوضّح الدكتور قبلان بأنّ دخول سلاح الجو الروي المتطور “سوخوي 57” إلى سوريا، هي رسالة في أكثر من اتجاه، أولاً هي رد على من كانوا يتوهمون فرحاً بأنّ روسيا تقلّص دورها ووجودها ومعدّاتها وأسلحتها في سوريا، وأنّ الروسي بدأ ينسحب، بالنسبة لروسيا هذه حرب مصيرية كما بالنسبة لنا هي لحلفائنا، هذه حرب تهدد روسيا كما تهدد سوريا وتهدد المنطقة وتهدد الغرب كما سوريا، لا أحد في منأى عن الإرهاب وهم جرّبوه وهو يضرب أسبوعيا العالم، فضرب في أمريكا وبريطانيا وفرنسا وبلجيكا وفي دول اسكندنافية، وضرب في أكثر من عاصمة ومدينة أوروبية، وبالتالي أعتقد بأنّ إرسال أحدث طائرة في الترسانة الجوية الروسية، بالمناسبة روسيا لا تملك سوى عشر طائرات سوخوي 57 أو ما تسمى (إس سو فيفتي) في قواها الجوية وهي أحدث مقاتلة دخلت الخدمة فقط العام الماضي 2017 وبالتالي ان ترسل روسيا أحدث طائراتها، 4 طائرات من أصل عشرة، يعني 40% من أحدث الطائرات الموجودة في سلاح الجو الروسي هو رسالة وهو موقف تحدٍّ بالدرجة الأولى للأمريكان وللإسرائيليين، ورسائل أيضاً إلى تركيا وإلى دول أخرى باننا نضمن سلامة الأجواء السورية كما ضمنّاها في منظومات الدفاع الجوي الحديثة، نضمنها بسلاح الجو الروسي الرديف.

بالمناسبة هذه الطائرة لمن لا يعرف تستطيع رصد الأهداف من على بعد 400 كلم وتستطيع رصد 60 هدفاً معا والتعامل مع 16 هدفاً بنفس اللحظة، وبالتالي كل طائرة عن أربعة أسراب من طائرات أف16 وبالتالي أربع طائرات نتحدث هنا عن سلاح جو مصغّر هو الأحدث في العالم لا يعلم أسرار هذه الطائرة، لا الاستخبارات الغربية ولا الإسرائيلية ولا أحد، وبالتالي أعتقد بأن إرسالها هو رسالة سياسية ورسالة عسكرية صارمة جداً وهي ربما إحدى نتائج القمة التاريخية بين الرئيسين الأسد وبوتين في قاعدة حميميم قبل أسابيع وبالتالي اعتقد بأن الروسي يقول للأمريكي لن أسمح بانتزاع الانتصارات التي حققها الجيش السوري وحلفاؤه في الميدان، ولن نسمح بقلب الطاولة على من حقق هذه الانتصارات ونحن مع التسوية والحل السياسي والحوار، ولكن في نفس الوقت نحن نقف مع سوريا حتى النهاية بأحدث ما لدينا وبأقوى ما لدينا من أسلحة.

موقف تركيا الرافض للقرار الأممي

يقول الدكتور قبلان: طرحت هذه القضية في العديد من اللقاءات التي أجريت معي في الأيام الأخيرة على أكثر من محطة عربية وأجنبية، قلت لهم لماذا أنتم حريصون على مدنيي الغوطة الشرقية وهم أبناء سوريا أولا وأخيرا ولا تتحدثون عن مدنيي عفرين الذين يقتلهم أردوغان وقواته ويقصفونهم بشكلٍ يومي، لماذا لا تتحدثون عن الأكراد الذين قتلوا ولماذا لا تتحدثون عن المسيحيين الذين قتلوا في هذا القصف التركي الإرهابي وقصف الجماعات الإرهابية في الغوطة الشرقية على أحياء دمشق، وبالتالي كل مدني سوري هو في عهدة الدولة السورية والجيش العربي السوري وهي مسؤولية تحملها القيادة والجيش في سوريا بشرفٍ ووفاءٍ لكل مدنيٍّ سوريّ وما حدث في عفرين هو درس للأتراك وما حدث في تل رفعت قبل أيام هو درس للأتراك والأمريكان ولكل المتآمرين على سوريا، بأنّنا لن نبقي منطقة واحدة من سوريا إلا تحت سيطرة الدولة والجيش السوري.

وعندما هددت نيكي هايلي في مجلس الأمن الدولة السورية كان رد العزيز السفير الدكتور بشار الجعفري يمثّل كل شرفاء سوريا والمنطقة والعالم عندما ردّ على التهديد، بتهديدٍ مماثل، بأنّ القوات الأمريكية في سوريا هي قوات احتلال وأننا سنقاوم هذه القوات وسنطردها بالقوة إذا لزم الأمر، أيضا هذا قرار سياسي وسيادي سوري معلن ولكن لكل شيءٍ اوانه وكما يقول المثل “كلشي بوقتو حلو”.

الحسم في الغوطة 

ملف الغوطة عسكريا ذاهب إلى الحسم وهذا قرار سوري لا رجعة عنه والقوات التي حشدتها سوريا وحلفاء سوريا حول الغوطة الشرقية هي قوات ليست للمساومة وهي قوات ليست للاستعراض، هي قوات لاجتثاث الإرهاب نهائيا من الغوطة الشرقية، فإما أن يلقي الإرهابيون أسلحتهم ويسلموا أنفسهم للجيش السوري وإما السحق، هذا القرار العسكري، القرار السياسي كل مدني يرغب في الخروج ستفعل الدولة السورية كل ما تستطيع لتأمين خروجٍ آمن للمدنيين من براثن العصابات الإرهابية في الغوطة الشرقية ولكن إذا أصرّ الإرهابيون على حمل السلاح ومواصلة استهدافهم للعاصمة دمشق وضواحيها وحمل السلاح في وجه الدولة والجيش العربي السوري، هذه المرة ستكون نهايتهم وخيمة والحسم بالنار هو قرار القيادة السورية، قرار سيادي لا رجعة عنه.

مصدر الصور: الجزيرة نت – عربي 21.