حوار: سمر رضوان
لا تزال الغوطة الشرقية محل اهتمام كبير من قبل عدد من القوى، الإقليمة والدولية، لجهة المعارك التي تدور فيها ومصير المسلحين الموجودين داخلها. حول هذا الموضوع، تحدث مركز “سيتا” مع الأستاذ نبيل صافية، عضو المكتب السياسي والقيادة المركزية في الحزب الديمقراطي السوري وعضو اللجنة الإعلامية المنبثقة عن مؤتمر الحوار الوطني في الجمهورية العربية السورية.
الغوطة والأعمال الحربية
مما لا شكّ فيه أن الحصار الذي يفرضه الجيش العربي السوري على منطقة دوما منذ سنوات قد بدأ يحقق نتائجه المتميّزة، بدءاً من 18 فبراير/شباط 2018، مع بداية استعادة الغوطة الشّرقيّة واحتدام المعارك فيها إن كان في البلدات والقرى المتاخمة لدوما أو القريبة منها ضمن الغوطة الشّرقيّة في مرج السّلطان أو الشّيفونيّة أو المحمّديّة وغيرها. من المعلوم أن هناك ثلاث قوى عسكريّة تسيطر على الغوطة الشّرقيّة رغم الحصار الذي يفرضه الجيش العربي السوري وأبرزها: جيش الإسلام، تحت قيادة أبو همام عصام البويضاني من دوما الذي خلف زهران علوش الذي قتل بغارة العام 2015، وفيلق الرحمن، وحركة أحرار الشام.
ومن الأهمية بمكان الإشارة إلى أن تلك الحركات الإرهابيّة لم تُصنف على لائحة الإرهاب الدولي وخصوصاً جيش الإسلام الذي ساهمت السعودية في تأسيسه، وكانت تدعمه عن طريق عبد الله علوش والد زهران.
تدور معظم المعارك في الغوطة الشرقية عبر محاور عديدة تكتيكة يعود تفصيل تنفيذها لقيادة الجيش العربي السوري، حيث تم تشكيل جيش الإسلام من 15000 مقاتل العام 2013 عبر اتّحاد 45 فصيلاً، وشارك في مختلف المعارك وخصوصاً دوما، وعدها منطلقاً لعملياته وسيطر من خلالها على كتيبة الدفاع الجوي في الغوطة والفوج 274 ورحبة إصلاح المركبات الثقيلة وغيرها، وقاتل الدّولة الإسلاميّة وفيلق الرّحمن وسواهما، وانسحب مؤخراً من مواقعه في مرج السلطان ضمن العمليات العسكرية التي يقوم بها الجيش، وقد رفض عرضاً روسياً للخروج من الغوطة، اذ قال حمزة بيرقدار، المتحدّث العسكري بإسم جيش الإسلام، “إنّ مقاتلي المعارضة سيدافعون عن الغوطة ولا مفاوضات للخروج منها كما اقترحت روسيا.” كما نقلت وكالة رويترز في رسالة عنه قوله “لا توجد أية مفاوضات حول هذا الموضوع، وفصائل الغوطة ومقاتلوها وأهلها متمسكون بأرضهم وسيدافعون عنها.”
وهذا القول يمثل تأكيداً على أن جيش الإسلام يتألف بتعداده من أغلب أهالي منطقة الغوطة وهم يرفصون الخروج منها تحت ذريعة التمسك بأرضهم، وقد عرضت روسيا عليهم الخروج الآمن لمقاتلي المعارضة المسلحة الإرهابية من الغوطة الشرقية قرب العاصمة دمشق مع عائلاتهم وأسلحتهم الشخصيّة.
لقد حقق الجيش والقوات الصديقة تقدماً جديداً في الغوطة الشرقية، في مسعى منها لتقسيم المنطقة إلى قسمين، حيث استطاع الجيش السيطرة على بلدة الشيفونية والتقدم في بلدة مسرابا والسيطرة على أجزاء واسعة في بيت سوّى. ومع استمرار تقدم الجيش بإتجاه حرستا، يكون قد استطاع تقسيم الغوطة إلى نصفين، ممّا يترك المجال للانفراد بكلّ جزء بصورة مستقلّة.
مصير المسلحين
إن المعلومات تفيد بأنهم يريدون التوجه جنوباً، نحو ريف درعا والقنيطرة، ليصار عندها إلى تجميعهم وانطلاقهم مجدداً من منطقة التنف، ولعل من المعلوم أن قاعدة عمليات جيش الإسلام هي منطقة الغوطة الشرقية التي تعد جزءاً من “درعا الكبرى”. هم يرغبون، وفق رؤيتي الشخصية، بالعمل ضمن إطار منطقة التنف التي توجد فيها قاعدة أمريكية ضمن إطار توجيهات القاعدة تلك التي تعد، برأيي الشخصي، نقطة ارتكاز أمريكية لإنهاء أية محاولة لتحرك الجيش وحلفائه ومنعهم من تنفيذ “صفقة القرن” المزمع العمل لها نتيجة التآمر العربي – الصهيوني على القضايا العربيّة.
لقد وجهت الولايات المتحدة، في 5 مارس/آذار (2018)، أقوى اتهاماتها لموسكو حتى الآن “بتورّطها في قتل مدنيين بمنطقة الغوطة الشّرقيّة المحاصرة في سورية” على حد تعبيرها قائلة “إن طائرات الجيش الروسي نفذت ما لا يقل عن 20 مهمة قصف يومية في الغوطة في الفترة ما بين 24 و28 من فبراير/شباط.”
تبادلت روسيا والولايات المتحدة الاتهامات بشأن الغوطة، اذ قال رئيس لجنة شؤون الدفاع والأمن في مجلس الاتحاد للبرلمان الروسي، فيكتور بونداريف، “إن أمريكا تتحمل مسؤوليّة ما يحدث في الغوطة”، وكانت الناطقة باسم وزارة الخارجية الأمريكية، هيذر ناورت قد ذكرت أيضاً “إن روسيا هي المسؤولة عمّا يحدث في الغوطة.”
بكل الاحوال وبالرغم من تبادل الاتّهامات حول الغوطة بين روسيا وأمريكا، فإن الجيش السوري سيواصل تقدمه من أجل بسط سيطرته على كافة الأراضي السورية، وننتظر الأيّام ومافيها من مفاجآت.
مصدر الصور: روسيا اليوم.