سمر رضوان
انطلقت في العاصمة الأردنية – عمان، أعمال الدورة الـ 29 للاتحاد البرلماني العربي، تحت عنوان “القدس عاصمة أبدية لدولة فلسطين”، بمشاركة رؤساء 16 برلماناً وممثلين عن بقية الدول، وبحضور سوري لأول مرة، إذ تعتبر المشاركة السورية هي الأولى بعد سنوات من الغياب الذي سببه القرار العربي بمقاطعتها وتجميد عضويتها في الجامعة العربية.
حول هذا المؤتمر وما نتج عنه في بيانه الختامي، من حلول للقضايا العربية ومناقشة أبرز الملفات على جدول أعمال المؤتمر، سأل مركز “سيتا”، الأستاذ خالد بني هاني، عضو حزب البعث الإشتراكي في الأردن، عن هذا الموضوع.
تطوير للعلاقات
شهد العام 2018 ومطلع العام 2019 تطوراً كبيراً في العلاقات الأردنية – السورية تمثل في فتح معبر نصيب البري بين الأردن وسوريا في الربع الأخير من العام 2018 وقد تلا ذلك مباشرة عدة زيارات لوفود رسمية لدمشق، حيث زار وفد نقابة المحامين الأردنيين دمشق، ثم وفد أطباء الأسنان وغيرها من الوفود في كافة القطاعات. غير أن الحدث الأبرز كان زيارة وفد البرلمان الأردني لدمشق برئاسة المحامي عبد الكريم الدغمي والإلتقاء بالرئيس السوري، بشار الأسد.
تأتي هذه الخطوة من إدراك الأردن خصوصية العلاقة مع سوريا وتجسيداً للرغبة الملكية والشعبية الأردنية في الإنفتاح على المحور السوري – العراقي كما صرح بذلك الملك عبد الله الثاني أمام مجلس النقباء الأردنيين حيث حضهم على الإنفتاح بإتجاه سوريا، وفتح صفحة جديدة من صفحات تطوير العلاقات بين الأردن وسوريا والعراق. يأتي ذلك كله بعد الرسالة الشفوية التي حملها الرئيس الأسد للوفد البرلماني الأردني بقوله للملك عبد الله “نحن نتطلع للأمام ولا نتطلع للخلف”.
غياب “أبو الغيط”
في هذه الأجواء، جاء انعقاد مؤتمر الإتحاد البرلماني العربي مع جهد بذله البرلمان الأردني في سبيل دعوة نظيره السوري بعد غيابه عن اجتماعات الإتحاد، منذ العام 2011. يأتي هذا السعي من إدراك البرلمان الأردني ضرورة إشراك البرلمان السوري في المؤتمر لكون سوريا “قلب العروبة النابض” وحاضرة في كل المحافل والمؤتمرات، ناهيك عن أن دمشق هي مقر الإتحاد منذ تأسيسه ومن غير الطبيعي عدم حضورها للمؤتمر، بل إن حضورها هو الأمر الطبيعي. بالفعل وجهت الدعوة لمجلس الشعب السوري للمشاركة وقد مثل الوفد السوري الأستاذ حمودة الصباغ، رئيس المجلس.
وبعد الإطلاع على مجريات المؤتمر والإستماع إلى كلمات الوفود والتدقيق في كواليس المؤتمر يمكن الخروج بالحقائق التالية:
أولاً: يمكن القول إن هذا المؤتمر هو أول اجتماع يجري بحضور ممثلي جميع المجالس النيابية المنتخبة في الدول العربية منذ 15 عام وقد حضرة رؤساء 17 برلمان في حين غاب عنه الأمين العام للجامعة العربية، أحمد أبو الغيط، وسط تكهنات أن غيابه نابع من خشيته من مواجهة الوفد السوري، وقد ألغيت كلمة مفترضة كانت مخصصه له في افتتاح المؤتمر نتيجة لهذا الغياب.
ثانيًا: أخذ هذا المؤتمر منحى توافقي غير معلن لتنحية الخلافات العربية – العربية في ظروف تمر بها القضية الفلسطينية والأمه العربية بالغة التعقيد وقد تجلى هذا التوافق في إدراج القدس والقضية الفلسطينية كبند وحيد على جدول أعمال المؤتمر.
رسائل هامة
من هنا يمكن القول إن هذا المؤتمر قد وجه عدة رسائل بالغة الأهمية أهمها:
- تجنب المؤتمر التطرق للخطر الإيراني ولم يتطرق أي برلماني للحديث عن إيران واعتبر العدو الصهيوني هو الخطر الأوحد.
- وجه المهندس عاطف الطراونة، رئيس مجلس النواب الأردني، بإسم الملك رسالة تهنئة إلى الشقيقة العراق لنجاحها في الحرب على الإرهاب ونجاح العملية السياسية فيه.
- أكد المؤتمر ومن خلال السيد الطراونة موقف الأردن ملكاً وشعباً إلى ضرورة دعم الحل السياسي في سوريا وإلى ضرورة الإسراع في أخذ الخطوات لضمان عودتها كركن أساسي من أركان العمل العربي المشترك.
- الرسالة الأبرز للمؤتمر هي رسالة الكواليس والتي تؤكد أن حالة غير مسبوقة من التوافقية سادت الأجواء من خلال المواقف التي عبرت عنها وفود كل من السعودية والإمارات وسوريا اتجاه العمل العربي المشترك، إذ رحبت السعودية والإمارات بمواصلة بناء مقر الاتحاد البرلماني العربي بالعاصمة دمشق.
- الرسالة الأهم جاءت على لسان مرزوق الغانم، رئيس مجلس النواب الكويتي، الذي دعا لاتخاذ موقف صارم اتجاه أي توجهات لتطبيع العلاقات مع العدو الصهيوني.
- رسالة مجلس الشعب السوري كانت ثابتة وعلى لسان رئيسه بالتأكيد على أن دمشق لن تعود للوراء ولن تحمل الأحقاد.
بشكل عام، يمكن القول إن هذا المؤتمر قد خلا من كل أشكال التوتر وقد حظي الوفد السوري بحفاوة الإستقبال من قبل الأردن المضيف الذي ضمن توافقاً عربياً على ضرورة دعوة سوريا وهو الأمر الذي عده البعض تحولاً جوهرياً عربياً في المزاج العام العربي تجاه سوريا واتجاه أسس الصراع في الإقليم العربي.
مصدر الصور: عربي اليوم.