حوار: سمر رضوان
لا تزال قضية تسميم العميل الروسي في بريطانيا، سيرغي سكريبال وابنته، تتفاعل بين موسكو ولندن شكَّل أبرزها الطرد المتبادل للدبلوماسيين، وإعلان بريطانيا عدم مشاركة فريقها في مونديال روسيا 2018، وقيام روسيا بإقفال مركز ثقافي بريطاني. عن هذه التطورات، تحدث مركز“سيتا” مع آندريه أونتيكوف، المحلل السياسي الروسي والمتخصص بشؤون الشرق الأوسط.
تجاهل بريطاني
الأزمة بين روسيا وبريطانيا حول محاولة اغتيال الجاسوس الروسي السابق، سيرغي سكريبال، هو أمر مؤسف جدا لأنه حتى الآن لم نسمع سوى الاتهامات، يترافق مع تضامن واسع من قبل بعض الدول الأوروبية والولايات المتحدة الأمريكية، حيث لم تقدم بريطانيا حتى الآن أي دليل أو برهان على مسؤولية روسيا بهذه الجريمة. في المقابل، تتجاهل لندن كل الطلبات الروسية للتعاون وترفض أي تعاون مع موسكو.
في هذا الخصوص، طلبت روسيا تقديم عينات للمواد السامة المستخدمة، في محاولة اغتيال سكريبال وابنته، والمشاركة في التحقيق، لأن ابنة سكريبال هي مواطنة روسية ولدى روسيا ال حق في التحقيق بكل الحوادث المتعلقة بالمواطنين الروس المتواجدين في الخارج، ولكن بريطانيا ترفض كل ذلك.
بالإضافة إلى ما سبق، طلبت موسكو من لندن استعمال البند التاسع من “معاهدة حظر الأسلحة الكيماوية”، ووفقاً لهذا البند يجب أن ترسل بريطانيا رسالة رسمية وخلال عشرة أيام على روسيا تقديم الجواب الرسمي على كل هذه الرسالة، ولكن بريطانيا رفضت كل ذلك وبدل من ذلك توجهت إلى منظمة حظر الأسلحة الكيماوية.
هنا أريد أن أشير أن هناك فرق بين “معاهدة حظر الأسلحة الكيماوية” و”منظمة حظر الأسلحة الكيماوية”، كما أريد الإشارة إلى التصريحات “البشعة” لوزير الدفاع البريطاني إذ قال: “يجب على روسيا أن تقفل فمها وتتجنب الخوض في هذه المسائل”، وهذا أمر غير مقبول. أكثر من ذلك، هناك معلومات في وسائل الإعلام المحلية حول إمكانية إجراء بريطانيا لعمليات الكترونية ضد روسيا، ودون شك، هذا أمر غير مقبول وعدوان واضح إن حصل.
المسألة أبعد من “عقوبات” القرم
دون شك بعد مسألة شبه جزيرة القرم العام 2014، مر الكثير من الزمن وشاهدنا العقوبات المتبادلة بين روسيا وأوروبا، وقد أدى ذلك إلى خسائر كبيرة جداً ليس فقط لروسيا بل أيضا خسائر اقتصادية ومالية كبيرة للدول الأوروبية. لقد خسر الأوروبيون عشرات المليارات، دولار ويورو، خلال هذه السنوات، كما فقد الكثير من الأشخاص عملهم. وحتى بعد فرض العقوبات، كانت هناك أصوات داخل أوروبا تنادي بضرورة رفع العقوبات كونها لا تصب في صالح الدول الأوروبية. ومع مرور الزمن، تضاعفت تلك الأصوات، غير أن ما تريده الولايات المتحدة، ودون أدنى شك، معاقبة روسيا عبر أوروبا من خلال تمسك الأخيرة بسياساتها العدوانية تجاه موسكو.
لذلك، نشاهد هذا التصعيد الجديد ما بين روسيا والحليف الاستراتيجي لدى أمريكا، بريطانيا، بالتزامن مع موقف روسيا الثابت في سوريا، في إشارة إلى عودتها من جديد إلى قلب الساحة الدولية وبالتالي تأتي هذه الخطوة ضمن محاولة جديدة لمعاقبتها على سياساتها المستقلة وذات السيادة. إن ما حصل في سوريا لم يحدث منذ زمن الاتحاد السوفياتي، حيث منعت روسيا الولايات المتحدة من تحقيق أهدافها، لا سيما في مسألة إسقاط النظام السوري الشرعي من قبل التنظيمات المسلحة والقوى المتطرفة، أو حتى توجيه الضربات العسكرية، الأمريكية أو لحلف “الناتو”، بالشكل الذي حدث في ليبيا سابقاً.
مصدر الصور: روسيا اليوم – مصر 24.