إعداد: يارا انبيعة
بعد ختام زيارة عمل لروسيا استغرقت يومين التقى خلالها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، غادر أمير قطر تميم بن حمد آل ثاني، في 26 مارس/آذار 2018، وتعد هذه أول زيارة لموسكو منذ اندلاع الأزمة الخليجية، يونيو/حزيران 2017، حيث رافقه وفد كبير ضم نخبة من الوزراء والمسؤولين. وبالرغم من الترويج القطري للزيارة، إلا أنها لم تسفر عن توقيع أية اتفاقيات مهمة مع روسيا أو الحصول على دعمها في أي من الملفات، خاصة أزمة مقاطعتها من قبل الدول العربية.
وكان المتحدث الرسمي بإسم الرئاسة الروسية، ديميتري بيسكوف، قد قال أن بلاده وقطر ستوقعان عدداً من الاتفاقيات الثنائية خلال زيارة الأمير لكن الأخير غادر بدون أن يتم الإعلان عن إتمام أي اتفاقات؛ منها، صفقة صواريخ “إس 400” كانت الدوحة قد طلبتها من قبل.
العلاقات الثنائية
خلال الجلسة، أشاد الرئيس بوتين بمستوى العلاقات الثنائية ونمو التبادل التجاري بين البلدين، وقال “لقد اجتمعنا قبل عامين، لكن العلاقات بين بلدينا في تطور مستمر، كما أننا على اتصال دائم، وتصادف هذا العام الذكرى الـ 30 لإطلاق العلاقات الدبلوماسية بين بلدينا”، وأضاف “شهد التبادل التجاري نمواً العام الماضي (2017)، لكنه لا يتماشى بعد مع إمكانات البلدين، لكن التعاون الاستثماري يتطور.”
بدوره، أعرب أمير قطر عن تعازيه للرئيس الروسي بسقوط ضحايا جراء الحريق في مدينة “كيميروفو” الروسية، كما أكد على ضرورة أن تتقدم روسيا وقطر في طريق تعزيز علاقاتهما بما يناسب طموحاتهما، وذكر أن الدوحة تعول على أصدقائها في روسيا، مشيراً إلى أن موسكو تلعب دوراً ملحوظاً في شؤون المنطقة العربية وتساعد بعض دولها في معالجة مشكلاتها.
وجاء في البيان المشترك أن زعيمي البلدين بحثاً آفاق تعزيز التعاون الثنائي في مختلف المجالات والبنود الملحة من الأجندة الدولية، بما فيها الوضع في سوريا، كما ذكر أنه في أعقاب اللقاء وقعت شركة “روس نفط” الروسية و”صندوق قطر السيادي” على اتفاقية تعاون في مجال العلوم والتعليم، وتمت مراسم توقيع الوثيقة بحضور الرئيس الروسي وأمير قطر.
مطار فنوكوفو
على هامش الزيارة، تم توقيع تفاهم بشأن صفقة لشراء حصة 25% في مطار “فنوكوفو” القريب من العاصمة الروسية، حيث توقع الرئيس التنفيذي للخطوط الجوية القطرية، أكبر الباكر إتمام الصفقة خلال 8 أسابيع بعد الاتفاق حول كامل التفاصيل. ويعتبر المطار هو ثالث أكبر المطارات الروسية ويخدم نحو 18 مليون راكب، بحسب تقديرات العام 2017، وتستخدمه الحكومة في الرحلات الرسمية.
ما يجب ذكره هنا ان رجل الأعمال الروسي، فيتالي فانتسيف وشركاء آخرين، يمتلك حوالي 74.9% من المطار، حيث لم يصرح الباكر ما إذا كان سيشتري النسبة المعلنة من فانتسيف كون الحكومة الروسية قد سبق وأكدت أنها لا تخطط لبيع أي جزء من حصتها البالغة 25%.
إلى ذلك، قال سفير قطر في روسيا، فهد بن محمد العطية، إن بلاده اقترحت أن تشارك شركات روسية في مناقصات لمزيد من التطوير في حقول غاز خلال 2019-2020، مضيفاً “ربما تحاول الشركات الروسية، مثل غيرها، الفوز بالمناقصة التي سيتم الإعلان عنها.”
موسكو لا تحتاج لدول صغيرة
كشف الحساب الرسمي للمعارضة القطرية “كواليس” الإحراج الروسي لقطر، مشيراً إلى أن الحكام يبحثون عن أي دور يلعبوه في ظل المقاطعة العربية للنظام الداعم الأول للإرهاب بالمنطقة. وفي سبيل الوصول لمنصة الظهور والتأثير، اعتمدت الدوحة خلال السنوات الماضية سياسة دعم كل القوى المعارضة خاصة المسلحة منها فضلاً عن دعمها للنظم الحاكمة بما يسمح لها بالوجود وإحداث تأثير في المشهد الدولي، وهو ما ظهر في التدخل القطري بسوريا حيث دعمت معظم الجماعات المسلحة على مدار سبع سنوات وفي نفس الوقت وقعت اتفاقيات مع النظام وتحالفات مع حليفه الإيراني والروسي، بحسب موقع المعارضة.
كما كشف الحساب عن عرض الأمير تميم للرئيس الروسي بشأن الوساطة لحل الأزمة الدبلوماسية بين روسيا وبريطانيا مقابل أن تقف روسيا إلى جانب قطر في حال زاد الضغط الأمريكي عليها جراء توتر العلاقات بين قطر والولايات المتحدة بالفترة الأخيرة حيث رفض الرئيس بوتين، بحسب المصدر، العرض موجهاً له رسالة غير مباشرة جاء مضمونها أن موسكو لا تحتاج لوساطات دول صغيرة.
قطر لديها بدائل
يصف الأكاديمي والإعلامي القطري، الدكتور علي الهيل، الزيارة بأنها تأتي على أثر التغيير الذي حصل داخل واشنطن بتعيين مايك بومبيو، وزيراً جديداً للخارجية والمحسوب على الإمارات والسعودية، وإقالة ريكس تيلرسون الذي كان حيادياً لجهة نظرته للأزمة الخليجية بشكل منصف، يختلف عما ينظر إليه بومبيو. إلى ذلك، أرادت قطر بعث رسالة للولايات المتحدة ودول الحصار الأربع مفادها بأن لديها بدائل، كروسيا والصين، وتستطيع أن تلعب بهاتين الورقتين، لكن هذا لا يعني بالضرورة التخلي عن التحالف الاستراتيجي التقليدي مع الولايات المتحدة أسوة بكل دول الخليج العربي.
ويتابع الدكتور الهيل قائلاً “روسيا أصبحت رقماً صعباً في المعادلة الدولية، وتريد قطر أن يكون لروسيا دوراً موازعلى الأقل للدور الأميركي، في منطقة الخليج العربي، حتى لا تنفرد الولايات المتحدة بالتحكم بمشهد الأزمة الخليجية، فوجود روسيا كدولة كبيرى بموازة الولايات المتحدة سيكون عاملاً إيجابياً لصالح حل الأزمة الخليجية، لأنه تبين لدولة قطر أن الولايات المتحدة تريد إبقاء الأزمة مفتوحة لأسباب تتعلق بالابتزاز عن طريق بيع الأسلحة لمختلف الأطراف.”
برقية شكر
بعد انتهاء الزيارة، بعث أمير قطر تميم بن حمد آل ثاني برقية إلى الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، ضمنها شكره وتقديره لفخامته والشعب الروسي على حفاوة الاستقبال التي قوبل بها خلال الزيارة والوفد المرافق، كما أعرب الأمير تميم عن سعادته بلقاء الرئيس بوتين، والمباحثات التي عقداها، مما أتاح لهما تبادل وجهات النظر حول مختلف القضايا الإقليمية والدولية التي تعزز علاقات الشراكة الاستراتيجية بين البلدين والشعبين الصديقين، معرباً عن تمنياته له بموفور الصحة والسعادة ولشعب روسيا الاتحادية الصديق بالمزيد من التقدم والازدهار.
مصدر الأخبار: وكالات
مصدر الصور: كونا – الديوان الأميري القطري.