إعداد: يارا انبيعة
منذ تسع سنوات، جرت اوّل انتخابات برلمانية في لبنان، رسمت من خلالها خريطة جديدة للتحالفات داخل البرلمان اللبناني الجديد.
الانتخابات البرلمانية، التي جرت للمرّة الأولى باعتماد صيغة معدّلة للنظام النسبي، من خلال ما يسمّى الصوت التفضيلي، والتقسيم الطائفي للمقاعد الانتخابية، جاءت نتائجها بعكس ما أراد عرّابو القانون الانتخابي الجديد، لا سيما تيار المستقبل الذي يتزعمه رئيس الوزراء سعد الحريري والتيار الوطني الحر المسيحي، والذي يتزعمه وزير الخارجية جبران باسيل.
في المقابل، أظهرت عمليات فرز الانتخابات اللبنانية، فوزا ساحقا للثنائي الشيعي أمل وحزب الله، وتقدما لتيار المردة والقوات اللبنانية.
نتائج الأنتخابات
أظهرت نتائج الإنتخابات فوز لوائح حركة ” أمل” و”حزب الله” وحلفائهما في معظم الدوائر الإنتخابية، فيما سجلت بعض المفاجآت في عدد من الدوائر، كان أبرزها تراجع حضور تيار المستقبل في الشمال، في الوقت الذي عززت فيه القوات اللبنانية حضورها في البرلمان الجديد.
كما أظهرت فوز لوائح حزب الله وحركة أمل وحلفائهما في دوائر الجنوب الثلاثة، وكذلك في بيروت الثانية، وجبل لبنان الثالثة، وفي دوائر البقاع الثلاثة، مع تسجيل خرق للقوات اللبنانية، وتيار المستقبل بمقعد لكل منهما في دائرة بعلبك – الهرمل.
اللافت أيضاً في تلك النتائج تراجع حضور تيار المستقبل في الدائرة الثانية ببيروت، كذلك تراجع حجم كتلته في البقاع الغربي، أما أبرز النتائج غير المتوقعة فكانت في دائرة الشمال الثانية والتي تضم طرابلس والمنية والضنية حيث حصد رئيس الحكومة السابق نجيب ميقاتي 4 مقاعد، والوزير السابق فيصل كرامي مقعدين، مقابل 5 مقاعد لتيار المستقبل، وأيضاً عدم فوز وزير العدل السابق أشرف ريفي بأي مقعد نيابي.
وفي الشمال أيضاً، عزز تيار المردة برئاسة الوزير السابق سليمان فرنجية حضوره وحصد مع حلفائه 4 مقاعد.
التيار الوطني الحر عزز تراجع حضوره البرلماني أيضاً، رغم فوز مرشحيه في العديد من الدوائر الإنتخابية، ومن أبرزهم رئيسه الوزير جبران باسيل في دائرة الشمال الثالثة، وكذلك الوزير سيزار أبي خليل، والوزير السابق ماريو عون في دائرة الجبل الرابعة، عدا عن فوز معظم مرشحيه في دوائر كسروان وجبيل والمتن وجزين وغيرها، أما الحزب التقدمي الاشتراكي برئاسة النائب وليد جنبلاط فحافظ على كتلته النيابية بعد فوز معظم مرشحيه في مختلف الدوائر.
وتراجعت كتلة حزب الكتائب بعد خسارة معظم مرشحيه باستثناء 3 منهم بينهم رئيس الحزب النائب سامي الجميل، أما المفاجآة فكانت فوز لائحة المجتمع المدني بمقعدين في دائرة بيروت الأولى.
فيما ستتبدّى مفاعيل هذه الانتخابات والقانون النسبي الهجين الذي جرت على أساسه، خلال الأسبوعين المقبلين، الفاصلَين عن نهاية ولاية المجلس النيابي الحالي في 20 مايو/ أيار 2018، حيث سيكون المجلس الجديد في هذا التاريخ على موعد مع انتخاب رئيسه والذي بات شبه محسوم تمتع نبيه برّي بأوفر حظ للعودة على حصان أبيض إلى منصب رئيس البرلمان الذي يشغله منذ العام 1992.
ثمّ تأتي بعد ذلك المعركة المرتقبة حول “نائب رئيس” البرلمان، ثمّ انتخاب المطبخ التشريعي المتمثّل باللجان النيابية، مع انتخاب سائر أعضاء هيئة المجلس، ومع بدء ولاية المجلس النيابي الجديد، وبعد اكتمال هيئة مكتبه تدخل حكومة سعد الحريري في مرحلة تصريف الأعمال.
انتصار كبير وضامن
اعتبر الأمين العام لحزب الله، سماحة السيد حسن نصر الله، أن نتائج الانتخابات النيابية التي حققها حزبه مع القوى الحليفة والصديقة، تشكل انتصاراً كبيراً وضمانة لخيار المقاومة في لبنان، وقال نصر الله خلال خطاب متلفز مستبقاً صدور النتائج الرسمية المتوقعة، إن النتائج بمثابة انتصار سياسي ومعنوي كبير لخيار المقاومة الذي يحمي سيادة البلد.
وأوضح نصر الله أن حزبه خاض الانتخابات بهدف تحقيق الحماية السياسية للمقاومة والحماية السياسية لمعادلة الجيش والشعب والمقاومة، وهذا يتطلب حضوراً كبيراً في مجلس النواب والحكومة وفي مؤسسات الدولة، مضيفاً: نعتبر أن الهدف تحقق وأُنجز، وتابع: يوجد الآن كما كان في السابق، ولكن في شكل أفضل قوة، حضور نيابي كبير ووازن وحقيقي لقوى المقاومة وحلفائها واصدقائها.
وجزم نصر الله ، بأن تركيب المجلس النيابي الجديد يشكل ضمانة وقوة كبيرة لحماية هذا الخيار (المقاومة) الاستراتيجي ولحماية المعادلة الذهبية، الجيش والشعب والمقاومة، كما شدد نصر الله على وجود حقيقة وطنية في لبنان لا يمكن لأحد أن يتجاهلها وهي أن الجميع في حاجة إلى الجميع، مشيراً إلى أنه إذا كنا نريد البلد وأمنه واستقراره ونريد أن نعالج مشاكلنا الاقتصادية والمعيشية، على الناس أن تتعاون مع بعضها البعض وأن تقوم بربط النزاع.
الحريري.. تراجع كبير
من جهته، أقر رئيس الحكومة اللبنانية سعد الحريري، بخسارة ثلث المقاعد التي يسيطر عليها تياره السياسي في البرلمان المنتهية ولايته، غداة الانتخابات، وأعلن الحريري فوز تيار المستقبل الذي يترأسه بـ21 مقعداً في البرلمان اللبناني، في تراجع كبير مقارنة بحجمه في المجلس النيابي المنتهية ولايته حيث كان ممثلاً بـ33 نائباً.
وقال الحريري في مؤتمر صحافي في دارته في وسط بيروت إن نتائج الانتخابات تعطي تياره كتلة كبيرة من 21 نائباً في البرلمان، لكنه أضاف: كنا نراهن على نتيجة أفضل وعلى كتلة أوسع فيها مشاركة مسيحية وشيعية أفضل.
وكانت الكتلة السابقة لتيار الزعيم السني تضم أعضاء من طوائف أخرى، الأمر الذي زال تقريباً اليوم، بالإضافة إلى خسارته مقاعد سنية أيضاً، لا سيما في منطقتين كانتا تعتبران معاقل له مثل طرابلس في الشمال وبيروت حيث يترشح هو.
وبرر الحريري خسارته لعدد من المقاعد بطبيعة قانون الانتخاب النسبي، لكنه أكد أنه سعيد بالنتيجة، وأن تياره سيبقى يجسد الاعتدال، وشدد الحريري الذي بدا مرتاحاً وأطلق العديد من الدعابات خلال اجاباته على أسئلة الصحافيين، على أن البلد لا يتحمل خلافات سياسية، لا مالياً ولا اقتصادياً ولا تجارياً والمواطن اللبناني تعب.
وعما إذا كان سيتمكن من تشكيل حكومة جديدة، وهو ما يتطلب أن ينال تأييد غالبية الكتل السياسية الكبرى في البلد وأبرزها حزب الله، أجاب الحريري: إذا أردت تشكيل حكومة، يجب أن تكون الشروط لمصلحة البلد، وفي الأساس لا أحد يستطيع أن يفرض علي شروط. وإذا لم يعجبني ذلك أمشي.
وأضاف، أن أجندتنا السياسية هي برنامج اقتصادي للمواطن اللبناني، ليس لسعد الحريري أو حزب الله، مشيراً إلى أنه عندما يكون هناك توافق سياسي على العناوين الكبرى في إمكاننا أن نفعل كل شيء.
بعض الثغرات
وبدوره قال وزير الداخلية اللبناني، نهاد المشنوق، إن عملية الانتخاب كانت بطيئة جدا، نتيجة لاعتماد قانون الانتخاب الجديد القائم على النظام النسبي، الذي وصفه بالقول هذا قانون جديد والناخبون لم يعتادوا عليه ورؤساء المراكز لم يعتادوا عليه، كما اعتبر أن لبنان دخل مرحلة سياسية جديدة، بانتهاء الانتخابات البرلمانية الأولى منذ 9 سنوات، وأقر المشنوق بأن الانتخابات تخللتها بعض الثغرات، على حد تعبيره.
سيدات المجلس
أتت الانتخابات البرلمانية اللبنانية بوجوه نسائية جديدة إلى البرلمان وإن كان عدد الفائزات بلغ 6 فقط في زيادة مقعدين عن مجلس العام 2009، فللمرة الأولى في لبنان، تنافست 86 امرأة من أصل 597 مرشحاً للانتخابات، وشكلت النساء 50,8 % من إجمالي الناخبين المسجلين، في هذا الإطار.
بولا يعقوبيان
استقالت من وظيفتها مؤخراً لتعلن ترشحها للانتخابات النيابية ضمن تحالف “كلنا وطني” الذي يجمع 66 مرشحاً عن المجتمع المدني، وتقدم يعقوبيان نفسها كمستقلة، وصرحت خلال حملتها الانتخابية، هذا هو التغيير الحقيقي، هذه هي المعارضة الحقيقية.
رولا طبش
تدخل رولا طبش إلى البرلمان أيضاً للمرة الأولى، وهي التى ترشحت فى بيروت على لائحة الحريري، الذي تعرض لخسارة كبيرة فى الانتخابات الحالية، وتعهدت طبش بمناصرة حقوق المرأة في البرلمان، من ضمنها حق حصول الطفل على جنسية امه اللبنانية، وطبش ويعقوبيان الفائزتان الوحيدتان عن بيروت بين النساء الست.
بهية الحريري
حافظت بهية الحريري على مقعدها في البرلمان للمرة الرابعة عن مدينة صيدا في جنوب لبنان، وقد شغلت في وقت سابق منصب وزيرة تربية كما منحها الرئيس الفرنسي جاك شيراك في العام 2003 وسام الشرف.
ستريدا جعجع
حافظت ستريدا جعجع على مقعدها في البرلمان الذي دخلته المرة الأولى في العام 2005، وهى متزوجة من رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع، وينظر إلى جعجع، على أنها متشددة في مواقفها، كما يتهمها البعض بالعداء للاسلام.
عناية عز الدين
تشغل عناية عز الدين منصب وزيرة دولة لشئون التنمية الإدارية في الحكومة الحالية، ولكنها المرة الأولى التي تدخل فيها إلى البرلمان، كما ستكون النائبة الأولى المتحدرة من منطقة صور فى جنوب البلاد.
وتنتمي عز الدين، المختصة فيالطب المخبري، إلى حركة أمل بزعامة رئيس مجلس النواب نبيه بري، وهي المرأة الأولى التى يرشحها هذا الحزب عنه للانتخابات التشريعية.
ديما جمالي
دخلت ديما جمالي، أستاذة في كلية إدارة الأعمال بالجامعة الأمريكية في بيروت البرلمان للمرة الأولى كمرشحة عن تيار المستقبل فى مدينة طرابلس فى شمال لبنان، وقالت جمالي في شريط فيديو خلال حملتها الانتخابية لدينا فرصة تاريخية لانتخاب وجوه جديدة إلى طرابلس.
لبنان يحتاج الكثير
قال رئيس الوزراء اللبناني الأسبق تمام سلام، إن كلمة اللبنانيين في صناديق الاقتراع أنتجت برلمانا متنوعا، معربا عن أمله أن ينعكس هذا التنوع على حيوية عمل المجلس النيابي الجديد الذس تنتظره مهمات كبيرة على مستوى التشريع والرقابة.
وأشار سلام – في بيان له، إلى أن لبنان يحتاج الكثير، وأن اللبنانيين يعلقون الكثير من الآمال على مجلسهم المقبل وعلى الحكومة التى ستفرزها الخريطة السياسية الجديدة، مشددا على ضرورة أن تكون المرحلة المقبلة ورشة عمل وطنية يشارك فيها الجميع، لمعالجة الملفات الحيوية كافة، بدءا من الملفات الخدماتية فى جميع المناطق.
إيران تُشيد
أشاد مسؤول ايراني كبير بانتصار حزب الله وحلفائه في الانتخابات النيابية في لبنان التي حققت نتائج خلافا لمزاعم الصهاينة ومؤامرات السعودية.
وصرح علي أكبر ولايتي، مستشار المرشد الاعلى للجمهورية الاسلامية علي خامنئي، إن هذا الانتصار وتصويت الشعب اللبناني للائحة المقاومة، ناتج عن تأثير السياسات اللبنانية الراهنة في الحفاظ على استقلال ودعم سوريا امام الارهابيين، وقال ولايتي إن الانتخابات اللبنانية حققت نتائج خلافا لمزاعم الصهاينة ومؤامرات السعودية، مضيفا ان الفوز في الانتخابات جاء استكمالا للانتصارات العسكرية اللبنانية بقيادة حزب الله في مواجهة الكيان الصهيوني.
مصدر الأخبار: وكالات
مصدر الصور: موقع المردة