إعداد: مركز سيتا
يدخل الكاكاو بنحو 75% من إنتاجه في التجارة الدولية، وتساهم الدول الأفريقية، مثل ساحل العاج وغانا ونيجيريا، بنحو ثلثي الصادرات، وتأتي بعدها أمريكا اللاتينية بنحو الثلث، حيث يعد الكاكاو من بين مصادر الدخل القومي لتلك الدول.
وتتجه معظم صادرات مادة الكاكاو إلى كل من ألمانيا والولايات المتحدة حيث تستوردان معاً نحو 25% من صادراته، ثم المملكة المتحدة وإسرائيل وفرنسا وهولندا وسويسرا، حيث تستورد الدول الأوربية نحو 50% من الإنتاج العالمي للكاكاو.
لقد شهدت هذه التجارة اضطراباً عنيفاً خلال الستينيات مما أدى إلى تكوين اتحاد يضم منتجي الكاكاو، وعقدت اتفاقية دولية بين الدول المنتجة والمستهلكة في محاولة للسيطرة على الأسعار، خاصة وأن الكاكاو من المحاصيل الحساسة المعرضة للتذبذب ولا يمكن التحكم في إنتاجها بسهولة مثل المحاصيل الأخرى.
تاريخ قديم
تم اكتشاف شجرة الكاكاو من قبل شعوب المايا والآزتيك في أمريكا الشمالية والوسطى، قبل ألفي عام، حيث كانت تقوم بعصر بذوه وطحنها لإنتاج شراب الكاكاو. ولقد أوضحت الرسومات التاريخية في حضارة المايا تعلق أهلها بشجرة الكاكاو وهي إحدى الدلائل على أنهم أول من اكتشف هذه الشجرة. ولعب الكاكاو دوراً بارزاً في حياة المايا، إذ كان علية القوم يدفنون موتاهم ويضعون في قبورهم آنية أحشاء الكاكاو لإعتقادهم بأن هذا المشروب يشيع في نفوسهم البهجة في العالم الآخر.
وأما الموطن الأصلي لشجرة الكاكاو فهو الغابات الإستوائية الممطرة بأمريكا اللاتينية في منطقة الأمازون بأمريكا الجنوبية، لا سيما في فنزويلا وكولومبيا والبرازيل وجنوب المكسيك. وحتى بداية القرن السادس عشر، لم تكن هناك تقارير عن زراعة الكاكاو في أية دولة أخرى فيما عدا الدول اللاتينية.
إكشتف الرحالة الأسباني الشهير، كريستوفر كولومبوس، الكاكاو وحمل معه بذوراً بلاده، ثم أدخلت زراعته إلى إفريقيا، بالتحديد نيجيريا وغانا، العام 1874 حيث تعد غانا اليوم البلد الرئيسي لإنتاجه، كما انتشرت زراعته في سيراليون وتوغو وجمهورية بنين وأقطار أخرى من غربي إفريقيا، منذ بداية القرن العشرين. هذا وتسهم أفريقيا بأكثر من 60% من الإنتاج العالمي له.
تفوق عالمي
توفر ساحل العاج 30% من إجمالي الكاكاو في العالم، حيث تنتج محصولاً يقدر بحوالي 1.45 مليون طن متري في العام، حيث تقوم بعض الشركات العالمية المشهورة، مثل نستلة وكادبوري، بإستيراد كميات كبيرة منها، حيث يعد الكاكاو وحده مسؤولاً عما يقرب من ثلثي عائدات التجارة القادمة إلى البلاد.
أما غانا، فيمثل إنتاج الكاكاو أقل بقليل من سدس الناتج المحلي الإجمالي للبلاد، حيث اعتاد بعض مزارعي الكاكاو فيها على تهريبه إلى ساحل العاج كونه يباع بمبلغ أعلى بنسبة 50%. هذا يبلغ إجمالي إنتاجها السنوي التقديري بحوالي 835 ألف طن متري.
تعد أندونيسيا ثالث أكبر منتج في العالم لحبوب الكاكاو، حيث يقدر محصولها بحوالي777.5 ألف طن متري في العام. وفي نيجيريا، أدى ارتفاع الأسعار العالمية والطلب وتوفر التكنولوجيا الزراعية المتطورة إلى نمو كبير في إنتاج الكاكاو فيها حيث تنتج حوالي 400 ألف طن متري سنوياً. أما الكاميرون، فهي تعد أيضاً واحدة من أكبر المنتجين حيث تنتج ما يقدر بـ 275 ألف طن متري في العام.
من خلال ما سبق، يبدو واضحاً بأن القارة السمراء تنتج أكبر كمية من الكاكاو في العالم، متفوقة بذلك على القارات الأخرى.
الإنتاج اللاتيني
قبل ظهور منطقة غرب أفريقيا، كانت بلدان أمريكا اللاتينية تحتكر تجارته عالمياً، لكن نتيجة للإنخفاض السريع في إنتاجه، تنتج المنطقة الآن حوالي 20% من الإنتاج العالمي منه. يأتي الجزء الأكبر للإنتاج من البرازيل، التي تعد أكبر منتج للكاكاو في أمريكا الجنوبية، حيث تعتبر منطقة باهيا، الواقعة في شمال شرق البرازيل، المنطقة الأكثر أهمية لكونها تنتج ما يقرب من ثلاثة أرباع إنتاج البلاد.
بجانب البرازيل، تعتبر الإكوادور منتجاً مهماً حيث كانت مصدراً بارزاً للكاكاو في السوق الدولية. تتركز معظم مناطق الزراعة فيها ضمن مرتفعات غواياكيل، التي توفر الظروف المناخية المثلى.
بإستثناء البرازيل والإكوادور، فإن بقية بلدان أمريكا الجنوبية غير ذات أهمية في إنتاج الكاكاو إذ توجد بعض المزارع الصغيرة، في بيرو وفنزويلا وكولومبيا وجزر ترينيداد وتوباغو، لكنها تعد ثانوية.
من خلال ما سبق، تعتبر زراعة الكاكاو في بلدان أمريكا اللاتينية ذات أهمية محلية كونها لا تمثل سوى نسبة صغيرة من الإنتاج العالمي، ويأتي الجزء الأكبر من الإنتاج من مزارع الحيازات الصغيرة على الرغم من أن بعض المزارع الكبيرة أو العقارات لا تزال مملوكة للأوروبيين.
العقبات
تأثرت حركة التجارة البحرية بسبب جائحة “كورونا” على مستوى العالم، فيما توقفت صادرات الكاكاو بسبب تراجع الطلب. فمنذ أبريل/ نيسان 2020، لم تبحر أية سفينة محملة بالمنتج، والأمر ذاته في ميناء سان بيدرو الذي يعد الميناء الأول عالمياً لتصدير الكاكاو، حيث تكتظ محال ومراكز التخزين في ميناءي ساحل العاجل بأكياس الكاكاو المكدسة في انتظار من يشتريها. في هذا الشأن، يقول عامل رصيف في ميناء أبيدجان، لصحيفة “لوموند” الفرنسية، إن غالبية الطلبيات قد ألغيت أو تم تأجيلها إلى وقت غير معلوم.
من هنا، لا تزال زراعة الكاكاو تقاوم الوباء في ساحل العاج، فآخر موسم بدأ في أكتوبر/تشرين الأول 2019 وانتهى نهاية مارس/آذار 2020 أي قبل بدء تفشي “كورونا”. ووفق المدير العام لصندوق الإستثمار، بولسار بارتنرز، أن ما حمى موسم الكاكاو من الأزمة قصيرة المدى هو أن المعاملات انتهت وتم دفع كل التكاليف لعناصر السلسلة، لكن المشكلة اليوم في نظام البيع على المدى البعيد، وهو الذي يحكم قطاع إنتاج الكاكاو ويحمي الفاعلين فيه من المزارعين إلى المصدرين.
ويضيف أن ما يحصل الآن هو تأجيل للأزمة لأن عقود بيع المواسم المقبلة تتم في هذه الفترة في زمن الوباء، لذلك هناك مخاوف كبيرة وقلق لدى المنتجين من استمرار الأزمة ليس فقط لأشهر، وإنما لسنوات.
ومن جهته، قال مدير المنظمة الدولية للكاكاو، ميشال أريون، أن “أزمة فيروس كورونا لن يكون لها تأثير كبير على سوق الكاكاو على الأمد القصير، لأن الدول المستوردة الكبرى (كالولايات المتحدة والإتحاد الأوروبي) تملك مخزوناً يبلغ حجمه 1.8 مليون طن، أي ما يكفي لـ 4 أو 5 أشهر.”
في المقابل، يؤكد موسى كوني، رئيس النقابة الوطنية الزراعية للتقدم في ساحل العاج، أن “هناك قلق حقيقي لدى المزارعين من انخفاض الأسعار على الأمد الطويل.”
أخيراً، يمثل الكاكاو عنصراً هاماً من التجارة للعديد من البلدان المنتجة حول العالم، خصوصاً وأنه يرتبط مباشرة بالحاجيات الأساسية للحياة، لا سيما قطاعات الحلوى والسكاكر، ولذلك هو، كغيره من المنتجات العالمية، يدخل ضمن صنوف المواد التي تتأثر بالتقلبات العالمية لكونه يمثل جزءاً مهماً من بورصة المواد الغذائية في العالم.
مصدر الأخبار: سيتا + وكالات.
مصدر الصور: africao.ch – رويترز.