حوار: سمر رضوان

بعد الزيارات الغربية المتتالية إلى لبنان، وآخرها زيارة المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، وتمحور اللقاءات حول مسألة اللاجئين، ومع تزايد القلق اللبناني من مسألة توطين اللاجئين السوريين تمهيداً لتوطين اللاجئين الفلسطينيين، ضمن ما بات يُعرف بـ “صفقة القرن”، سأل مركز “سيتا” الدكتور طلال عتريسي، الأكاديمي اللبناني والباحث في الشؤون الإقليمية، عن أبعاد هذه الزيارات وقضية اللاجئين بالعموم وتداعياتها على لبنان والمنطقة.

وعود وتهديدات

بالنسبة إلى موضوع إرسال لاجئين من أوروبا إلى لبنان، فهو غير صحيح، لكن الخوف من أن يرسل لبنان المزيد من النازحين إلى أوروبا، فالحالة عكسية. لهذا، يبذل الأوروبيون كل الجهود حتى يبقى النازحون في لبنان، فهم يعدون اللبنانيين بالأموال تارة، وبالضغط السياسي والتهديد تارة أخرى، والمعلومات التي لدي تقول أن الأوروبيين حين يأتون إلى لبنان، ليس من الآن بل من سنوات، يطلبون من المسؤولين اللبنانيين أن يضعوا الخطط بشأن كيفية التعامل مع النازحين لمدة “عشر سنوات”.

ولجهة منعهم من العودة إلى بلادهم، فهذا الموضوع يأتي في سياق “ورقة الضغط” التي يجب أن تبقى في أيديهم على كل من لبنان والأطراف المؤيدة للنظام السوري، فهم لا يريدون اعتبار أن الوضع في سوريا أصبح طبيعياً أو حتى الاعتراف بذلك.

إن بقاء النازحين غير مفصول في لبنان حتى عن موضوع الضغط على المقاومة، لأن المحور الذي يضم السعودية، غير مستعجل على عودة النازحين، إذ تضغط الرياض على رئيس الحكومة المكلف، سعد الحريري، كي لا يستعجل عودتهم، والدليل هو عندما اتخذ وزير الخارجية، جبران باسيل، قراراً بعدم تجديد إقامات العمل الممنوحة لأفراد بعثة المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، لم يقبل الرئيس الحريري بذلك وأعلن عن موقف معاكس له. وبالتالي، إن المحور الأمريكي – السعودي يريد أن تبقي على ورقة النازحين بيده، وهذا المحور يقرر متى يعودوا أو لا يعودوا.

في المقابل، يعتبر ملف النازحين ورقة ضعيفة بيد الحريري وحلفائه إذ لن يستطيعوا “القتال” بها او خلالها ولا حتى الدفاع عنها، إذ ذكر بالأمس السيد حسن نصر الله، أمين عام حزب الله، أن من يرغب من السوريين بالعودة ستؤمن عودته من خلال مبادرة غير إلزامية، بل مبادرة طوعية كما تريد الأمم المتحدة.

أما من الناحية الاقتصادية، إن تبعية رئيس الحكومة للمحور الخليجي، وهي مشكلة رئيسية، تمنعه من التواصل مع سوريا، حيث تكمن “مصلحته المباشرة”، من خلال إرسال شركات والتنسيق للعمل بإعادة الإعمار. الا أنه “لا يجرؤ” على اتخاذ هذا القرار الذي يصب في مصلحة لبنان عموماً خصوصاً وأنه يعاني أزمة اقتصادية وسوريا تحتاج لعمل لا يقل عن عشر سنوات في إعادة الإعمار بعشرات المليارات على الأقل.

“إشارات” فرنسية – خليجية

بالنسبة إلى تعيين سفير إيران مبعوثاً خاصاً للرئيس الفرنسي في سوريا، يُعتبَر هذا الأمر مؤشراً على تغير حاصل في السياسة الأوروبية خصوصاً أن الرئيس السوري، بشار الأسد، سبق أن أعلن “لن نبقى نتعامل مع المجتمع الغربي بشكل سري وعلى المستوى الأمني فقط، بل نريد تعاوناً علنياً وسياسياً.” إن هذه الخطوة جديدة من الجانب الفرنسي، وربما يتمحور هدفها في مجال التعاون من أجل “مكافحة المجموعات الإرهابية ضمن أوروبا” وغير ذلك، خصوصاً وأن هناك “انزعاج” فرنسي من سياسة الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، وإلى جانب ذلك هناك معلومات عن فتح سفارة خليجية ما في سوريا. فبحسب المعلومات، أن وفداً إيرانياً زار الدوحة، والمرجح أن تكون سفارة قطر هي المقصودة. في هذا السياق، لا أملك معلومات كافية عن الموضوع لكنه أمر محتمل الوقوع كثيراً في ظل استمرار الأزمة القطرية – السعودية، حيث لا يلوح في الافق أية بوادر للحل بينهما، خصوصاً وان العلاقات الإيرانية – القطرية مفتوحة حالياً.

لبنان و”صفقة القرن”

إن مشروع توطين اللاجئين خطير وجدِّي لا سيما وأنه يتقابل مع مشروع عدم عودة اللاجئين، وبالتالي “صيد عصفورين بحجر واحد”. فمنع عودة اللاجئين الفلسطينيين سيؤمن لإسرائيل راحة قصوى، وتوطينهم في لبنان، سيحدث “خللاً” ديموغرافياً كبيراً.

في حال ما إذ تم البدء بأية خطوات جدية في هذا الشأن، ستضرب لبنان موجة رفض “شرسة”، في ظل عهد الرئيس اللبناني العماد ميشيل عون بالتحديد، خصوصاً من المكون المسيحي يعتبر التوطين تهديداً مباشراً له ولوجوده.

يبدو من الصعب جداً أن يقبل لبنان بذلك، واعتقد أنه سيتعرض لضغوط وإغراءات مالية، سيما وأن هناك حديث عن مبلغ 2500 مليار خصصت لتنفيذ “صفقة القرن”، سيدفع منها للدول التي تقبل بالتوطين. من هنا، إنني أرى أن هذا الأمر ليس بتلك السهولة، فتحقيقه يحتاج إلى سنوات، وليس بالضرورة أن يتحقق. إن خطورة هذا المشروع واضحة وليست خافية على أحد في لبنان لا سيما من حيث ديموغرافيته، التي تختلف عن الديموغرافية السورية، بحيث أن التوطين فيها لن يحدث أي تغيير ديموغرافي، بعكس الوضع في كل من لبنان والأردن.

مصدر الصور: وكالة مهر – موقع 24 الإخباري.