إعداد: يارا انبيعة
في تحقيق لحلمٍ راوده منذ مدة طويلة وفي ظل نظام رئاسي جديد يمنحه صلاحيات واسعة، أدى الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، اليمين الدستورية تحت قبة البرلمان كأول رئيس للنظام الرئاسي، لتودع البلاد النظام البرلماني وتبدأ ولاية رئاسية لمدة خمس سنوات تمكنه من صلاحيات “شبه مطلقة” ضمن أكبر تعديل لنظام الحكم المعمول به منذ تأسيس الجمهورية التركية الحديثة على أنقاض الإمبراطورية العثمانية قبل قرن من الزمن تقريباً.
صلاحيات واسعة
يعطي النظام الرئاسي الجديد الرئيس أردوغان صلاحيات تنفيذية وتشريعية وقضائية، أبرزها:
– تعيين الحكومة
– تعيين الوزراء، وكبار الموظفين الحكوميين واختيار نائب أو أكثر للرئيس.
– يعتزم أردوغان، تقليص عدد الوزراء الجدد الذين سيصبحون مسؤولين أمامه وليس أمام البرلمان.
– امتلاك سلطة رئيسي الجمهورية والحكومة.
– التعيينات والإقالات في السلك القضائي
– تعيين أعضاء في المجلس الأعلى للقضاة، كما يتولى التعيينات والإقالات في السلك القضائي.
– إعلان حالة الطوارئ قبل عرضها على البرلمان عند الحاجة إلى ذلك.
– إصدار المراسيم دون العودة إلى البرلمان.
تعهدات أمام “الضريح”
خلال زيارته إلى ضريح مؤسس الدولة التركية الحديثة، مصطفى كمال أتاتورك، دوَّن أردوغان بعض الكلمات في السجل الخاص حيث كتب “أن تركيا أغلقت أبواب السياسات الخاطئة وتجاوزت أخطاء النظام السابق”، مضيفاً “نحن منطلقون لتحقيق قفزات نوعية في مجال الاقتصاد”، مشيراً إلى أن تركيا ستصبح قريباً من الدول الـ 10 الكبار في العالم، وتعهد بمواصلة العمل على إعلاء شأن بلاده ونموها.
وبعد إتمام مراسيم التنصيب، كشف الرئيس أردوغان عن حكومته الجديدة المكونة من 16 وزيراً، أحدهم صهره بيرات البيرق الذي عين وزيرا للمالية، وأسندت وزارة الدفاع لقائد أركان الجيش خلوصي أكار، في حين حافظ مولود تشاوش أوغلو على موقعه كوزير للخارجية، وسليمان صويلو للداخلية، وقام اردوغانب تعيين فؤاد أقطاي نائباً له.
الإقتصاد.. أبرز التحديات
تعتبر الأزمة الاقتصادية أكبر تحدٍ لأردوغان خصوصاً مع ارتفاع نسبة التضخم وتدهور قيمة العملة وعجز كبير في الحسابات العامة رغم ارتفاع نسب النمو بشكل ملحوظ. هذا الوضع يعود جزئياً إلى عدم ثقة الأسواق بالاستراتيجية الاقتصادية للرئيس التركي الذي يدعو باستمرار إلى خفض نسبة الفوائد لمكافحة التضخم، في حين يوصي معظم الخبراء الاقتصاديين بالعكس.
من جهة أخرى، ألغت تركيا بموجب مرسوم عاجل بنداً قانونياً كان ينص على أن تكون ولاية محافظ البنك المركزي خمس سنوات، ونشر المرسوم قبل وقت قليل من أداء الرئيس أردوغان اليمين، حيث أعلن جميل أرتيم، مستشار الرئيس التركي مبادئ ومدد تعيين محافظ البنك المركزي والمسؤولين البارزين والتي ستتحدد في مرسوم منفصل مشيراً إلى أن “محافظ البنك المركزي يعينه الرئيس بشكل مباشر لمدة خمس سنوات. هذا أمر مؤكد”، مما يعني سيطرة أكبر لأردوغان على البنك المركزي، وهو ما قد يعني انهيار جديد في سعر صرف الليرة، واتجاه المستثمرين لسحب أموالهم من الأسواق التركية.
“نظام استبدادي”
يقول المعارضون إن هذه السلطات الجديدة تمثل توجهاً نحو نظام استبدادي، واتهموا أردوغان بتقويض المؤسسات العلمانية التي أنشأها أتاتورك، مؤسس تركيا الحديثة، وإبعادها بشكل أكبر عن القيم الغربية بشأن الديمقراطية وحرية التعبير.
غياب أوروبي
حضر مراسم التنصيب زعماء 22 بلداً ورؤساء حكومات وبرلمانات 28 دولة فضلاً عن أمناء ست منظمات دولية، من بينهم أمير قطر، الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، ورؤساء كل من السودان، عمر حسن البشير، وموريتانيا، محمد ولد عبد العزيز، والصومال، محمد عبدالله فرماجو، وجيبوتي، إسماعيل عمر جيله.
الغياب الكبير للدول الأوروبية كان حاضراً، حيث غابت الغالبية الساحقة من زعمائها واكتفت أغلب هذه الدول بحضور ضعيف على مستوى السفراء أو وفود متواضعة، ذلك يعكس مشهداً طبيعياً من التراجع الكبير الذي وصلت إليه العلاقات بين تركيا والاتحاد الأوروبي في السنوات الأخيرة وبشكل خاص مع أردوغان.
كما حضر رئيس الوزراء الروسي، دميتري مدفيديف، على رأس وفد روسي رفيع نيابة عن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، فيما لم يعلن عن أي حضور أمريكي رفيع المستوى.
المفاجئة كانت، حين نشر الرئيس الفنزويلي، نيكولاس مادورو، فيديو يظهر فيه وهو يقود سيارته متوجهاً إلى المطار ومنه إلى أنقرة لحضور مراسم تنصيب الرئيس التركي، حيث كتب مادورو، في تغريد على موقع “تويتر”، “أنا متوجه إلى مراسم أداء الرئيس رجب طيب أردوغان لليمين الدوستورية.. هو رئيس العالم المتعدد الأقطاب وصديق فنزويلا.”
مصدر الأخبار: وكالات.
مصدر الصورة: news.sol.org.tr.