إعداد: يارا انبيعة

بعد زيارة رسمية وتلبية لدعوة الملك السعودي سلمان بن عبد العزيز وفي إطار تعزيز العلاقات الثنائية بين المملكة العربية السعودية وجمهورية جنوب أفريقيا، اختتم الرئيس سيريل راما فوزا، رئيس جمهورية جنوب أفريقيا، زيارته الرسمية إلى المملكة العربية السعودية خلال الفترة 11 إلى 12 يوليو/تموز2018.

كما استقبل الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة بدولة الإمارات العربية المتحدة في أبوظبي، الرئيس الجنوب افريقي، حيث جرى خلال الاستقبال بحث سبل تعزيز علاقات الصداقة والتعاون ومجمل القضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك.

تعزيز آفاق التعاون

خلال جلسة مباحثات المشتركة، تم تبادل وجهات النظر حول سبل تطوير العلاقات الثنائية وتكثيف التعاون بين البلدين في المجالات السياسية والاقتصادية والثقافية والعسكرية والأمنية واستعرضا العلاقات المتنامية بين البلدين، مشيرين الى أهمية تعزيز العمل المشترك لنقل العلاقات الثنائية بينهما في جميع المجالات إلى آفاق أوسع وأشمل، وأكدا على ضرورة بذل المزيد من التعاون والجهد لزيادة التبادل التجاري بينهما، وزيادة الاستثمارات المشتركة في المشاريع الاقتصادية والبنية التحتية، وتقديم التسهيلات والحوافز لهذه الاستثمارات بما يتوافق مع طموحات البلدين والشعبين الصديقين. كما استعرض الجانبان خلال المباحثات القضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك وأهم التطورات في منطقة الشرق الأوسط والعالم.

حضر جلسة المباحثات عدد كبير من الأمراء والشخصيات والمسؤولين السعوديين، كالأمير خالد الفيصل مستشار خادم الحرمين، والأمير الدكتور منصور بن متعب وزير الدولة عضو مجلس الوزراء، والأمير عبد العزيز بن سعود بن نايف وزير الداخلية، وآخرين. من الجانب الجنوب أفريقي، حضرت لينديوي سيسولو، وزيرة الخارجية، وسفير جنوب إفريقيا لدى المملكة، وجيف راديبي، وزير الطاقة، ونوسيفيوي مافيسا نكاكولا، وزيرة الدفاع وقدامى المحاربين، والجنرال بهبكي سيلي وزير الداخلية، وجراتيتيود ماجونيشي، نائب وزير التجارة والصناعة وعدد من المسؤولين.

مرتكزات البيان المشترك

من أهم مرتكزات القمة التي جمعت السعودية وجنوب أفريقيا في الشأن الخاص بالبلدين هي تطوير العلاقات الثنائية وتكثيف التعاون، ونقل العلاقات الثنائية إلى آفاق أوسع وأشمل، وبذل المزيد من التعاون والجهد لزيادة التبادل التجاري، والعمل على زيادة الاستثمارات المشتركة في المشاريع الاقتصادية والبنية التحتية، وتقديم التسهيلات والحوافز للاستثمارات بما يتوافق مع طموحات البلدين.

وخلال المباحثات، كانت القضية الفلسطينية حاضرة، حيث أكد الجانبان على أهمية التوصل إلى حل شامل ودائم وعادل للقضية الفلسطينية وفقاً لمبادرة السلام العربية وقرارات الشرعية الدولية ذات الصلة بما يكفل استعادة الشعب الفلسطيني لحقوقه المشروعة، بما في ذلك إقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية.

الى ذلك، شدد الجانبان على وحدة اليمن، وتحقيق أمنه واستقراره، وعلى أهمية الحل السياسي لهذه الأزمة على أساس المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية، ومخرجات الحوار الوطني اليمني، وقرار مجلس الأمن رقم 2216، مؤكدين دعمهما للسلطة الشرعية في اليمن وللجهود المبذولة في هذا النطاق وتسهيل وصول المساعدات إلى المناطق اليمنية كافة، وإدانة استهداف أنصار الله  للمملكة من خلال إطلاقها للصواريخ الباليستية على أراضيها وتهديدهم لها بشكل دائم، والتنديد أيضاً بما تقوم به من أعمال تهدد أمن وسلامة الملاحة البحرية في البحر الأحمر.

اما فيما يتعلق بالأزمة السورية، أكد الجانبان على أهمية الوصول إلى حل سياسي للصراع في سوريا وفقاً لإعلان جنيف 1، وقرار مجلس الأمن رقم 2254 لإنهاء معاناة الشعب السوري، والحفاظ على وحدة سوريا وسلامة أراضيها وأهمية تسهيل وصول المساعدات الإنسانية وأعمال الإغاثة للاجئين السوريين داخل سوريا وخارجها.

وفي السياق ذاته، أكد الجانبان دعمهما لجهود الحكومة العراقية في توحيد الجبهة الداخلية لمحاربة الإرهاب الذي يمثل تهديداً لكل العراقيين، والحفاظ على وحدة العراق وسلامة أراضيه، وأهمية وقف التدخلات الأجنبية في الشأن الداخلي العراقي.

وفي الشأن اللبناني، أكدا على أهمية دعم الدولة اللبنانية، ونزع سلاح كافة التنظيمات الإرهابية.

“إعتدال” للفكر المتطرف

بإعتبار أن ملف الإرهاب هو ملف إستراتيجي ومهم لجميع البلدان التي عانت من فكره وتطرفه، أكد  الجانبان على ضرورة بذل المزيد من الجهود المشتركة لمكافحة الإرهاب والتطرف بكافة أشكاله وصوره وأياً كان مصدره، وعلى ضرورة احترام سيادة الدول وعدم التدخل في شؤونها الداخلية، والوقوف بحزم تجاه أي أعمال تقوم بها أي دولة لزعزعة استقرار دول منطقة الشرق الأوسط بشكل عام ومنطقة الخليج بشكل خاص.

وفي هذا الصدد أشاد رئيس جمهورية جنوب أفريقيا بجهود المملكة العربية السعودية في محاربة الإرهاب والفكر المتطرف ونبذ الطائفية والتي كان آخرها تأسيسها للمركز العالمي لمكافحة الفكر المتطرف “اعتدال” في العاصمة السعودية، الرياض.

“خارطة طريق”

من الواضح أن البيان السعودي – الجنوب أفريقي المشترك، رسم خارطة طريق طويلة المدى لشراكة وتحالفات متعددة الجوانب ليس فقط لتعزيز التعاون الإستراتيجي بين البلدين فحسب، بل لإحلال السلام والاستقرار في الشرق الأوسط وتعزيز الأمن والسلم العالمي، من خلال اللقاءات المكثفة بين الجانبين لتمتين التعاون في المجالات السياسية والاقتصادية والثقافية والعسكرية والأمنية لنقل العلاقات إلى آفاق أوسع.

ويرى العديد من المراقبين بأن “السعودية الجديدة” تعيد التموضع في مكانة تتواءم مع إمكانياتها ووفق خيارها الإستراتيجي لمتطلبات المرحلة الراهنة، خاصة في ظل ما يشهده النظام الدولي من تحولات تحتم على الدبلوماسية السعودية أن تتحرك شرقاً وغرباً، إذ تعتمد الرياض، لتحقيق هذا الهدف، على سياسة خارجية مؤسسة على الانفتاح على أكبر عدد ممكن من دول العالم، ومن ضمن هذه الدول جنوب أفريقيا، حيث شكلت نتائج زيارة الرئيس الجنوب أفريقي “خارطة طريق” لشراكة متعددة الجوانب حيث تضع مصالحها في الأولويات.

زيارة دولة

وصل الرئيس الجنوب افريقي إلى دولة الإمارات حيث شكلت الزيارة الأولى له بداية عهد جديد في مسار العلاقات الثنائية ذات التاريخ الطويل وخطوة مهمة على طريق إثراء وتعزيز العلاقات القوية بين البلدين، حيث التقى بعدد من المسؤولين الاماراتيين على رأسهم الشيخ عبد الله بن زايد آل نهيان وزير الخارجية والتعاون الدولي.

واحتفالا بمرور مائة عام على مولد الامارات الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان ورئيس جنوب أفريقيا الأسبق نيلسون مانديلا، أكد قادة البلدين التزامهم بفتح صفحة جديدة في تاريخ العلاقات الثنائية من خلال إعادة التأكيد على الالتزام العميق بمواصلة تعزيز علاقاتهما الثنائية القوية بين البلدين الصديقين بمختلف المجالات بما في ذلك التعاون في مجال التجارة والنقل وتطوير البنية التحتية والسياحة والتعدين والاستثمار والتعاون الثقافي.

وفي إطار دعم هذه الجهود تم عقد ملتقى الأعمال الإماراتي – الجنوب الأفريقي، حيث اعلنت ابو ظبي عن خططها لإستثمار 10 مليارات دولار في قطاعات رئيسية في اقتصاد جنوب أفريقيا مثل السياحة والتعدين وغيرها و ذللك لدعم التنمية المستدامة في البلاد.

كما رحبت الإمارات بالدور الإيجابي الذي تلعبه جنوب أفريقيا في إطار دعم السلام والاستقرار في القارة الأفريقية وتعهد الجانبان بالعمل سوياً وبشكل وثيق على تعزيز السلام والاستقرار والازدهار والتسامح في أفريقيا والشرق الأوسط.

مصدر الأخبار: وكالات.

مصدر الصور: الشرق الأوسط – البيان.