يان فان زيبروك*

مع وصول دونالد ترامب إلى السلطة وبدء حربه الاقتصادية والتجارية، كان وقع هذا الأمر في أوروبا بمثابة زلزال هز اقتصادهم وزعزع الشركات وباتت الاستثمارات الأوروبية في مهب الريح إن لم تجد حلولا جذرية لهذه المشاكل التي صنعتها الولايات المتحدة، فضلا عن الحرب التجارية إن كانت مع كندا أو الصين وروسيا وغيرهم.

 

تدمير الموارد والتوطين

إن إعادة التوطين، وتدمير الموارد لصالح الشركات الكبيرة متعددة الجنسيات، ونهاية أبسط وسائل الحماية الاجتماعية، والاستعباد في بعض البلدان للحفاظ على انخفاض الأجور وتعظيم الأرباح، يندرج ضمن الرؤية الجديدة للعالم التي خلقت مواجهات داخل بنية العمال أنفسهم.

لقد بدأت الشرارة في الولايات المتحدة، فأكثر من 20٪ من الأمريكيين وجدوا أنفسهم بلا عمل، وكانت الإصلاحات الاقتصادية التي قام بها أوباما كارثية بالنسبة للبلاد، ومنذ عام 2008 استمرت أزمة الرهن العقاري. في هذا السياق، لم تظن أوروبا التي تقودها ألمانيا أبدًا أن الولايات المتحدة يمكن أن تغدرها.

خلال أول تطبيقات ترامب لفرض ضرائب على دول أوروبية وصينية معينة، أظهر العديد من القادة الأوروبيين عضلاتهم، وكانت الصحافة تحلم بالكيفية التي سيواجه بها الاتحاد الأوروبي الولايات المتحدة.

جان كلود يشوه صورة الناتو

خلال قمة الناتو الأخيرة التي جرت في 11 يوليو/ تموز، كان هناك إهانة علنية حقيقية، من خلال رئيس المفوضية الأوروبية جان كلود يونكر “السكير”، طلب ترامب من الدول الأعضاء في الناتو بزيادة ميزانية دفاعهم “الخاص”، مطالبين منهم بزيادة قدرها 1.5 إلى 4٪ لميزانية حلف الناتو. لقد استجابت جميع الدول الأوروبية لكن ألمانيا ستزيد مشاركتها بنسبة 2٪ وكذلك فرنسا، ناهيك عن بلجيكا التي يجب عليها أيضًا دعم مركز قيادة هذه المنظمة، مع 9.4 مليار يورو، علاوة على ذلك، ما يسمى الاتحاد الأوروبي سيكون مستقلا عن الولايات المتحدة، فمن الضروري أن نعرف أنه بالنسبة للدول الجديدة التي تنضم إلى الاتحاد الأوروبي، فإن الالتزام هو العودة إلى داخل حلف الناتو في المقام الأول، حيث انضم للحلف: مقدونيا وألبانيا وجورجيا.

 كما يخطط الناتو لزيادة قوته البشرية مع حكومة النازيين الجدد في أوكرانيا، التي تنتظر بفارغ الصبر العودة إلى الحرب مع روسيا.

 بهذه الصورة المهينة، أظهر الاتحاد الأوروبي وجهه الحقيقي. لكن هذا ليس كل شيء، تركيا الانتهازية الدائمة تزيد ميزانيتها من أجل الناتو.

 

العقوبات ضد روسيا

في 5 يوليو قبل قمة حلف شمال الأطلسي، جدد الاتحاد الأوروبي عقوباته ضد روسيا، حيث رفضتها إيطاليا فقط، وقد أظهرت هذه العقوبات أنها كانت في معظمها ضارة بالأسواق الأوروبية. من ناحية أخرى، تمكنت روسيا من الانتعاش والتحول إلى الأسواق الآسيوية. وتمكنت من استبدال جميع الواردات الأوروبية بأخرى. مما يدل على أن سياسة الحركة الحرة للبضائع والسلع داخل أوروبا قد أدت إلى إفلاس هذه الشركات الصغيرة والمتوسطة، وهذا يدل على أنه على الرغم من الدراسات الجادة التي تثبت الدور الضار لهذه العقوبات، فقد واصل الاتحاد الأوروبي تنفيذ خطة جو بايدن، نائب الرئيس في عهد أوباما من خلال الترحيب علنا بفرض هذه العقوبات.

عقوبات ضد إيران

كان ترامب قد أعلن عن فرض عقوبات ضد إيران. العقول الأوروبية بالفعل نائمة ولم تتخذ أي ترتيبات كالعادة. وبينما تمكنت العديد من الشركات الأوروبية من التعافي من الخسائر الجسيمة بفضل رفع العقوبات، كان ينبغي إعدادها من خلال التدابير المالية والتحايل. وبينما كانت إيران وبوتين على استعداد لاستخدام اليورو في تعاملات مستقبلية مع الاتحاد الأوروبي، لم يتم البت في أي شيء في المؤسسات الأوروبية. لكن المشكلة أن الاتحاد الأوروبي لم يجمع بحسب القانون المعروف باسم “الانسداد” الذي سُن في عام 1996 لمواجهة العقوبات الأمريكية.

الناتو وروسيا ولعب تركيا

اتخذ الرئيس أردوغان نفسه الأمير مكيافيلي حيث أظهر مصطفى كمال أنه أمير مارق وأما العقوبات الامريكية على تركيا، في الحقيقة ما لا يقوله أردوغان هو أنه مدين بالليرة التركية مقابل شراء الدولار حين كان منخفضا، إلا أن العقوبات الأمريكية جعلت العملة التركية تنخفض مقابل الدولار، صحيح أن ترامب فعل ذلك وهو يدرك أن اللعب بين الناتو وروسيا كاللعب بالنار. حيث نسي أردوغان كلمات جورج بوش: “إما أن تكون معنا، أو أنت ضدنا”، هنا أراد أردوغان اللعب على كلا الطرفين، إلا أن ترامب يعرف أنه لن يستغرق الأمر الكثير ليعود أدروغان إلى سيده.

مصدر الصورة: أرشيف سيتا.

مصدر المقالة: عربي اليوم.

باحث في مركز سيتا*