يان فان زيبروك*

هوغو تشافيز: ضوء يبرز من الظلام

ينحدر الرئيس الفزويلي الراحل، هوغو تشافيز، من عائلة فقيرة، من الفلاحين الذين لا يملكون أرضاً. والداه كانا معلماه في شبابه، ولقد ثقف نفسه من خلال قراءة الموسوعات العلمية. كان يحلم بأن يكون رساماً ومن ثم لاعباً لـ “البيسبول” ليكون مشهوراً في العالم. خلال تدريبه العسكري، حصل على التدريب العلمي والسياسي ايضاً، ومن ثم أصبح خبيراً في سلاح المدرعات.

من خلال نظرته، اعتبر تشافيز أن الجيش الفنزويلي هو أفضل من طبقة “البرجوازية” الفنزويلية بأكملها، كونه يتحدر من الفنزويليين القادمين من الطبقات الشعبية (أصحاب الجذور الهندية) لا سيما هؤلاء في سلاح المشاة، علماً أن بعض القادة الضباط الكبار كانوا يقدرون ذلك أيضاً.

في العام 1975، صدر قانون تأميم النفط، وعلى الرغم من تدفق المال بدأت فنزويلا تنشهد نمواً في عدم المساواة الاجتماعية، حينها كان تشافيز من الفاعلين في المعارضة اليسارية. لقد كان هدفه الأساسي زرع الخلايا “البوليفارية” في الجيش، وتجنيد المتخصصين لهذا الغرض. وفي العام 1982، أسس حركة “MBR-200” (حركة الثورة البوليفارية 200)، حيث اعتمد على ما بين 8 إلى 10 ضباط، وما بين 20 إلى 30 طالباً، هادفاً الى تأسيس حكومة اشتراكية. وفي 27 فبراير/شباط من العام نفسه، قامت انتفاضة شعبية كبيرة كلفت الكثير من الدماء، وأثرت بشكل كبير على تشافيز.

في العام 1992، شارك، مع تحالف مدني وعسكري، في محاولة للاستيلاء على السلطة، لكنه فشل حيث أرسل إلى السجن مع 300 ضابط و10000 جندي. في نوفمبر/تشرين الثاني، كان لسلاح الجو دور مهم حيث بدأ يتعاطف مع “المتمردين”، فدعمه تشافيز ولكن بدون مشاركة فعلية.

في العام 1994، تم الإفراج عن تشافيز تحت شرط مغادرته للجيش، وهذه اللحظة كانت البداية له كزعيم سياسي. بعدها، زار تشافيز العديد من بلدان أمريكا الجنوبية والوسطى، ولكنه لقي ترحيباً استثنائياً في هافانا حيث التقى بالزعيم الكوبي الراحل فيدال كاسترو. في العام 1997، أطلق تشافيز حملته الانتخابية الرئاسية، فحصد 56٪ من الأصوات وأصبح، في ديسمبر/كانون الأول، رئيساً لفنزويلا.

لقد حاول دفع إصلاحاته إلى البرلمان. وفي 25 ابريل/نيسان 1999، وجد الفرصة مناسبة من أجل تنظيم استفتاء لتشكيل جمعية تأسيسية جديدة وجدولة انتخابات جديدة في العام 2000. وفي العام 2002، عانى تشافيز من “الثورات الملونة”، التي تم تنسيقها مسبقاً وتم الإعداد لها قبل شهور.

بعد بدء سريان سلسلة القوانين المثيرة للجدل، في نوفمبر/تشرين الثاني من العام 2001، وفي محاولة الحكومة لتعزيز سيطرتها على شركة النفط الوطنية الفنزويلية، بدأت الاضطرابات العامة، في ديسمبر/كانون من العام 2001، وظلت مستمرة لأشهر عديدة، حيث كان مطلبها الأول استقالة تشافيز. وفي بداية شهر إبريل/ نيسان، أدت المواجهة بين الحكومة والمعارضة إلى إضراب عمال شركات النفط، والذي تحول إلى إضراب عام، في 9 أبريل/نيسان من العام 2002، بدعم من اتحاد العمال الفنزويليين ومن قبل اتحاد أرباب العمل.

وفي 11 إبريل/نيسان، تحولت وجهة المظاهرة المعارضة الى القصر الرئاسي، حيث وقع العديد من الاصابات بين معارضي ومناصري الرئيس من جراء عمليات اطلاق النار. وفي هذا المناخ، لعبت وسائل الإعلام وقنوات المعارضة دوراً رئيسياً في زعزعة الاستقرار، ولا سيما من خلال تغطيتها الإعلامية للمعارضة، حيث دعت، في نفس اليوم الذي وقع فيه الاحداث الدامية، المتظاهرين إلى التوجه نحو القصر الرئاسي، كما دعت الجيش الى التدخل.

إلى ذلك، رفضت وسائل الإعلام هذه إعطاء أية فرصة لأنصار تشافيز للتحدث عبرها، أو تغطية مطالبهم بالإفراج عنه بعدما تم اعتقاله من قبل الجيش، أو أنه لم يقدم استقالته. وبعدما استولى أنصار شافيز على القصر الرئاسي، توقفت وسائل الإعلام الفنزويلية الرئيسية الخاصة عن التغطية، وألغت صحيفتان رئيسيتان عددها الخاص ليوم الأحد.

وبعد الانقلاب، تمكنت التحقيقات من التعرف على مسلح قام بإطلاق النار على مناصري الرئيس، في حين كانت الأخبار المتناقلة تركز على أن مؤيدي تشافيز هم من كانوا يطلقون النار على الحشود، الأمر الذي أسفر عن وقوع العشرات من القتلى. في تلك الأثناء، أطلق سراح تشافيز بفضل الشعب المخلص له، وبعدها تعرض إلى العديد من محاولات الاغتيال.

قبل تشافيز وفي العام 1996 تحديداً، كان 70.8٪ من الفنزويليين يعيشون تحت خط الفقر، وهذا ما دفع بالفلاحين إلى ترك الريف، كما تم تسريح الكثير من عمال المصانع. ومع قيام الثورة البوليفارية، تحت قيادة تشافيز، تم اعتماد سياسة اجتماعية حقيقية أدت التخفيف الكبير من نسب البطالة، واعتماد حد أدنى جديد للأجور، وفرص للحصول على مسكن، إضافة إلى الحق في الصحة، والتعليم، ونظلم تقاعد.

لقد سعى تشافيز للقضاء على الأمية، وكان الرئيس الفنزويلي الوحيد الذي وضع سياسة “الديمقراطية التشاركية”، ومراقبة التبادل، وتأميم قطاعات الطاقة. لقد اهتم تشافيز كذلك بوضع سياسة إعادة توزيع الثروة ضمن القطاعات العامة، ووضع نظام هائل لإستصلاح الأراضي، كما قام بتطوير البنى التحتية من طرق وسكك حديد وجسور وسدود وخطوط أنابيب الغاز والبترول.

*باحث في مركز “سيتا”

المصادر:

http://bit.ly/2GNZsrO

http://bit.ly/2GNZsrO

http://bit.ly/2rlcnsP

http://bit.ly/2n3W6a9

http://bit.ly/2GLFJJ1

http://bit.ly/2nxOZc0

http://bit.ly/2EcmrOJ

http://bit.ly/2s94SKF

http://bit.ly/2EgyOcv

http://bit.ly/2EgWIo8

http://bit.ly/2E19MdW

http://bit.ly/2FHL8j8

http://bit.ly/2GIL5F7

http://bit.ly/2BThN2V

http://bit.ly/2iniHR2

مصدر الصور: العربية.