إعداد: يارا انبيعة
اختتم قادة القمة الثلاثية، تركيا وروسيا وإيران، التي انعقدت في طهران، 7 سبتمبر/أيلول 2018، أعمالها بصدور بيان ختامي تضمن العديد من المحاور منها إدلب، والاتفاق على إمكانية عقد مؤتمر دولي حول اللاجئين السوريين.
وعبر البيان عن ارتياح القادة للمشاورات المفيدة بين كبار المسؤولين والمبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة إلى سوريا، ستيفان دي ميستورا، مشددين على ضرورة دعم جميع الجهود الرامية إلى مساعدة جميع السوريين على استعادة حياتهم الطبيعية والهادئة والتخفيف من معاناتهم. وأكد الزعماء الثلاثة من جديد قناعتهم بأنه لا يمكن أن يكون هناك حل عسكري للصراع السوري، وأنه لا يمكن أن ينتهي إلا من خلال عملية سياسية متفاوض عليها. وأكدوا من جديد عزمهم على مواصلة التعاون النشط من أجل دفع العملية السياسية بالتوافق مع قرارات مؤتمر الحوار الوطني السوري في سوتشي، وقرار مجلس الأمن رقم 2254.”
إستفزازت مستمرة
خلال كلمته، أشار الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، إلى أنه تم تحرير حوالي 95% من أراضي سوريا من قبضة المسلحين، وأضاف “المجموعات المتبقية للمتطرفين متمركزة في الوقت الراهن في منطقة خفض التصعيد بإدلب، ويقوم الإرهابيون بمحاولات تعطيل نظام وقف إطلاق النار، وينفذون ويعدون أنواعاً مختلفة من الاستفزازات منها استخدام الأسلحة الكيميائية.”
وشدد بوتين على أنه لا يمكن إهمال عمليات القصف والهجمات التي ينفذها الإرهابيون من إدلب، موضحاً انه “يحتشد في منطقة إدلب لخفض التصعيد عدد كبير من السكان المدنيين، وعلينا، بلا شك، أن نأخذ ذلك بعين الاعتبار، لقد قلت إن هناك استفزازات مستمرة، ويجري تنفيذ هجمات منها باستخدام طائرات مسيرة، بالإضافة إلى عمليات قصف، ولا نستطيع أن نتجاهل ذلك.”
الحق في إستعادة السيطرة
من جهة أخرى، أكد بوتين أن السلطات السورية لديها الحق في بسط سيطرتها على المحافظة وباقي مناطق البلاد الباقية في قبضة المسلحين، وأضاف “علينا التفكير سوية في كل جوانب هذه القضية المعقدة وحلها بصورة مشتركة، مع فهم أن الحكومة الشرعية السورية لديها الحق في إحلال سيطرتها على كل أراضيها الوطنية، وهذا ما يجب أن تفعله في نهاية المطاف”، واعتبر الرئيس الروسي أن تنفيذ هذه المهمة يجب أن يجري بإستخدام الآليات التي أتاحت حل مثل هذه المشاكل في الماضي القريب قائلاً “يجب الاستفادة من هذه الآليات من أجل تنسيق أعمالنا في جميع هذه الاتجاهات والتقدم عبر سبيل تنظيم عمل اللجنة الدستورية”.
التسوية وفق أستانا
كما أشار الرئيس بوتين إلى التطرق لـ “الأوضاع في منطقة خفض التصعيد بإدلب، واتفقنا على البحث عن سبل التسوية فيها بالتوافق مع المبادئ وروح التعاون التي تتميز بها عملية أستانا”، وشدد الرئيس الروسي على ضرورة العمل المتضامن في إطار منصة أستانا بين الدول الضامنة لها، أي روسيا وتركيا وإيران، للإسهام في تسوية الأزمة السورية.
في هذا السياق، قال بوتين “إنني على يقين بأن كل ذلك لن يؤدي على الأرجح إلى نتيجة إيجابية دون عملنا المتضامن في إطار عملية أستانا”، وأردف “لهذا السبب أقترح تعزيز التنسيق بيننا عبر اتجاهات كل من وزارات الخارجية والدفاع والاستخبارات.”
وأكد الرئيس الروسي أن الحلول والاتفاقات التي تم التوصل إليها خلال القمتين الثلاثيتين السابقتين حول سوريا “تطبق بنجاح” وأتاحت تحقيق تقدم كبير في عملية التسوية السياسية في البلاد، مشيراً إلى أنه “تم اتخاذ خطوات ملموسة في مجال المصالحة السورية السورية، وبالدرجة الأولى على الأرض… يمكن التأكيد بكل قناعة أنه تم تهيئة جميع الظروف الملائمة لكي يعمل السوريون بأنفسهم على تحديد مستقبل بلادهم.”
إعلان هدنة
من جانبه، دعا الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، إلى إعلان هدنة في محافظة إدلب قائلاً “إنني على يقين بأن إعلان هدنة سيمثل لنتيجة الأهم لهذه القمة”، معتبراً أن اتخاذ هذا القرار من شأنه أن يؤدي إلى هدوء السكان المدنيين في إدلب و”انتصار لهذه القمة” عبر توجيه رسالة إلى الرأي العام الدولي بأن الدول الضامنة لن تسمح بحدوث موجة عنف وأزمة إنسانية جديدة بسوريا، مشدداً على أن إدلب تمثل “مسألة هامة بالنسبة لأمن تركيا”، معتبراً أنه “لا يمكن إبقاء المحافظة تحت رحمة (الرئيس السوري بشار الأسد).
إلى ذلك، قال أردوغان إن إدلب هي المنطقة الأخيرة المتبقية من مناطق خفض التصعيد، والمعارضة تشعر بتعرضها للخداع عقب التطورات التي حدثت بعد تأسيس تلك المناطق، وشدد على أن بلاده التي أخلصت في هذا المسار ترى أن الأمور تنزلق نحو نقطة خطيرة للغاية حيث “إننا لا نريد أن تتحول إدلب إلى بحيرة دماء، ونريد، كأصدقاء لكم، أن تؤيدوا هذه الجهود حتى نتجنب إزهاق الأرواح في المنطقة.”
إلقاء السلاح
من جانبه أشار الرئيس الإيراني، حسن روحاني، إلى أن الطلب المتفق عليه هو أن يلقي الإرهابيون أسلحتهم، وقد وافق الرئيس بوتين على هذه الصيغة، فيما خلص روحاني إلى القول “نحن ندعو كل الإرهابيين إلى أن يسلموا الأسلحة وأن يواصلوا السعي لأهدافهم إن كانت موجودة لديهم بالطرق السلمية.”
وكان الرئيس روحاني قد أكد أمام القمة أن التدخل الأميركي في سوريا يضر بالحل السياسي وأن في أي مفاوضات سياسية يجب التأكيد على وحدة الأراضي السورية والاستمرار بمكافحة الإرهاب وخاصة في إدلب، كما يجب توفير الأرضية المناسبة لعودة اللاجئين إلى بلادهم، مضيفاً ان التعاون بين الدول الثلاث “سيستمر من أجل إحلال السلام وإنهاء الأزمة السورية” وأن بلاده “تثمن كافة الجهود الإقليمية والدولية في مكافحة الإرهاب.”
وحول إيجاد مفاوضات بين المجموعات المسلحة، أشار روحاني أن الأرضية متوفرة لبدء مفاوضات بين كافة الأطراف السورية، وبالنسبة إلى وجود المستشارين الإيرانيين في سوريا قال “إن الحكومة الشرعية طلبت المساعدة من إيران ونحن لبينا الدعوة في مكافحة الإرهاب” مشيراً إلى أن مكافحته تتطلب رؤية شاملة حيث يجب اقتلاعه من جذوره.
إدلب في مجلس الأمن
الرد السوري حول ملف إدلب كان حاضراً، ففي جلسة لمجلس الأمن حول إدلب قال مندوب سوريا في مجلس الأمن، الدكتور بشار الجعفري إن بلاده “عازمة على مكافحة الإرهاب واجتثاثه وتحرير أراضيها ممن وصفهم بالإرهابيين والمحتلين الأجانب”، وأضاف “في حال رفضت المجموعات الإرهابية إلقاء السلاح ومغادرة الأراضي السورية إلى المكان الذي قدمت منه فقد اتخذت الحكومة السورية وإدراكاً منها للمسؤوليات الإنسانية التي قد تنجم عن تحرير محافظة إدلب من تنظيم جبهة النصرة الإرهابي والجماعات الإرهابية الأخرى المرتبطة بها التي لم تكن طرفاً في تفاهمات أستانا، جميع الاحتياطات والاستعدادات اللازمة لحماية المدنيين وتوفير الممرات الآمنة لخروجهم على غرار ما حصل في حالات مماثلة سابقة وتقديم المأوى والغذاء والعلاج لهم، كما أنها بادرت إلى حث المنظمات الدولية العاملة في سورية على الاستعداد لتلبية الاحتياجات الإنسانية الطارئة.”
وتابع الجعفري قائلاً إن “أي تحرك تقوم به الحكومة السورية لطرد التنظيمات الإرهابية من إدلب هو حق سيادي مشروع تكفله مبادئ القانون الدولي وأحكام الميثاق وقرارات مجلس الأمن الخاصة بمكافحة الإرهاب وتفاهمات أستانا وأن هذا التحرك يأتي تلبية لطلب ملايين السوريين بمن فيهم أهالي إدلب الذين تحاصرهم التنظيمات الإرهابية”، مشيراً إلى أنه “لا يحق لأي دولة أو جهة كانت أن تحاول الانتقاص من هذا الحق أو المتاجرة سياسياً وإعلامياً بمعاناة المدنيين في إدلب لثني الحكومة السورية عن واجبها في إعادة الأمن والاستقرار والحياة الطبيعية إلى هذه المحافظة.. ودفاع البعض عن عناصر التنظيمات الإرهابية الموجودة في إدلب ومحيطها ليس سوى محاولة يائسة لإنقاذهم وزيادة فترة صلاحيتهم تمهيداً لإعادة تدويرهم ونقلهم ليمثلوا معارضات مسلحة بالغة الاعتدال في دول أخرى.”
مصدر الأخبار: وكالات.
مصدر الصورة: أرشيف مركز سيتا.