إعداد: يارا انبيعة

هددت الولايات المتحدة باتخاذ موقف صارم من المحكمة الجنائية الدولية، إذا شرعت في ملاحقة أمريكيين فيما يتصل بمزاعم عن جرائم حرب في أفغانستان وقالت إنها ستغلق مكتب منظمة التحرير الفلسطينية لأنه يسعى لمعاقبة إسرائيل عن طريق المحكمة.

فيما ردت المحكمة الجنائية الدولية، على تهديدات جون بولتون، مستشار الأمن القومي الأمريكي، بفرض عقوبات على قضاتها في حال حققوا في الأنشطة الأمريكية في أفغانستان.

فرض عقوبات

 

جون بولتون مستشار الأمن القومي للرئيس دونالد ترامب قال في كلمة أمام الجمعية الاتحادية وهي جماعة محافظة في واشنطن: ستستخدم الولايات المتحدة أي وسيلة ضرورية لحماية مواطنينا ومواطني حلفائنا من المقاضاة الجائرة من هذه المحكمة غير الشرعية، وحذر بولتون من أن الرد الأمريكي قد يشمل فرض عقوبات على قضاة المحكمة إذا بدأوا إجراءات الملاحقة القانونية.

وأضاف أن أمرا صدر لمكتب منظمة التحرير الفلسطينية في واشنطن بالإغلاق بسبب القلق من المحاولات الفلسطينية الرامية إلى دفع المحكمة الجنائية الدولية لفتح تحقيق في أمر إسرائيل، وذكر بولتون أنه لا يعتقد أن إغلاق مكتب المنظمة في واشنطن سيغلق الباب أمام خطة السلام العربية الإسرائيلية التي يطورها كبير مستشاري ترامب وصهره جاريد كوشنر منذ شهور.

تقويض السلام

 

رحبت إسرائيل بقرار إدارة ترامب واتهمت الفلسطينيين باعتبار المحكمة وسيلة لتجاوز المحادثات الثنائية برعاية أمريكية والتي توقفت في 2014، وقال مسؤول إسرائيلي طلب عدم نشر اسمه، لجوء الفلسطينيين إلى المحكمة الجنائية الدولية ورفضهم التفاوض مع إسرائيل والولايات المتحدة ليس أسلوبا للنهوض بالسلام وإنه لأمر طيب أن الولايات المتحدة اتخذت موقفا واضحا في هذا الشأن.

الاستقلال والحيادية

 

بعد يوم من تهديد جون بولتون بفرض عقوبات إذا حققت المحكمة في الأنشطة الأمريكية بأفغانستان، ردت المحكمة على تهديدات بولتون في بيان لها: إنها ستواصل عملها دون أن يردعها شيء، وأكدت إنها مؤسسة مستقلة وحيادية تدعمها 123 دولة.

وتابعت: المحكمة الجنائية الدولية، بصفتها ساحة قضاء، ستواصل عملها دون أن يردعها شيء، تماشيا مع تلك المبادئ ومع فكرة حكم القانون الشاملة.

ضغط أمريكي

وقال الفلسطينيون إن هذا لن يثنيهم عن الذهاب للمحكمة الجنائية الدولية، ووصفوا الإغلاق المزمع لمكتب بعثة منظمة التحرير الفلسطينية بأنه أحدث أسلوب للضغط تتبعه إدارة ترامب التي أوقفت تمويل وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين في الشرق الأدنى (الأونروا) وخفضت تمويل المستشفيات في القدس الشرقية التي يريدها الفلسطينيون عاصمة لدولة مستقبلية.

وأكد صائب عريقات أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية في بيان أن حقوق الشعب الفلسطيني ليست للبيع مضيفا “لن نستسلم للتهديدات والبلطجة الأمريكية، كما حث المحكمة الجنائية الدولية على الإسراع في فتح تحقيق جنائي فوري في جرائم الاحتلال الإسرائيلي”.

استغلال المحكمة

 

في مايو/أيار الماضي 2018، طلب وزير الخارجية الفلسطيني رياض المالكي من المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي التحقيق في جرائم ارتكبتها إسرائيل، والتقى بفاتو بنسودا المدعية العامة للمحكمة في هولندا، وقال المالكي: إن هذا اختبار للمحكمة لا ينبغي أن تخسره، مضيفًا أن دولة فلسطين تسعى إلى العدالة وليس إلى الانتقام.

وردت الحكومة الإسرائيلية على إحالة السلطة الفلسطينية قضية الاستيطان وجرائم الحرب الإسرائيلية ضد الفلسطينيين إلى المحكمة الجنائية الدولية واصفة إياها بـ “خطوة تبعث على السخرية”.

وقال بيان صادر عن ديوان رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، إن إسرائيل ترى أن التوجه الفلسطيني إلى المحكمة الجنائية الدولية، يشكل خطوة ساخرة لا أرضية قانونية لها، مشيرا إلى أن الفلسطينيين يستغلون المحكمة لأغراض سياسية بدلا من العمل على استئناف العملية السلمية مع إسرائيل.

ووقعت فلسطين على إحالة الحالة إلى المحكمة الجنائية الدولية، بحيث تغطي الجرائم الإسرائيلية في الماضي والحاضر والمستقبل، التي تتعلق بالنظام الاستيطاني غير الشرعي في الضفة الغربية بما يشمل القدس الشرقية.

ميثاق روما

 

في 17 يوليو/تموز 1998 وافقت 120 دولة في اجتماع للجمعية العمومية للأمم المتحدة في إيطاليا على ما يُعرف بميثاق روما، واعتبرته قاعدة لإنشاء محكمة جنائية دولية دائمة، وعارضت هذه الفكرة سبع دول، وامتنعت 21 عن التصويت.

واعتبر الميثاق أن ملايين الأطفال والنساء والرجال في القرن العشرين الذي شهد حربين عالميتين قد وقعوا “ضحايا لفظائع لا يمكن تصورها هزت ضمير الإنسانية بقوة” وأنه شهد “جرائم خطيرة تهدد السلم والأمن العالمي” وأن مثل هذه الجرائم لا يجوز أن تمر دون عقاب.

وتأسست المحكمة الجنائية الدولية بصفة قانونية في الأول من يوليو 2002 بموجب ميثاق روما، الذي دخل حيز التنفيذ في 11 أبريل من السنة نفسها، بعد تجاوز عدد الدول المصادقة عليه ستين دولة.

وتختص المحكمة الجنائية الدولية بمتابعة الأفراد المتهمين بـ”جرائم الإبادة الجماعية”، وتعني حسب تعريف ميثاق روما، القتل أو التسبب بأذى شديد بغرض إهلاك جماعة قومية أو إثنية أو عرقية أو دينية إهلاكًا كلياً أو جزئياً.

و”الجرائم ضد الإنسانية”، هي أي فعل من الأفعال المحظورة المنصوص عليها في نظام روما، إذا ارتكب بشكل منظم وممنهج ضد مجموعة من السكان المدنيين، مثل القتل العمد والإبادة والاغتصاب والإبعاد والنقل القسري والتفرقة العنصرية والاسترقاق.

فيما تعني “جرائم الحرب”، كل الخروقات المرتكبة بحق اتفاقية جنيف لسنة 1949، وانتهاك قوانين الحرب في نزاع مسلح دولي أو داخلي.

ويمكن للمحكمة أن تنظر بقضايا أشخاص متهمين بارتكاب هذه الجرائم مباشرة، أو آخرين لديهم مسؤولية غير مباشرة فيها، كالمسؤولية عن الإعداد أو التخطيط، أو مسؤولية التغطية عنها، أو مسؤولية التشجيع عليها.

مصدر الأخبار: وكالات.

مصدر الصورة: بوابة الفجر.