طغت اللهجة التهديدية على المواقف التصعيديّة لكلّ من المندوبة الأميركيّة، نيكي هايلي، والمندوب الإسرائيلي، داني دانون، في جلسة مجلس الأمن الدولي التي تناولت مسألة “الأنفاق” التي اتهمت إسرائيل “حزب الله” بحفرها، محاولان من خلال هذه المواقف إلقاء الّلوم على الدولة اللبنانية والمؤسسة العسكرية، وقوّات اليونيفيل، لعدم تمكنّها من ردع حزب الله ومنعه من انتهاك القرارات الدولية وتجاوز الخط الأزرق.
إلاّ أنّ مواقف دول أخرى، في الجلسة التي لم ينتج عنها أي قرار أو بيان، توحّدت في الدعوة إلى تهدئة الأمور بين الطرفين، والإعتراف بخروقات اسرائيل اللامتناهية على لبنان وحدوده، وحقّه في المقاومة.
ويتساءل البعض عن هدف إسرائيل من طرح مسألة الأنفاق في الوقت الراهن، ومخطّطاتها تجاه لبنان، وفي هذا السياق، يعيد مؤسس ومدير مركز “سيتا” الباحث في العلاقات الدوليّة الدكتور علوان أمين الدين، هذه الخطوة إلى تورط اسرائيل بأزمة فساد داخلية بسبب رئيس مجلس الوزراء، بنيامين نتنياهو، الّذي لجأ إلى موضوع الأنفاق بهدف تشتيت الرأي العام الإسرائيلي وإبعاد الأنظار عن ملفاته الداخلية الّتي قد تجبره على التنحّي عن منصبه.
ويرى أمين الدين في حديثه لـ “السياسة” أنّ “الصدام الأخير في غزّة الذي هُزمت اسرائيل خلاله وأدّى إلى استقالة وزير الدفاع، أفيغدور ليبرمان، ونتج عنه اقتراح إجراء انتخابات مبكّرة قبل استدراك الأمور وتعيين وزير دفاع آخر، إضافة إلى حجم صواريخ حزب الله وقوّته العسكرية. كلّ هذه الأمور مجتمعةً أدّت إلى لجوء إسرائيل إلى مجلس الأمن الدولي والإبتعاد عن الخطوات العسكرية المباشرة.”
وبحسب تحليل أمين الدين، فعمل اسرائيل العسكري قد يزيد في سوريا، بإستهداف عناصر حزب الله والقوّات الإيرانية، ويأتي ذلك للتغطية على الإنسحاب الأميركي، وللحفاظ على هيبة الداخل الإسرائيلي من جهة أخرى.
ويشير أمين الدين إلى أنّ اسرائيل قد تلجأ إلى العمل الأمني كتعويض عن العمل العسكري، واستهداف شخصيات لبنانية مهمّة من خلال التفجيرات لعدم قدرتها على الدخول في حرب شاملة.
وعن موقف ممثّلي الدول في جلسة مجلس الأمن، وخطابات مختلف الأطراف الّتي أجمعت على تهدئة الأمور بين الطرفين، يعيد أمين الدين ذلك إلى “الخروقات الإسرائيلية تجاه لبنان والّتي تصل لحدود 150 مخالفة شهرياً حسب الإحصاءات، أضف إلى ذلك، المساعي الدولية لتهدئة الوضع في سوريا وإعادة إعمارها والإستفادة من النفط والغاز والطاقة، والجوّ المتوتّر في المنطقة لن يساعد على تحقيق هذا الهدف.”
وفيما يخص أهداف اسرائيل في اللجوء إلى مجلس الأمن الدولي بحجّة خرق لبنان للقرار 1701 وطموحها في الانتقال الى الفصل السابع بإشراك الأمم المتّحدة كي لا تتواجد منفردة في الواجهة، يقول أمين الدين “لن تستطيع إسرائيل تحقيق هذا الهدف أو اتّخاذ أي قرار في مجلس الأمن الدولي، لأن مواقف الدول الكبرى لن تساعدها على ذلك.” ويشدّد هنا على دور روسيا التي تسعى إلى إنهاء الحرب في المنطقة، وتهدئة الوضع “وبالتالي لن تقبل أن يكون لبنان ساحة اقتتال تؤثّر على ما أنجزته في سوريا”.
ويردف: “كما أنّ المعطيات الدولية اليوم تغيّرت، فمثلاً في الوقت الذي لا يريد الطرف الروسي الخوض في حرب مع اسرائيل، في مكان آخر لا يريد تخفيف قوّة حزب الله أيضاً، لأن هذه القوّة تصبّ في مصلحته وتؤثّر على الوضع في المنطقة كعامل لحفظ الإستقرار ومحاربة الإرهاب.”
المصدر: نور طوق – موقع السياسة اللبنانية.
مصدر الصورة: سكاي نيوز عربية.